الياس بجاني/نص وفيديو/عربي وانكليزي/خطر وخطيئة وغباء عبادة وتقديس السياسيين والحُكام ورجال الدين وأصحاب شركات الأحزاب

859

خطر وخطيئة وغباء عبادة وتقديس السياسيين والحُكام ورجال الدين وأصحاب شركات الأحزاب
الياس بجاني/09 تشرين الثاني/2025

Click Here To Read The English Version of this piece/اضغط هنا لقراءة المقالة باللغة الإنكليزية

إن عبادة وتقديس السياسيين والقادة ليست مجرد خطأ فادح، بل هي أيضًا خطيئة كبرى وخطر يهدد جوهر الحرية الإنسانية. فعندما نرفع سياسيًا أو قائدًا أو حاكمًا أو رئيس حزب أو حتى رجل دين إلى مرتبة القداسة، نحن في الحقيقة نتخلى عن أغلى ما نملك: حريتنا في التفكير النقدي، تلك الحرية التي تمنحنا القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، والتي تحمي مجتمعنا من الاستبداد والطغيان.
تقديس القادة يُشلّ روح النقد والمساءلة ويُعطّل المحاسبة، تلك الروح التي تشكل الأساس لأي ديمقراطية حقيقية ومجتمع حر. إن الحرية الحقيقية تكمن في القدرة على رؤية أخطاء الآخرين وتسمية الأشياء بأسمائها، بغض النظر عن مكانتهم أو سلطتهم. وعندما نفقد هذه القدرة نتيجة للعبادة العمياء، نصبح مجرد أتباع طيعين وعبيد ومُنصاعين، نسير وراء من نعبدهم كالقطيع، دون أن نسأل أو نفكر.
هذا النوع من الانصياع الأعمى يمنح القادة قوة مطلقة، فيشعرون بأنهم فوق القانون وخارج نطاق المساءلة والنقد. وهنا يكمن الخطر الأكبر: عندما نضع شخصًا في مقام القداسة، نجعله يتجاوز الحدود دون رادع، مما يؤدي إلى فساد السلطة وتعاظم الاستبداد.
من المهم هنا أن نتذكر أن غريزة العبادة متأصلة في الطبيعة البشرية. الإنسان بطبيعته يسعى إلى البحث عن شيء أكبر منه، يتوجه إليه بالحب والخضوع، سواء كان دينًا أو فكرة أو حتى شخصًا، ولكن الفرق بين الشخص العاقل وغيره هو كيفية توجيه هذه الغريزة. العاقل يوجه عبادته نحو القيم والمبادئ السامية، وليس نحو البشر الفانين، الذين هم بطبيعتهم يخطئون ومعرضون للانحراف.
يبقى أن تقديس البشر، خصوصًا السياسيين والقادة ورجال الدين، هو خطأ جسيم لأنه يخلق نوعًا من الطغيان. فعندما يعتقد أتباع القائد أنه معصوم من الخطأ، يمنحونه القدرة على ارتكاب التجاوزات دون محاسبة، وهذا يشكل تهديدًا مباشرًا للعدالة والمساواة، ويؤدي في النهاية إلى انهيار النظام الديمقراطي.
في الخلاصة، يجب على الإنسان العاقل أن يتحلى بالحكمة والوعي، وأن يحافظ على استقلالية فكره. ولهذا علينا كمواطنين صالحين وعقلاء وأحرار أن نتعلم كيف نميز بين ما يستحق العبادة والتقدير، وبين ما يجب أن يخضع للنقد والتدقيق. ومن الضرورة بمكان أن ندرك جيدًا وبوعي وعقلانية بأن رجال السياسة والحكام والقادة ورجال الدين والمسؤولين على أي مستوى كان هم بحاجة إلى رقابة ومحاسبة مستمرة من الشعب، وإلى تقييم دائم لأفعالهم. ومن دون ذلك، نخاطر بفقدان حريتنا وتحولنا إلى مجتمع خانع وتبعي، يسير دون وعي نحو المجهول.

**الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني
Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الألكتروني
https://eliasbejjaninews.com

من أرشيف عام 2016 / تأليه السياسي يُفسده ويجعل من مؤلّهيه أغنامًا وعبيدًا
الياس بجاني/02 أيلول/2016
من أكثر المصائب خطورة وكارثية وتدميرًا التي تعاني منها شرائح لا بأس بها من شعبنا اللبناني “الغَفور” (كما سماه الراحل فليمون وهبة في مسرحية من مسرحيات الرحابنة) هي تقديس البعض لسياسيين ورجال دين والتعامل معهم من موقع الأتباع والعبيد والأدوات، ما يُفسد هؤلاء القادة الزمنيين والروحيين ويملأ ويحشو عقولهم برزم ووباء الأوهام وأحلام اليقظة، وبكل مركبات عقد التعالي والاستكبار والتوحش المرضية، ويَسلَخُهم ويُغربهم عن كل ما هو بشري وإنسانية.
بنتيجة هذا التأليه المرَضي واللاإيماني والانبطاحي الفاضح والمذل، يتحول هؤلاء القادة إلى مخلوقات نهمة لا تشبع، وبشعة ومفترية، ولَاإنسانية فكرًا، وممارسات، وثقافة، تتفوق بمرات على همجية ودموية ووحشية الحيوانات المفترسة.
في جردة موضوعية على كل السياسيين والقادة من أصحاب شركات الأحزاب العائلية والتجارية اللبنانية، مسلمين ومسيحيين على حد سواء، يتبين لمن لا يزال يتمتع بقواه العقلية، وبحاسة النقد الفاعلة، وبالضمير الحي، وبالقدرة على التفكير السليم، يتبين أن كل هؤلاء، “وكلهم هنا يعني كلهم” هم في مواقعهم الحزبية والنيابية والقيادية والإقطاعية أبديون وسرمديون ولا يفكرون بتركها لأي سبب من الأسباب، وإن فعلوا فمُجبَرون بسبب الموت.
يرث أولادهم من الذكور والإناث، أو أحد أفراد عائلاتهم من بعدهم رئاسة شركاتهم المسماة زورًا أحزابًا، وهنا لا استثناءات بتاتًا. كما يتبين بجلاء بأن غالبية هؤلاء، قد تم تقديسهم وتأليههم وسلخهم عن إنسانيتهم خلافًا لكل القيم والمبادئ والمفاهيم الإيمانية.
وبهرطقة ما بعدها هرطقة يتم تصويرهم كما يُصوَّر الأبرار والقديسون، وتُنشد لهم الأغاني والأشعار التبجيلية بمناسبة وغير مناسبة. أوَليس هتاف: “بالروح والدم نفديك”، استفراغًا كلاميًا غبيًا يُلخّص هذه الحالة المرضية واللاإيمانية المدمرة؟!
للأسف نحن نعيش راضين وخانعين في وسط أكوام القمامة وغير قادرين على تنظيف بلدنا منها، وفي نفس الوقت، نرى كبارًا من قادتنا السياسيين والروحيين، وشرائح لا بأس بها من أهلنا تُداهِن وتُمجِّد المحتل الإيراني الذي يفترس بلدنا ويصادر حريتنا واستقلالنا وسيادتنا، وتقدس سلاحه العدواني ودويلاته دون حراك وتتركه يهجرنا من أرضنا، ويفكك كل مؤسسات دولتنا، ويهدم كياننا، ويُلغي رسالتنا، ويدمر بلدنا وكل مقوماته على جماجمنا التي كثير منها فارغ من أجل النفاق والتقية والذمّيّة.
ولأن من يسكت على علّته تقتله، نسأل: كيف يمكن أن نُصوّب ممارسات ومواقف وتحالفات أي سياسي، أو رجل دين في حال كنا رفعناه إلى مستوى الآلهة وقدسناه وأنشدنا له الأغاني ورسمناه كما نصور القديسين وارتضينا أدوار الأتباع والأدوات؟!
نعم، إن وطننا لبنان في خطر كيان وهوية، ووجود، ورسالة ودور. ونعم، من واجبنا أن نقاوم ونرد عنه الوحوش الكاسرة من محليين وغرباء. ولكن لنتمكن من المواجهة علينا أولاً وقبل أي عمل آخر أن نحرر أنفسنا من وباء التبعية والغنمية ونتوقف عن التذاكي والتشاطر والتلطي خلف نفاق التقية والذمّيّة.
والأهم أن نتوب ونُؤدي كفارات عن خطايا تقديس وتأليه السياسيين ورجال الدين، ونُنتج من بيننا قيادات متواضعة ومؤمنة وغير نرجسية، وعندها قد تبدأ رحلة الألف ميل، وإلا فالجرح لا يُعالج.
*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني
Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الالكتروني على الإنترنت
http://www.eliasbejjaninew.com

Share