شبل الزغبي/لبنان… من دولةٍ حرّة إلى نسخة رديئة عن نظام الملالي الإيراني – رئيس مكبل في بعبدا ومرشد أعلى في الضاحية

60

لبنان… من دولةٍ حرّة إلى نسخة رديئة عن نظام الملالي الإيراني – رئيس مكبل في بعبدا ومرشد أعلى في الضاحية
شبل الزغبي/07 كاون الأول/2025
لبنان لم يعد وطناً ناقص السيادة…
هو وطنٌ منتهي الصلاحية تُرك ليذوب ببطء تحت عين سلطة لا تحكم، ودويلة تحكم كل شيء.
اليوم، المشهد واضح:
رئيسٌ محشور في بعبدا بلا قرار، ومرشدٌ فعليّ في الضاحية يملك مفاتيح الجمهورية من أصغرها إلى أكبرها.
تماماً كما في إيران: رئيس صوَري معلّق بخيط، ومرشد أعلى يتحكّم باللعبة كلها من قم.
لبنان أصبح نسخة رديئة من النموذج الإيراني، ولكن بأسوأ طبعته:
نسخة تدميرية لا تملك لا قدرة الإنتاج الإيراني ولا تماسك النظام الإيراني… بل فقط السلاح والهيمنة والاقتصاد الأسود.
الجيش في لبنان؟
مؤسسة محاصرة ومكبّلة.
الجيش الحقيقي، القرار الحقيقي، القوة التي تُقرر ساعة الحرب وساعة السلم، موجودة عند جهة واحدة، فوق الدستور، فوق الدولة، فوق الناس.
تماماً كما في إيران: جيش رسمي للعرض… وحرس ثوري للحكم.
نحن أيضاً لدينا جيش رسمي وحزب مسلّح هو الذي يرفع الراية فوق كل المؤسسات.
الباسيج هناك… وكشافة المهدي هنا.
تعبئة تبدأ من الطفولة، صناعة ولاء قبل الوعي، زرع فكرة أنّ “حزب الله” هو الحقيقة، وأنّ الوطن مجرّد استعارة يمكن الاستغناء عنها إذا تعارضت مع “الولاية”.
حزب الله لم يحتل لبنان بالسلاح فقط…
بل احتل عقله، مؤسساته، اقتصاده، جلسته السياسية، قراراته المصيرية.
احتلالٌ لا يظهر في صور الدبابات، بل في كل شبر من شرايين الدولة:
الحدود، المرافئ، التهريب، القضاء، البرلمان، الحكومة، الإعلام، الأمن…
حتى الهواء السياسي في لبنان يمرّ أولاً في رئة الحزب قبل أن يصل إلى صدور الناس.
احتلال ذكيّ، بطيء، صامت… لكنه شامل.
يترك لك مساحة صغيرة لتصرخ… ثم يرفع الصوت فوق صوتك.
يترك لك حرية “نقدٍ محدود”… لكنه يمسك بمفتاح القرار كله.
يُغرق الدولة بالفراغ، ثم يملأ الفراغ بنفسه.
ألم يكن لبنان منارة الشرق؟
اليوم هو مصباح منطفئ، ورصيف مهجور لدولة مشلولة، تائهة، فاسدة، تُساق من الخارج، يستعملها حزب الله كممرّ لمشروع أكبر من حجم الوطن بأضعاف.
لا انهيار… بل تخريب ممنهج. لا أزمة… بل خطة. كل شيء تعمل عليه الدويلة: إفقار الناس، هزّ الاقتصاد، ضرب القضاء، إضعاف الجيش، خلق اقتصاد موازٍ، ربط لبنان بخيوط المحور، تدمير أي فكرة استقلال، هذه ليست نتائج جانبية هذه أدوات حكم.
والطبقة السياسية؟
أتباعٌ، مساكنون، صامتون، منتفعون، خائفون، فاسدون، يمسكون الكراسي لكنهم تخلّوا عن الدولة. سلطة لا تحكم بل تُدار من خلف الستار، وتخاف من ظلّ الحزب أكثر مما تخاف من انهيار البلد.
اليوم، الحقيقة الوحيدة:
لبنان ليس تحت سيطرة حزب الله… لبنان صار جزءاً من حزب الله.
أمّة كاملة أُدمِجَت بالقوة في مشروع خارجي مهدوي إرهابي، رُكّب لها نظام هجينيّ:
رئيس صوَري، مؤسسات مفرّغة، دولة تتنفس اصطناعياً، ودويلة تملك جهاز تنفّسها الخاص.
هل هناك دولة في العالم يتحكّم فيها فريق واحد بقرارات الحدود، الحرب، الغاز، النفط، القضاء، التعيينات، الأمن، الإعلام، المحاكم، السفارات، وحتى حركة رئيس الجمهورية؟
هذا ليس نفوذاً. هذا نسفٌ للدولة من القاعدة إلى السقف.
لبنان لن يخرج من الانهيار طالما الدولة “مستأجرة”، والسيادة “مُهداة”، والرئيس “واجهة”، والمرشد “مركز القيادة”.
لن يقوم البلد طالما الدستور بلا قيمة، والجيش بلا قرار، والشارع بلا صوت، والسياسة بلا صدق، والاقتصاد بلا سيادة.
ولن يعود لبنان كما كان…
إلا عندما يتحرّر من هذه الوصاية المقنّعة، من هذا الاحتلال الذي يرتدي قناع “المقاومة”، من هذا المشروع الذي أجهز على روح الوطن قبل جسده.

لبنان ليس بلداً فقيراً… بل بلدٌ أُفقر عمداً كي يتحوّل الناس إلى رعايا.
ليس بلداً ضعيفاً… بل بلدٌ أُضعِف بالقوة كي يمرّ مشروع الدويلة بلا مقاومة.
ليس بلداً تائهاً… بل بلد ضُيِّع كي لا يعود.
الخروج من الظلمة لن يأتي من المسايرة، ولا من اتفاق جديد، ولا من وعود السياسيين الجبناء.
سيأتي عندما يصبح صوت الشعب أعلى من صوت السلاح، وأعلى من صوت المرشد، وأعلى من كل من حوّل لبنان إلى مستعمرة إيرانية بحجّة الدفاع عنه، سيأتي عندما تصبح الإرادة أقوى من الخوف وأخذ المبادرة أفضل من الخمول وعندما تطغى صيحة الحرية على صمت العبيد.
*شبل الزغبي/عضو مجلس القيادة المركزية في حزب حراس الأرز

Share