نبيل بو منصف/النهار: نحن وترامب والعهد الذهبي

19

نحن وترامب و”العهد الذهبي” 
نبيل بو منصف/النهار/22 كانون الثاني/2025

غريبة هي مفارقات الأزمان اللبنانية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب . مرة سبق انتخاب الرئيس ميشال عون انتخاب “ترامب الأول” بأسبوع وقيل ان ذلك لم يكن صدفة . والبارحة بعد أسبوعين من انتخاب الرئيس جوزف عون وأسبوع من تكليف الرئيس نواف سلام ضج العالم بخطاب “العصر الذهبي ” لاميركا فيما اللبنانيون يقيمون على “عهد الفجر الجديد” .

لا مجال للزعم طبعا بان ترامب الذي بدا اشبه بالملك الشمس لويس الرابع عشر سيجير لنا الدفع الأسطوري الذي يجيره لادارته في مسار لبنان الطالع من الكوارث ، اذ لا الرئيس جوزف عون يملك دستوريا قدرة توقيع ما سمي تسونامي قرارات تنفيذية فور إلقاء ترامب القسم ، ولا حكومة الرئيس سلام القيد الولادة ستكون ذات طبيعة سحرية تنقل لبنان من عالم الى أخر بلمح البصر . المهم ان لا تفلت من ايدي اللبنانيين احدى اثمن الحقبات الواعدة التي تزامن “فجرها” مع الأسابيع الأخيرة لادارة جو بايدن والتي انكر عليها ترامب “افضالها” في الشرق الأوسط ومنه لبنان .

تبدو واقعيا عملية استيلاد الحكومة اكثر من استحقاق مقلق اذا ما استسلمت القوى السياسية كما الرأي العام اللبناني لحقيقة ان الدفع الخارجي الاستثنائي ، وكانت إدارة بايدن رأس حربته فعلا ، ستضحي واقعا راسخا وقاعدة يمكن الركون اليها دوما في تقليع الشوك الداخلي من طريق العهد الجديد . ذلك ان الجاري الان ، بعد أيام من بدء مخاض تركيب الفسيفساء الحكومية ، بنمط سياسي مختلف عن السوابق لناحية فلسفة الإدارة السياسية الرسمية الجديدة من جهة والتزام التمثيل النيابي والسياسي القائم قبل زلزال المتغيرات الأخيرة في لبنان من جهة مقابلة ، هذه العملية تشكل اثباتا قاطعا على لبننة خالصة للاستحقاق الحكومي . وتاليا ، وبالعربي الفصيح ، لا ينسحب على تأليف الحكومة العتيدة الأولى في العهد الجديد الواعد ما انطبق على الدفع الخارجي لانتخاب الرئيس عون وتكليف الرئيس سلام .

هنا المعترك داخلي صرف وهو اول مخاضات “ترك” اللبنانيين لأنفسهم في تشكيل حكومة سيتعين عليها ان تدرك ان لا تسامح دوليا في ما يتصل بما صار من وقائع بعد تداعيات الحرب بين إسرائيل و”حزب الله” كما لا تساهل دوليا حيال حكومة تكتفي بتوازنات داخلية تقليدية وكأن زلزالا كارثيا لم يحصل . تعالت أنغام القوى الداخلية في الأيام الفائتة بما يقلق ويثير الخشية على ما احدثته أسابيع استيلاد العصر الجديد ، ولا نقول “العصر الذهبي”، فحسبنا التواضع الكافي بان نطمح الى عدم تعريضنا لإحباط لم نعد نحتمل موجاته خصوصا الان بعد كل هذه الوعود البراقة الواعدة. ولذا سيراهن اللبنانيون ومعهم المجتمع الدولي ، على ان لبننة خالصة ، بكل تعقيداتها وأكلافها ، لعملية تشكيل الحكومة لا تتصل فقط بالقدرات الذاتية للرئيس المكلف ولا باختبار اولي حاسم لتفاهمه وتوافقه مع رئيس الجمهورية على حكومة إنقاذية إصلاحية كاملة المواصفات بكل المعايير فقط ، وإنما أيضا على القوى السياسية كافة التي عليها ان تسقط من الان كل ذرائع افساد وإخفاق الاختراق الأول في مهده .