حسين عطايا/٢٣ شباط «مرَّ من هنا».. ماذا بعد؟

19

٢٣ شباط «مرَّ من هنا».. ماذا بعد؟!
حسين عطايا/جنوبية/25 شباط/2025

لا شك ان “حزب الله” وعلى بعد خمسة اشهر من استشهاد كل من امينيه العامين السيد حسن نصرالله، ثم خلفه السيد هاشم صفي الدين، وعلى مسافة ما يقارب الثلاثة اشهر على وقف إطلاق النار، ونتيجة ما اصابه من خسائر في تلك الحرب، حاول ان يعوض بعضاً من خسائره، فاراد من عملية التشييع، ان تكون ورقة رابحة، تُعيد بعضاً من تعويض لخسائره، فحاول ان يكون التشييع “مليونياً”، ليرسل من خلاله رسائل عدة للداخل وللخارج.
ربح “حزب الله” وحدة الساحات في تشييع امينيه العامين فقط، دون وحدة تلك الساحات خلال الحرب
فأتت عملية التشييع متواضعة، من حيث الضخ الاعلامي، الذي حاول من خلفه بث شائعات حول الاعداد المليونية والوفود من ثمانين دولة عربية وإسلامية وعالمية، حيث اتت تلك الوفود ايضاً متواضعة واقتصرت على وفد ايراني يرأسه رئيس مجلس الشورى قاليباف، وبحضور وزير الخارجية وبعض النواب، واسر بعض الشخصيات الايرانية، كما وفد عراقي ويمني واخرين، وبذلك يكون “حزب الله” ربح وحدة الساحات في تشييع امينيه العامين فقط، دون وحدة تلك الساحات خلال الحرب، والتي كان يحتاجها في حينه.
بذلك يكون حزب الله خسر جزء من معركته، التي ارادها من خلف عملية التشييع وقد انتهى، واتت الرسائل معكوسة بعض الشيء.
اولا في رسائل الداخل:
كان الحضور الرسمي على مستوى رئيس الجمهورية، او رئيس الحكومة غير متوقع بالنسبة له، فالرئيس نبيه بري وهو من اهل البيت ايضاً، اتى بصفته ممثل لرئيس الجمهورية بينما رئيس الحكومة، مثله وزير العمل والمحسوب من حصة “حزب الله”، بحيث انه لم يعط شرف التمثيل لوزير من خارج بقية المكونات اللبنانية، وهذه رسالة على “حزب الله” ان يفهمها.
اما عن الاحزاب اللبنانية، فكانت تلك التي تدور في فلك “حزب الله” فقط سابقا او اليوم.
هذا على الصعيد الداخلي، فقد إعتُبِر بمثابة نكسة لن يستطيع ان ” يقرشها” دون ان يستفيد منها في السياسة الداخلية.
اما من حيث الرسائل، التي كان يريد ان يرسلها للأخرين ومنهم الامريكيين والاسرائيليين، كما المجتمع العربي فشِل ايضاً، من حيث أن الوفد الايراني، ومن خلال زيارته لقصر بعبدا ولقائهِ الرئيس جوزاف عون، وقد سمع من الرئيس عون، ان لبنان تعب من حروب الاخرين، وعلى ان لبنان يلتزم قرار الاجماع العربي في حل الدولتين، وهذا موقفاً مؤسساً للسياسة خارجية اللبنانية، والتي تتوافق مع الموقف العربي، ويُعبر عن عودة لبنان ليلتزم بالمواقف العربية ذات الصلة.
حساب التشييع، لم يأت متوافقاً مع حساب التمنيات، التي كان يأملها “حزب الله” وقيادته الحالية
اما من ناحية ضعف الحشد، وكونه كان خارجاّ عن حسابات “حزب الله” والذي تآمرت فيه الطبيعة مع اللبنانيين، فاقتصر الحشد على الحزبيين وعائلاتهم، ومؤيدي “حركة امل” ومجموعة الاف من الفلسطينيين في مخيمات لبنان، وكذلك احصى الامن العام اللبناني الوافدين من ايران وبقية الدول المشاركة، وبذلك يكون حساب التشييع، لم يأت متوافقاً مع حساب التمنيات، التي كان يأملها “حزب الله” وقيادته الحالية، رغم حملاته الاعلامية وتوفير وسائل النقل للمشاركين، وفتح مراكز إيواء قبل يومين من تاريخ الثالث والعشرين الموافق نهار الاحد من شهر شباط.
وقد اتت الرسائل الاسرائيلية، على الرغم من رسالة التطمين، والتي شاركت قطر بعد تواصلها مع الجانب الاسرائيلي، ايضاً مُخيبة للأمال حيث اقدمت قوات العدو، على القيام بغارات جوية على العديد من القرى والبلدات الجنوبية والبقاعية، بينما “حزب الله” يقوم بمراسم التشييع، عدا عن قيام سرب مؤلف من اربعة طائرات حربية، من التحليق فوق بيروت ومنطقة التشييع خلال القيام بالمراسم، مما اعطى رسالة واضحة المعالم فهمها الكثيرين من اللبنانيين، ان المقصود منها على ان اليد الطولى، لا زالت بيد العدو الصهيوني في لبنان، على الرغم من قرار وقف الاعمال العدوانية، والتي وقع عليها ‘حزب الله”، رغم ان العدو الصهيوني لم يلتزم بها على الاطلاق.
التشييع انتهى ولكن ماذا بعد، خصوصاً ما كان يسعى له “حزب الله” لم يأتي متوافقاً مع التمنيات
من هنا نستطيع القول، ان التشييع انتهى ولكن ماذا بعد، خصوصاً ما كان يسعى له “حزب الله” لم يأتي متوافقاً مع التمنيات، فماذا بعد وما هي الامكانيات، التي يُحضر لها ويسعى اليها بدءا من يوم الاثنين، الذي يأتي بعد الاحد في الثالث والعشرون من شباط.
هذا الجواب المنتظر، الذي ينتظره اللبنانيون من “حزب الله”، خصوصاً بعدما اتت كلمة الامين العام الشيخ نعيم قاسم، اتت خالية من الاشارة إلى السلاح، وبعد قوله بإن الحزب، فوض الدولة على ان تتحمل المسؤولية في التحرير وحماية اللبنانيين وعودة الاسرى.
على الرغم من أن هذه المقولة مخالفة للواقع، لان الدولة هي صاحبة القول والفعل وواضحة، بما تقوم به وما ستفعله في الحاضر والمستقبل، واصبح واضحاً جدا، ان لا وجود للسلاح خارج الدولة، وان لبنان تعِب من الحروب، وبإنها ستخوض التحري عبر الوسائل الدبلوماسية، وذلك بالتعاون مع الاشقاء العرب والاصدقاء الدوليين للبنان.
لبنان دخل مرحلة جديدة فعلاً، واصبح لدى اللبنانيين دولة يعتمدون عليها في الحاضر والمستقبل
هذا يؤكد من جديد، على ان لبنان دخل مرحلة جديدة فعلاً، واصبح لدى اللبنانيين دولة يعتمدون عليها في الحاضر والمستقبل، وذلك يعطيهم الحق بالعيش كباقي الشعوب، في ظل دولة واحدة شرعية بعيدا عن الدويلات ومليشياتها.