ماذا لو أداروا ظهورهم… مجدداً؟ نبيل بومنصف/النهار/22 أيار/2024
لم ينعقد اجتماع لدول المجموعة الخماسية التي كلفت نفسها الانخراط في جهد دولي – عربي لحل الازمة الرئاسية في لبنان ، منذ نشوئها ، الا وهلل كثيرون لما يعتبر غالبا فاتحة معطيات جديدة لا بد من ان تؤدي مبدئيا الى انتخاب رئيس للجمهورية التي باتت آفة الفراغ والتعطيل الدستوري المتكررة احدى اخطر ما تواجهه من اخطار مصيرية . ولم يخرج بيان السفراء الخمسة لهذه الدول الأسبوع الماضي عن هذه القاعدة اذ أشاع لمجرد رسمه خريطة طريق بيانية تفصيلية لتصور تبناه السفراء انطباعات لا تزال تتردد بان ثمة معطيات “خارجية” مهمة وجدية وجديدة لا بد من انها تقف وراء بيان بهذا الدلالات والطبيعة.
بصرف النظر عن تبرير تحرق اللبنانيين الى منفذ حل يأتيهم من الخارج ، كما دوما في معظم حقبات الازمات الداخلية او اثار الازمات الإقليمية على لبنان، ترانا الان في منتصف الطريق مجددا الى خيبة كبيرة متى تبين ان المحرقة التي تتولى احباط الجهود الداخلية كما الخارجية لانهاء الفراغ الرئاسي لا تزال أولا هي الأقوى والاشد قدرة على التمديد المتواصل لحالة ابقاء لبنان في وضع متفلت ومتسيب دستوريا كما هو امنيا واجتماعيا تماما ، وان الدول المعنية بمساعدته ودعمه سرعان ما تدير ظهورها متى نفد صبرها من مسرح الاستنزاف.
يغالي الكثيرون في مفهوم متقادم مفاده ان مصالح دولية وعربية عميقة لا تزال تملي على الدول “حماية” النظام اللبناني ودستوره وتحديدا “الطائف” لأنه حين انجز وصار ميثاقا بطبيعة دولية وعربية آنذاك لانهاء الحرب في لبنان اكتسب تلك الطبيعة القوية في ديمومته وحمايته من مآرب المفاجأت. على أهمية هذه الخلفية التاريخية للاتفاق والدستور والنظام المستولدين من الطائف باتت المراجعة المتعمقة للسلوكيات الخارجية تجاه القوى المستأسدة على الدستور والنظام والممعنة في التلاعب والسلبطة وممارسة الترهيب السياسي بممارسات مختلفة الوسائل ، تحتم الاستفاقة لدى القوى المعارضة والمستقلة على حتمية عدم الركون الى أي رافعة خارجية من شأنها ان تفرض على قوى التعطيل تسوية معقولة تحمي النظام والدستور وتعيد النصاب الى التوازنات الداخلية . لا بل ، والحقيقة يجب ان تنكشف كما هي ، ان الرهان الدائم لقوى 8 اذار أساسا ولو تقلصت الان الى مستوى الثنائي الشيعي الذي يقطر هذه المنظومة ، كان وسيبقى وسيتعاظم تباعا على تسليم الدول له باي امر واقع يفرضه متى اختار ، او متى جاءته كلمة السر الإيرانية تحديدا ، بالسير في تسوية على أساس التسليم الخارجي له بالسطوة الداخلية لبنانيا.
ان الجاري منذ 18 شهرا في الازمة الرئاسية ليس الا خطة عميقة تضرب في جوف الأهداف الانقلابية ببرود وبطء لحمل الخارج على التسليم بمعادلة الرئيس الذي “لا يطعن المقاومة ” بمعنى التسليم للثنائي الشيعي اما بمرشحه واما بمن يختاره بديلا منه فقط لا غير . واللحظة الراهنة باتت تثير كل المحاذير من اقتراب موعد “المفاصلة” اما بين تسوية يكون فيها للمعطلين الكلمة الحاسمة واما إدارة ظهر الدول للبنان وتركه يهترئ بل يكمل اهتراءه المنهجي تباعا بلا أي سند خارجي بعد يأس منه . ولا تتصل الازمة بهذا البعد وحده بل ان وقائع حرب الجنوب اللبناني تزيدها تعقيدا لان توظيف نتائج “المشاغلة” ستصب شئنا ام أبينا في خانة توظيف موقع “حزب الله” في الداخل السياسي بدءا من حسابات الازمة الرئاسية “المستجدة” بعد ان تتوقف الحرب .