الرعب والهلع الكولونيل شربل بركات/18 أيلول/2024
يتعرض لبنان بفضل سياسات حزب السلاح الايراني اليوم لموجة من الهلع بعد كل قرار من قبل “سيد المقاومة” يتضمن تهديد امن الاسرائيليين في عقر دارهم. فلم ينسَ اللبنانيون بعد خطابات هز الاصبع ولا نظريات “الشاكوش” التي تقلق الجار الجنوبي وسكان الكيبوتسات. ولم يكن التدريب على احتلال الجليل بواسطة “قوات الرضوان” الشديدة الجهوزية واعادة تهجير “اليهود” إلى البلاد التي أتوا منها خدعة اعلامية أو دعاية صحافية نشرت عرضا لمحاولة التخويف، ولكنها سياسة اعتمدها الحزب ومن ثم اسياده وبقية الأذناب حول الشرق الأوسط الذي تحول بواسطتهم إلى بؤرة من الفساد والفوضى وعدم الاستقرار. وما كان تجاثر حماس وأزلامها على تخطي الحدود والقيام بقتل وخطف الآمنين في الطرف الآخر من قطاع غزة، الذي كان أفرغه الاسرائليون من كل المستوطنين وسلموه لعرفات ليكون جزءً من دولة فلسطين، إلا وجها من أوجه هذه السياسة الاستعلائية والتي تطمح إلى فرض حكم الولي الفقيه على دول ومجتمعات الشرق الأوسط قاطبة. وقد كانت ردة الفعل على عملية حماس تلك تنامي الفجور ورفض مشاريع السلام وانخفاض سياسة الانفتاح والتعاون.
ولكن ماذا جنى الفلسطينيون من سياسات حماس وأسيادها الجدد؟ وماذا قدمت “جبهة الممانعة” لسكان غزة غير القتل والتشريد الذي حاولوا أن يعمموه على الآمنين في جنوب اسرائيل كمقدمة لنشر شعار “فلسطين من البحر إلى النهر” الذي تغنى فيه، ليس فقط المغرر بهم من العامة في شوارع غزة، انما وبكل أسف بعض من يدعون الفهم في مجتمعات متطورة تحاكي التقدم أينما وجد من ينطق بالعربية حول العالم.
إن الكلام على تخطي قواعد “الاشتباك” لا بل شروط حماية المدنيين لم يبدأها الاسرائيليون لا في غزة ولا في لبنان ولو أن مفاعيلها تبدو قاتلة عندما تقوم بها اسرائيل، ولكنها، بدون شك، تبدو بطولة وقوة لا بد منها عندما يعتمدها الحزب أو جماعات الممانعة. ولسنا هنا في مجال الدفاع عن اسرائيل لأنها تعرف جيدا كيف تدافع عن نفسها، على ما يبدو، ولكننا نحاول أن نكون عادلين في تقييم الأفعال والردود عليها ليس إلا. فيوم تمنع البيئة الحاضنة والتي يسميها السيد “الأهالي” أي كان وخاصة قوات الأمم المتحدة من التجول في مناطقها ويقتل عناصرها ويوم يختطف المدنيون من اللبنانيين ويقتلون أيضا بدم بارد ويهدد بنفس المصير كل من يتساءل ولا وجود لدولة أو مواطنين مسالمين يعترضون على هكذا أفعال، يصبح الكيل بنفس المكيال سياسة مقبولة بالنسبة للناظرمن بعيد.
مأساة “يوم البيجر”، والتي تعرّض لها المواطنون اللبنانيون في أكثر من مكان وخاصة في المستشفيات والمراكز الطبية، مع الاعتراف بأن كل المصابين هم من عناصر الحزب العاملين الفعليين، كما يبدو، ولولا ذلك لما جهزوا بهذه الأجهزة لتطالهم يد التكنولوجية المتفوقة في حرب شرسة لا تبدو الرحمة من خصائصها، هي دليل واضح على أن الهلع يمكن أن يطال الجميع وهو سلاح قاتل لمعنويات المحاربين. فلم يكتف الاسرائيليون بملاحقة عناصر الحزب، خاصة المقاتلين منهم إينما وجدوا، ولكنهم اليوم ميزوهم عن بقية المواطنين ولاحقوهم بالجملة فعمموا ذلك الهلع بين الناس هو تصرف طبيعي عند كل عاقل وتجنب مراكز الحزب وعناصره سيصبح ردة فعل عادية لكل من لا يريد أن يتعرض للسوء في حرب فرضها الحزب وولي أمره على اللبنانيين بدون مشورة أو رأي.
الفرق بين من يدعي التفوق ومن يعمل له شاسع، وحق اللبنانيين على من يستعملهم في حربه بدون استشارة ويدمر بيوتهم ومستقبل أبنائهم، الاعتراض ورفض القبول بالواقع، لا بل العمل على الخروج من المأزق.
وكل من لا يقول الحقيقة يساهم بزيادة مفاعيل الحرب ومآسيها على الذين لا شأن لهم فيها، ولم يفت الأوان بعد. فهل يقدم من يدعي المسؤولية؟ ولا نتأمل من جماعة إيران ذلك ولكن ممن تبقى من اللبنانيين.
يقول قائل بأن التضامن مع الضحايا واجب، ونحن لا نقول العكس ولكن الواجب أيضا منع المنتحرين من جرّ بقية الناس إلى نفس مصيرهم. فليجاهر الذين لا يريدون التضحية بكل شيء بدون ثمن ويطالبوا تسليم سلاح الحزب وعودة السلطة للدولة. وليجمعوا ما تبقى من هذه الدولة ويعيدوا بناء مؤسساتها التي مزقها الحزب ونظرياته البالية، ويعيدوا بناء المجتمع المتعاون على الخير لا على الحقد أو الشرّ. عل الله يبارك ويلهم الآخرين لمساعدة الوطن الجريح على التخلص من هذا الوباء الذي أصابه فقتل ما لم تقدر كل الحروب عليه.
لبنان يمر بأصعب أيامه والفرق واضح بين من يسعون إلى قتله ومن لا يزالون يؤمنون بقيامته. فلتتضافر الجهود ولتتوحد الطاقات ولتسقط نظريات الحقد القاتلة التي يروج لها حزب الشيطان وليقم لبنان من رقاده فلم يفت الأوان بعد…