نوال نصر: الأب منصور لبكي: لا أحمل ضغينة لأحد وبرحمة إمي لم أرتكب جريمة /رابط فيديو مقابلات وجدانية وإيمانية مع المونسينيور منصور لبكي يرد من خلالها على الإتهامات ويشرح الإضطهاد الذي يعيشه
رابط فيديو مقابلة وجدانية وإيمانية مع المونسينيور منصور لبكي يرد من خلالها على الإتهامات ويشرح الإضطهاد الذي يعيشه
المونسينيور منصور لبكي يتحدث عن إبنة شقيقته وماذا قال عن جاهدة وهبة وماجدة الرومي وهبة طوجي؟ 17 نيسان/2025
عزف “تعال بيننا” وحكى عن آلامه وترانيمه والجمعة العظيمة…. الأب منصور لبكي: لا أحمل ضغينة لأحد و”برحمة إمي” لم أرتكب جريمة نوال نصر/نداء الوطن/18 نيسان/2025
المقابلة منقولة عن موقع الفن وهلا المر اجرتها وهي كتبت تقول: في حضرة الكلمة والرسالة… لقائي مع الأب منصور لبكي. حوار يتخطى الزمن، ويحاكي أعماق القلب.. يمكنكم متابعة الجزء الاول من الحلقة على يوتيوب وموقع الفن حل المونسينيور منصور لبكي ضيفاً على سفيرة الإعلام الهادف هلا المر، في مقابلة استثنائية تم تصويرها قبل عدة سنوات. موقع الفن احتفظ بالمقابلة لعرضها في الوقت المناسب، إذ إن الأب لبكي تحدث في هذه المقابلة القيّمة للغاية، عن العديد من المواضيع، والشائعات التي طالته خلال السنوات الأخيرة، منها اتهامه بالاعتداء اللاأخلاقي على قاصرات، والحكم الذي صدر في حقه. لبكي تحدث عن الظلم الكبير الذي تعرض له، وعن الاضطهاد الذي يعيشه بانتظار براءته الواثق منها، ورد على كل ما حصل، مشيراً إلى أن ما جرى معه جعل كثيرين يؤمنون أكثر. كما رد على اتهامات ابنة شقيقته والسيدة الفرنسية المسؤولة عن البيت اللبناني الذي أسسه في لورد، واللتين تواطأتا ضده. مقابلة شيقة للغاية تتابعون الجزء الأول منها في الفيديو المرفق.
الياس بجاني/14 نيسان/2025: ألف تحية للكبير بإيمانه الماروني واللبناني المثال والقدوة المونسينيور منصور لبكي.. وألف تحية إكبار لإيمانه الراسخ والصلب ولتواضعه وقدرته على الغفران والمحبة..نموذج و قدورة لكل انسان يؤمن ويخاف يوم الحساب ويضحي دون حساب.
رابط فيديو مقابلة مع الأب منصور لبكي أجرتها معه الاعلامية ايلديكو إيليا بتاريخ 24 آذار/2025
من أرشيف 2021/ 19 تشرين الثاني/2021 بشارة ميشال الخوري مواطن من الدامور تعود معرفته بالاب منصور لاكثر من ٥١ عاماً .وهو عضو في لجنة الوقف في كنيسة السيدة في الدامور. برنامج “الولادة الثانية ” مباشرة عبر أثير صوت المحبة إعداد وتقديم شادية الحاج حجّار
عزف “تعال بيننا” وحكى عن آلامه وترانيمه والجمعة العظيمة…. الأب منصور لبكي: لا أحمل ضغينة لأحد و”برحمة إمي” لم أرتكب جريمة نوال نصر/نداء الوطن/18 نيسان/2025
اليوم، يُصلب المسيح، ليعود ويُدحرج الحجر بعد ثلاثة أيام ويقوم من الموت. معه تعلمنا أن لا نحقد وندين وأن نُحب ونغفر ونسامح ونتعاطف، وأوصانا “لا تَدينوا كي لا تُدانوا، لأنكم بالدينونة التي بها تَدينون تُدانون”. هو كل الحبّ. هو المسيح الذي افتدانا. في هذا النهار، في الجمعة العظيمة، نفتح باب “محبسة” كاهن مُدان، يعيش منذ عقد في صومعته بعد أن عاش لأعوامٍ مديدة، بألحانه وتراتيله وصوته وأعماله، في القلوب. ندخل محبسته فنسمع دندنات: إنشالله القمحة اللي انزرعت بقلوبنا تموت وتنمى وتزهر محبة انشالله الناس لـ منشوفون عدروبنا بيتلاقوا بوجك فينا يا ربي. باسم تلك القمحة كان اللقاء. الأب منصور لبكي “تحت مجهر” هذا الأسبوع. هو كان ينفذ الحكم الكنسي، في دير راهبات الصليب في بلدة برمانا. لكنه، منذ فترة، نزل إلى بلدة المنصورية، إلى مركز سيدة البسمة الذي أسسه، حيث تتوافر الكهرباء 24 ساعة لزوم جهاز الأوكسيجين الذي بات يعوزه ليلاً. هناك التقيناه. قرعنا باباً رُكزت عند جانبه عبارة: “لوتِد حال”. ومعناها: لا تخف. نتذكر ما قاله يسوع لتلاميذه: تشجعوا، أنا هو، لا تخافوا. دخلنا إلى الطبقة الأرضية. دار. وصليب. وهدوء. ورائحة طيبة تتسرب من مطبخٍ مجاور قبيل التقاء عقارب الساعة عند الثانية عشرة ظهراً. ثوان ووصل. الأب منصور (85 عاماً) يبدو وكأنه خسر وزناً. هذا هو الكاهن الذي كبرت أجيال وأجيال على ترانيمه: “تعال بيننا”، و”أبتي إني أسلم لك ذاتي”، “ربي أنا ورقة بيضاء أرسم عليها كل ما تشاء”، و”اعطني ربي قبل كل عطاء”، و”ليلة الميلاد يمحى البغض”… ترانيم نشرت حباً كثيراً. نشر الحبّ ليس ببسيط.
يسوع معنى الحياة سألناه، أبانا، نحن في الجمعة العظيمة، فكيف تعيش الآلام؟ يتنهد. ويقول “سأخبرك شيئاً. من دون يسوع المسيح لا معنى للحياة. هو يسوع “المروض”، الذي معه لا أخشى الآلام. إنها سرّ الفداء. إنها درب القيامة. لاوي (لوقا) كان عشاراً لكن، في اليد التي كان “يزعبر” بها عاد وكتب الإنجيل. في أسبوع الآلام قادر يسوع على تحويل الإنسان من شخص إلى آخر، قادر أن يغفر وأن يسامح، وأن يرتدّ وقد يمنحه حتى المقدرة على فعل العجائب. لا شيء مستحيلاً مع يسوع”.
يُخبرُ الأب لبكي قصة زكا مع يسوع ليخلص إلى أن حيث توجد الإرادة يوجد الطريق. where there is a will, there is a way. وإذا طلبنا من يسوع 10 في المئة يعطينا مئة في المئة. ماذا طلب هو من يسوع؟ يجيب “طلبت منه أن يعطيني المقدرة أن أتحمل وأغفر. من دون غفران لا حياة. أعرف هذا. لو غفر الناس لما حدثت الحروب. والربّ، ربي وحده من يعطيني المقدرة على الغفران. هنا، أتذكر الأب عفيف عسيران، الشيعي الذي اعتنق المسيحية. أتاني إلى هنا، إلى سيدة البسمة، قائلاً: لديّ ملاحظة – وأنا بطبعي أحب الملاحظات وأعتبرها هدية – سألته عنها فقال: هناك ترتيلة لك أحبها كثيراً تقول: “ربي قلبك وطني فيه يحلو سكني، ورغم إني أحبك أخاف من أن أخونك سراً فاملأني صلاة وبراً يا إلهي”. فلماذا قلت: أخاف أن أخونك. قلّ: رغم إني أحبك أخونك سراً. هو قصد بذلك أن يقول لي ولكل إنسان على وجه هذه الأرض: أن يسوع يريد أن نكون كاملين، غير منافقين، على مثاله. حتى لو كسرنا قافية الشعر”.
أغفر وأسامح هل يطلب الأب منصور من الله – ويلحّ – أن يمنحه القدرة على الغفران والمسامحة؟ يجيب “نعم، حاولتُ دائماً أن أعيش الغفران والمسامحة لكني تمكنت من ذلك، في العمق، خلال الأعوام العشرة الماضية، التي عشتها بعذاب، وكتبتُ فيها “وردية أيوب”. اختبرتُ العذاب. وسُئلت كيف تغفر لمن أساء إليك؟ أجبت: سأسامح مثل أب يرى ولده قد اقترف ذنباً لكنه يعود ويحتضنه. ومثل الإبن الشاطر (الإبن الضال) الذي عاد إلى والده بعد أن اقترف خطيئة. قال له أنا اخطأت. فلم يدعه يُكمل بل احتضنه. الغفران من دون حبّ لا معنى له. الغفران لا يعني النسيان. فرنسوا مورياك يقول: أنا أغفر الإساءة لكنني لا أنسى. ليس النسيان غفراناً. الغفران هو أن أنظر إلى الآخر وكأنه لم يقم بإهانتي، مثلما تنظر الأم إلى ابنها بعد أن يقول لها: أعذريني، سامحيني”.
الغفران ليس سهلاً، فهل يفترض التدرب عليه أم هو سمة في البعض؟ يجيب الأب المتهم المدان من الكنيسة “الغفران في صلاتي اليومية: “أغفر لنا كما نحن نغفر لمن أساء”. إذا لم نكن قادرين على المغفرة فلماذا نربّح الربّ جميلاً؟ كيف نطلب منه في الصلاة المغفرة كما نحن نغفر أما في الواقع فلا نفعل؟”.
هو متهم ومدان، فهل في ذلك إساءة؟ كيف ينظر إلى الاتهام والعقاب بعد مرور أعوام كثيرة؟ ينظر بعينيه العميقتين، اللتين تبدوان بئر أسرار، مردداً كلمتين: أقول لهم شكراً… شكراً… علمتموني الصبر والتواضع”. لكن، لماذا هو؟ لماذا ألصقت به هو مثل هذه التهمة التي دين بها؟ يجيب “تكون الإساءة كبيرة كلما كان النجاح كبيراً. يسوع – ولا أشبه نفسي طبعا به – أساؤوا إليه. وجهوا إليه اللوم. وفتشوا عن علل يلصقونها به. ويوم حوكم أراد بيلاطس إطلاقه والحكم ببراءته. كان متأكداً من براءته لكنه جلده. وحين خيّر الناظرين بين براءة يسوع وباراباس – الذي كان مجرماً – هتفوا: باراباس. الحقد شيطان حين يدخل إلى القلب يبخّ سموماً” ويستطرد “اليوم (الثلاثاء 15 نيسان) الإنجيل “بيخوّف”. يسوع شارك في صلاة العشاء الأخير مع تلاميذه. يومها قال بطرس ليوحنا: إسأله من سيسلمه. أجاب يسوع: من أضع له لقمة في الصحن. وأعطى اللقمة ليوضاس. أخذها ودخل الشيطان إلى قلبه. وكان ليلاً. هذا معناه أوقات ونحن نتناول إذا كانت نوايانا سيئة يأتي الشيطان”.
حين بكى هل بكى أبونا لبكي كثيراً في العقد الآفل؟ “نعم، وسأقولها ببساطة، بكيتُ في الكنيسة، أمام القربان، وسمعت يسوع يقول لي: أنا بكيتُ في بستان الزيتون. “فمعليش” إذا بكيت معي. رأيتُ شفعائي بادري بيو وبونا يعقوب وسانت تريز وسانت ريتا ومارينا الذين تعذبوا فتوقفت عن البكاء. شعرتُ في أوقات أنني أكاد أطق. كنت أطرح الكثير من الأسئلة وأعود لأجد أجوبتها في كتاب الإنجيل. لذلك أقول: كل ما يصيبني هدية منك يا الله. إذا الأوجاع سمرتني وصرت حليف الألم وإذا الغيوم راودتني وزارني اليأس والسأم سجدت أصلي وأتمتم في سري، كلّ ما يصيبني هدية منك يا الله. قليلون من أستطيع أن أقولها أمامهم لكني سأقولها لك: المحنة منحة. ليس قليلاً أن نتشارك مع المسيح آلامه. حين ظهر المسيح إلى القديسة فوستين والقديس بادري بيو أعطاهم علامات ظاهرة على أجسادهم أنا اعطاني علامة في قلبي. كان ممنوعاً عليّ في العقد الأخير الكتابة والتلحين ووصمت بعار لكن قبلت كل ذلك لأن الكنيسة أمرت بذلك. وتذكرتُ سقراط الذي قالت له امرأته: كيف ستشرب السم وأنت لست مخطياً؟ أجابها: تريدين أن أشربه وأنا مخطياً؟”. بعد الموت طوبت جاندارك وصدرت براءتها. حرقت جاندارك وقالوا لها: أنت ممسوسة. سنرسلك إلى النار. أجابت: أريد أن أتناول قربانتي قبل موتي. هناك يوضاس في كل مكان. لو كل البابوات مثل البابا جان بول الثاني أو البابا فرانسوا ولو كلّ القديسين مثل شربل ومار يعقوب ورفقا شو كان على بالنا. لكن هناك أيضاً من ارتكبوا”.
برحمة أمي لست مجرماً حين يسمعك الآخرون سيقولون، ألم تخطئ لتقول كل هذا؟ يجيب “أنا خاطئ كبير لكنني لستُ مجرماً. الخطية شيء والجريمة شيء آخر مختلف تماماً. التعدي على القاصرات جريمة بعيدة كل البعد عني من هنا إلى زيمبابوي. أنا سبق وقلت في واحدة من رسائلي: قمتُ بتعريف الناس طوال خمسين عاماً. وأنا اعترف أيضاً كل أسبوعين. والخطايا التي ارتكبتها مثل خطايا الناس. مثل خطايا كل مسيحي، البابا يعترف أيضاً، القديس الحرديني كان يعترف يومياً. نحن نصلي للربّ قائلين: صلي لأجلنا نحن الخطأة. لكني لم أقم بجريمة. لو فعلت صدقاً صدقاً لذهبتُ بقدميّ إلى الحبس. غضبت؟ نعم. شتمتُ؟ ربما. لو اتهمت بخطيئة لقلت “تكرم عينكم”. أنا، مثل الجميع، قد أكون خاطئاً لكنني لستُ مجرماً. يسوع أراد أن أحمل الصليب. هناك كاهن أحبه أصبح قديساً. أسيء له بعمر السبعين. وفجأة ظهر معه داء السفلس، وهذا مرض يؤخذ من العلاقات المشبوهة. بكى. قال: من وين أتاني؟ ضحكوا عليه. سموه السفلس المقدس. ومنعته روما من الخروج من الدير. بكى كثيراً وبعد مماته بأربع سنوات. أتى حلاقه واعترف أنه أمر بوخزه بالداء. يمكن أنا من أكبر الخطأة لكن، برحمة أمي، لست مرتكباً جريمة”. واغتصاب القصر برأيه جريمة لا خطيئة. ها هو يقسم أمامنا برحمة أمه التي تلازمه في فكره وقلبه على الدوام. نسمعه ولا ندينه. وحده الله من يرى ويفعل. هو ابن بعبدات. ولد في عائلة فيها تقوى “والدتي تزوجت ابنة 16 عاماً. جدها كان كاهناً وابنة أخيها راهبة وابنة اختها أيضاً. وكنتُ حين أراها تصلي أفعل مثلها. ولدتُ لاتينياً. وأصبحتُ مارونياً لأصبح كاهناً. ذهبتُ إلى مدرسة الكبوشية. وهناك تعرفتُ إلى بونا يعقوب. دخلتُ الإكليريكية وحين أخبرتُ والدتي بقراري قالت لي: يا شيء يصلح أو تركه أصلح. أمي رأت والدي يموت. كانت ابنة 34 عاماً يوم سقط عن السطح وانفجر دماغه أمامها. وبقيت إلى حين توفيت – ابنة 52- تعاني من صرع. ربّت وحيدة ستة أولاد. وكانت، في كل مرة، تعمل إماتة,، تضع حبة قمح في مرطبان زجاج على نيتي قائلة: أفعل هذا على نية منصور ليثبت في دعوته. وحين ارتسمت صنعت من القمح برشاناً وقالت: هذه هديتي إليك. يومها، في رسامتي كاهناً، تناول من القربان 800 شخص. وقالت لي وهي تموت: يا ابني ستتعذب من الحقد والنميمة لأن العصفور يأكل عشاءك. لكن لا تخف وتحمّل واغفر. وعشت ما قالته. وحين توفيت أعددتُ لها ترنيمة: انشالله القمحة اللي انزرعت بقلبنا. تأثير والدتي عليّ كبير. وفي كل مرة تشتد محني تفكفكها. وهي من آل قربانة من بعبدات. والمسيح موجود في كل قربانة”.
حياة الكهنوت ورسامته حياة الكهنوت ليست سهلة ويقول “لم اختر شغلة هينة”. ويضيف “أمي طلبت مني مراراً أن اتزوج قائلة لن أدوم لك. أجبتها: بطيختان في يدّ واحدة يصعب حملهما. وحين نتبع يسوع لا نقول له: ماذا ستقدم إلينا في المقابل؟ ماذا ستمنحنا؟ لا شروط مع يسوع. لا شيء إلا الحب. هذا هو التحدي”.
قبل رسامته كاهناً سجل “صلاة الأعمى” و”صلاة الفقير” للأب ميشال حايك. و”ربي سألتك باسمهنّ أن تفرش الدنيا لهنّ بالورد إن سمحت يداك وبالبنفسج بعدهنّ” من كلمات رشدي معلوف. و”اعطني ربي” لسعيد عقل. وأول كلام لترنيمة من إعداده قدمها كانت لوالدته “انشالله القمحة اللي انزرعت بقلوبنا” ثم “توكلنا على الله” و”ليلة الميلاد” و”ربي أنت طريقي” و”خذ حياتي” و”أنا ورقة بيضاء” و”أيها السموح” و”يا مريم يا ناي”… 700 ترتيلة في رصيده. كتب منها في “حبسه” 150 ترتيلة. لم يعد يسمح له بإطلاق تراتيل وإقامة قداديس. أصبح يقرأ ويكتب ويصلي ويترجم. ترجم كل ترانيم الألحان المارونية.
في أعوام الاستبعاد، ماذا أول ما كتب من تراتيل؟ يجيب “يا صليب الربّ يا حبيب القلب أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني” من كلمات الأب يعقوب. هو تعذب أكثر مما أنا فعلت لهذا أنشأ راهبات الصليب”. كم هو، الأب منصور لبكي، موجود في كلمات هذه الترنيمة؟ “أنا فيها. أنا خبرتُ الحياة والآلام وكم قلت ليسوع حملي لا يطاق لكن لم يدمرني هذا الحمل كما لم يدمره كل ما تعرض له. هو افتداني. هو افتدانا. ويستطرد: الغفران يبقى طريقنا. علمنا يسوع أن نغفر. أحد الخطأة، قتل وزنى وسرق، كمشوه وحكموا عليه إعدام وكان القاضي والده. قال له: أنت والدي وتحكمني؟ أجابه: باسم العدل أفعل ذلك وباسم المحبة سآخذ مكانك”.
الوجع “مدوزن” اليوم، في الجمعة العظيمة، تتمظهر آلام المسيح الذي افتدانا. نسمع الأب منصور لبكي. نصغي إليه بتمعن. لا ندخل في القضية التي أدين بها. نترك الأوراق المشقعة في الملف والآلام التي تضاهي بضخامتها ثقل الجبال. ونترك الكلام إلى أبعد من كل ما هو مادي واثقين بأن الله يرى ويسمع ويتصرف. نعود إلى الواقع، إلى حاضر الأب منصور لبكي الذي قيل به الكثير وننصت إليه يقول “حين يدخل الشخص في منطق المسيح لا يعود يبالي بما يقال عنه. أنا سمعتُ الكثير وأردّ: كتر خيركم جعلتموني أشبه الله. بادري بيو حين كان يقع لم يكن يجد من يساعده. كانوا يتركونه ليتعذب أكثر. غفرتُ لكلّ من صلبوني. ولا أحمل أي حقد وضغينة على أحد. وأثق أن براءتي ستظهر الآن أو بعد حين أو بعد موتي” ويعود ليستطرد قائلاً “نوال، كنت أفضّل أي وجع على هذا الوجع، لكن يسوع أكثر خبرة مني، ربما رآني غير قادر على الوجع الجسدي فدوزن لي الوجع لأتحمله”.
سرّ الألم لكن، هل الله يقاصص بلا سبب؟ يجيب “الله يعرف أسرار الدنيا وكيف خلقت الأزهار والحيوانات. ويعرف سرّ الألم. أقول سرَّ لا معضلة الألم. لأن المعضلة مثل “الماتيماتيك” (الحساب). أما السرّ فلا أحد يفهم أو قادر أن يفهم لماذا يولد طفل بلا سمع أو بصر وتقول له أمه: يا ملاكي. ماذا أقول لتلك الأم “غدا يطيب ابنك”. سأقول لها: هذه نعمة الألم”. هناك نعمة في كل حالة. نعمة أن نتحمل الوجع بحبّ لأننا نقدمه تكفيراً عن خطايا الآخرين. هنا، يتذكر بونا لبكي معارك الدامور ويقول “عشتُ تلك المرحلة. كنت هناك. كان هناك 500 إنسان أعطيتهم الحلّة ورددوا فعل الندامة وهم يتعرضون إلى هجوم. طلبتُ منهم أن يقولوا: أعطنا خبزنا واغفر لنا كما نحن نغفر لمن يأتي ليقتلنا. قصفونا في القداس ونزلت شظية في كأس القربان فقلت لهم: لا تخافوا. يصمت ثم يتابع مستطرداً: أنا مخطئ لكنني صدقوني لست مجرماً. برحمة إمي (يكرر) لست مجرماً”. في رصيد أبونا منصور لبكي الكثير الكثير من معالم الرحمة – ماذا حصل لاحقاً؟ الله يرى كما كان يردد الأب أسطفان نعمة. في رصيد الأب مياتم في لبنان وفرنسا مرّ فيها 250 طفلاً. هو من أسس مأوى العجزة في مستشفى الروم. وهو من ساهم في إنشاء قسم الحروق في مستشفى الجعيتاوي الجامعي… كثيرة هي معالم رصيده. لكنه اليوم في ما يشبه المحبسة اللاإرادية. البطريرك بشارة الراعي قال له: الأب المظلوم. لكن الكنيسة في روما حكمت عليه. وأصبح ممنوعاً عليه إقامة القداديس. لكن، لو أتيح له الوقوف وإلقاء عظة فماذا يقول؟ يجيب “الشكر لله”. قبل أن نغادر، يعزف لنا على البيانو ترنيمته: تعال بيننا أقم عندنا وخذ من قلوبنا لك مسكنا. نودعه. وها نحن يوم الجمعة العظيمة.