الكولونيل شربل بركات/ذكرى شهداء مجزرة عين إبل التي وقعت في الخامس من ايار سنة 1920

116

ذكرى شهداء مجزرة عين إبل التي وقعت في الخامس من ايار سنة 1920
الكولونيل شربل بركات/05 آيار/2025
تمر الذكرى ولبنان لا يزال يعاني من القلق على المصير. فلم تنتهِ بعد ذيول الحرب القاسية التي ضربت الغطرسة والاستقواء بالسلاح وجعل لبنان ساحة لحروب الآخرين. وقد عانينا منها طيلة أكثر من نصف قرن ولا نزال نعيش مأساة قتل الأبرياء وتشريد الآمنين وتلطيخ صور التعاون على صنع الخير والتأمل بمستقبل زاهر لشعوب المنطقة. وبالرغم من الهزيمة التي مني بها العثمانيون يومها بقي العمل على بث الأحقاد جاريا كما هي الحالة اليوم، ولم يقبل من اعتقد بامتلاك السلطة بأن شيئا تغيّر وعليه القبول بالواقع والخروج من زهوة الحلم.

بعد مئة وخمسة أعوام خلت نسترجع تلك الحقبة ونحن نحاول أن نفهم ما جرى من تعبئة للنفوس، لا بل نرى بوضوح كيف تستعاد الأحداث من حولنا، حيث لا يزال الحقد الأعمى يصارع الواقع دون أن يعرف كيف يطفئ نيران الغيظ المبني على أوهام التحكم بالآخر والإستقواء بالسلاح ونشر الظلم لفرض الرأي.
وها هو الجنوب اللبناني مهجّر وقراه مدمرة وفارغة لا حياة فيها، بينما حاكم الشام، الذي حاول التمسك بأذيال بقايا العثمانيين يومها، يستعمل نفس الوسائل والاهداف ليفرض نفسه على المختلفين من جماعته بالتهويل لا بل بالقتل مرة أخرى.

في الخامس من ايار 1920 كان الهجوم على عين إبل الرسالة التي بعث بها بقايا الضباط العثمانيين الذين استقووا بالسلاح والمال المغدق عليهم من قبل البلاشفة لمنع وصول الحلفاء إلى حدود روسيا، فنفذ يوسف العظمة وأمثاله خطة “تشكيلات مخصوصة” لتغيير الوضع في الشرق الأوسط برمته، وكانت الهجمات ضد الحلفاء في العراق وفلسطين وجنوب تركيا، ولم يكن لشيعة لبنان ولا لحكم فيصل مصلحة بذلك سوى تحمّل النتيجة المؤلمة.

اليوم تصارع إيران المنهزمة في حروبها التوسعية على تعدد جبهاتها حيث يعاني الفلسطينيون واللبنانيون واليمنيون والعراقيون والسوريون من أجل أن تحمي برنامجها النووي الذي تريد منه المزيد من السيطرة على الجيران، وهي تخوض المفاوضات وتستعمل من تبقّى من أذنابها للضغط من أجل التأثير على النتائج، ولكن شعوب المنطقة هم من يتحمّل الآلام فمتى ينتهي المخاض؟

في جنوب سوريا يقاتل الاسلاميون القادمون من دول وسط آسيا بأوامر السلطان الجديد المواطنون الدروز ويخاف العلويون من الانتقام المتكرر على سياسات الأسد الحاقدة في الغرب بينما يصارع الكرد في الشمال للحفاظ على مناطقهم، فهل تنتهي هذه الصراعات بتفاهم على طريقة الحكم في دمشق ومن دون تعاظم الأحقاد وتزايد القتل؟ وهل تنتهي مشاكل لبنان بالاتعاظ والتسليم بسلطة الدولة وسيادة القانون؟ ام أننا لا نزال نعيش فترة انتظار الحلول الكبرى التي سترسم خريطة جديدة للشرق الأوسط تقوم على مبادئ السلام والتعاون والانفتاح التي ستجر الاستقرار والازدهار والطمأنينة؟ فننسى الأيام القاسية ونحلم بالآتي من الرفاه؟

في الذكرى الخامسة بعد المئة لمأساة أهلنا في عين إبل والتي نتج عنها نشؤ لبنان الكبير هل سنشهد بعد هذا المخاض العسير قيامة شرق أوسط جديد خال من الأحقاد والعنف؟..

**اضغط هنا لدخول صفحة الكولونيل شربل بركات على موقعنا المنشورة عليها كل مقالاته وكتبه وتحليلاته

**Click here to access Colonel Charbel Barakat’s page on our website, where all his articles, books, and analyses are published.

Share