
لبنان وإسرائيل: لماذا نتهرّب من السلام بينما نغرق في الحرب؟
شبل الزغبي/10 كانون الأول/2025
لماذا لا نفتح سفارات بين لبنان وإسرائيل؟ لماذا يبقى لبنان أسير عقد الماضي، فيما المنطقة كلّها تتحوّل وتقرأ المصالح لا الأوهام؟ السؤال لم يعد محرّماً إلا في القاموس الذي صنعته الميليشيا الإيرانية، لا في وجدان اللبنانيين الذين دفعوا ثمن الحروب وحدهم. اليوم، الطاقة الاغترابية—تلك القوة التي حاولت المنظومة خنقها لعقود—تعرف تماماً أن الوقت حان لتتحرّك. أن تكسر الجدار الوهمي بين اللبنانيين والإسرائيليين وتبدأ حواراً جاداً مسؤولاً وصريحاً، يفتح الباب أمام صداقة، تعاون، وتنمية مشتركة… سلام حقيقي لا يخجل من نفسه، ولا ينتظر إذن أحد. سواء أحبّ البعض الاعتراف أم لا، الواقع يقول إن إسرائيل لعبت دوراً محورياً في منع لبنان من التحوّل إلى وطن بديل للفلسطينيين في ١٩٨٢، وهي اليوم تقف في مواجهة التمدّد الإيراني الذي حوّل لبنان إلى منصة صواريخ وخراب. إنها حقيقة واقعية يراها كل لبناني خارج نفق الدعاية.
اليوم، نعيش مرحلة جديدة: إما أن نكسر الحلقة الجهنمية بين الميليشيا المسلحة الخارجة عن القانون والدولة المخطوفة،
وإمّا نبقى رهائن إلى الأبد. ندعو المفاوض اللبناني الجديد، السفير سيمون كرم، أن يكون صريحاً: إما الذهاب إلى محادثات تؤسّس لمعاهدة سلام واضحة لا رمادية فيها، وإمّا الاستقالة. لا مجال للتسوّل السياسي، ولا للجلوس إلى الطاولة فقط لشراء الوقت لصالح حزب الله وايران. المفاوضات ليست مسرحية، وليست ستار دخان. إمّا نتقدّم أو نعترف أننا لا نملك قرارنا.
حين قرر حزب الله الدخول في حرب “الإسناد”، لم يسأل اللبنانيين.
فرض الحرب فرضاً، وجلس فوق رؤوس الناس، ثم طالبهم بالصمت.
فلماذا اليوم يجب على اللبنانيين أن يستشيروه قبل أن يبدأوا حوار سلام؟
منطق أعوج.
منطق الميليشيا لا منطق الدولة.
ولأن السلام مشروع يحتاج إلى قوة دولية حقيقية تدعمه، فإن الولايات المتحدة حاضرة، الداعم الأول للمؤسسات العسكرية والشرعية في لبنان، هي الطرف القادر على رعاية أي اتفاق سلام لبناني–إسرائيلي.
واشنطن ليست وسيطاً فقط، بل سندٌ سياسي وأمني واقتصادي يمكنه أن يضمن تنفيذ الاتفاق.
إن وجود الولايات المتحدة كضامن يفتح الباب لاتفاق متين لا يهتزّ عند أول هزة أو تهويل ميليشياوي أو إقليمي.
الفرصة التاريخية موجودة في يد الاغتراب،
اللبنانيون في الخارج يملكون ما لا تملكه الطبقة السياسية المتخاذلة في الداخل:
الحرّية، الجرأة، الرؤية.
يعرفون أكثر من غيرهم أن العالم تغيّر وأن السلام الإبراهيمي ليس مشروعاً ولا حلماً، بل حقيقة تتوسّع. فمن يمنع لبنان من أن يكون جزءاً من شرقٍ جديد يتقدّم، فيما نحن ندفن أبناءنا كل عشر سنوات في حرب جديدة ليست حربنا؟
هذه الفرصة ليست دبلوماسية فقط، بل وجودية.
فرصة ليقول الاغتراب بصوت واحد:
أغلب الشعب اللبناني مع السلام، ومع قيام دولة حقيقية، وضد بقاء حزبٍ يعمل كذراعٍ خارجية إرهابية على أرض لبنان.
الطبقة السياسية في الداخل ليست حرّة.
هي أسيرة إملاءات الميليشيا، مرعوبة من المواجهة، مشلولة الإرادة.
هؤلاء لا يحقّ لهم أن يحتكروا قرار لبنان الخارجي، ولا أن يمنعوا الشعب في الداخل والخارج من السعي إلى مستقبل أفضل.
إن الفكر الاغترابي الحر، غير الخاضع للتهديد والسلاح، قادر أن يفتح باباً جديداً للبنان:
باب الدولة، لا الدويلة.
باب السلام، لا الحرب.
باب السيادة، لا الارتهان.
السلام ليس خيانة.
السلام ليس ضعفاً.
السلام ليس انصياعاً.
الخيانة هي أن يبقى بلداً دولته مخطوفة.
الضعف هو أن تترك ميليشيا تقرر عنك مصيرك.
والانصياع هو أن تنتظر دائماً إذن الآخرين لتبني مستقبلك.
اليوم، القرار أمام اللبنانيين ،خصوصاً الاغتراب واضح:
لبنان ينادينا، بجب أن نبدأ، إمّا السلام…وإمّا استمرار الانهيار بلا سقف ولا نهاية.
شبل الزغبي/عضو مجلس القيادة المركزية في حرّاس الأرز