شبل الزغبي/حرب مدمرة على الأبواب ودولة غائبة … لبنان على حافة الانهيار الأخير

2

حرب مدمرة على الأبواب ودولة غائبة … لبنان على حافة الانهيار الأخير
شبل الزغبي/28 تشين الثاني/2025

لبنان الذي كان يوماً رمزاً للنهضة والحرية والثقافة تحوّل اليوم إلى دولة متسوّلة، كيانٍ ينتظر المعونات وفتات المساعدات ليصمد يوماً إضافياً. طبقة مافيوية جعلت الوطن ورشة تسوّل، لا دولة منتجة. جعلت حدوده ممرّاً لتهريب المخدرات والسلاح، وصار اسمه مرتبطاً بشبكات الجريمة بدل أن يكون منارة الشرق. وما يسمّى بالعهد لم يبدأ أساساً، بل إنها هدنة طويلة مع العدم، انتظاراً عبثياً لست سنوات من الوعود الفارغة. فلا القرارات الدولية تُطبق ولا خطاب القسم نُُفذ بند منه ولا البيان والقرارات الوزارية احتُرمت. أي إنجاز؟ وأي مواجهة؟ لا إنجاز ولا مواجهة مع مافيات سياسية عقائدية تدير كل ملف في الدولة من الأدوية إلى المستشفيات، من المازوت إلى البنزين، من النافعة إلى القضاء، من المدارس إلى الجامعات. زعماء يشرفون على الفساد بالعلن كما لو أنّه مؤسسة رسمية، محميّون بالسلاح غير الشرعي، محاطون بمصالح أعمق من الدولة نفسها، فيما الطبقة السياسية لا ترى في الإنقاذ إلا مناسبة انتخابية. كل همّها إجراء انتخابات لتعيد إنتاج نفسها، مهزلة تشرّع الفشل وتعيد إنتاج الخراب، وكأنّ تدوير الانهيار هو مشروعها الوحيد. كلام سياسي سطحي يومي، بلا عمق، بلا استراتيجية، بلا رؤية تبني بلداً أو تعطي أملاً لشعب يائس. وهنا، مطالبتنا سياديي البلد ألّا يكونوا شهود زور متواطئين، وبأن يقفوا صفاً واحداً ضد الانتخابات النيابية في ظل هذا الواقع، لأنه لا معنى لانتخابات تُجرى تحت ظل السلاح، ولا شرعية لأي صندوق اقتراع ما دامت قوة غير شرعية تتحكّم بالقرار وتفرض نتائجها قبل فرز الأصوات. بعد تحرير الوطن من الإرهاب السياسي والعسكري، عندها فقط نريد انتخاباً حقيقياً، انتخاباً يصنع دولة لا مزرعة، يعيد السلطة إلى الشعب لا إلى ميليشيا حزب غير شرعي مسلح.

لبنان صار مسرحاً للجريمة المنظمة، مساحة مشرّعة للنهب، حيث كل قطاع ينهار تحت أقدام عصابات رسمية وغير رسمية. ويأتي رئيس جديد وحكومة جديدة في كل مرة، فنظن للحظة أنّ هناك فرصة للخلاص، لنكتشف سريعاً أنّ الخيبة أسرع من الضوء. كيف يمكن لدولة أن تنهض وهي مجموعة دويلات طائفية متناحرة، كل واحدة منها تملك مسرحاً وخطوطاً حمراء وولائات خارجية متعددة، بينما الدولة الأم مريضة، عاجزة، منزوع عنها القرار والسيادة؟
هل يحق للبنانيين، وقد أصبحوا قاصرين في وطنهم، أن يطلبوا من الأمم المتحدة وضع البلاد تحت الفصل السابع؟ ربما نعم، لأن الدولة فقدت القدرة على حماية شعبها. لأن الخطر على الأبواب والمنظومة لا تشعر بشيء. حرب جديدة تُقرع طبولها، والسلطة غائبة، عاجزة، لا تجرؤ على الاقتراب من السلاح الإيراني الذي دمّر الاقتصاد والدولة والثقة، ويستعد لتدمير ما تبقى. بلد رهينة، ناسه رهائن، وقراره معلّق بعواصم غير العاصمة.

هكذا أصبح لبنان: دولة منهارة، منظومة فاسدة، ميليشيا تتحكّم، طبقة سياسية عمياء لا ترى أبعد من صندوق اقتراع مزيّف يعيدها إلى قصورها، شعب مقموع، وسلطة تتصرّف وكأن القيامة ليست غداً. وإذا لم ينتفض اللبنانيون، قريباً لن يبقى لبنان ليُحكم، ولا شعب ليُخدع، ولا دولة يمكن إنقاذها بعد أن يكتمل الخراب
*شبل الزغبي/عضو مجلس القيادة المركزية في حزب حراس الأرز

Share