أيها الحبر الأعظم… استقبلهم في كرسي الاعتراف!
جورج يونس/فايسبوك/26 تشرين الثاني/2025
أبانا الأقدس، نحن بسببهم قد كفرنا، ومن جرّائهم نُهِبنا، وبسبب أطماعهم خسرنا الدولة، وبسَلبَطَتهم على مراكز النفوذ والقرار هاجر شبابنا، وبذريعة حفاظهم علينا رحنا نخسر جنّة الله على الأرض، وبإنعدام بُعدِ الرؤية عندهم تقلّص وجودنا، وبتمادي بَطَرِهم، فُظِعَ فينا وانتهكت كراماتنا بأساليب لم يسبقهم إليها أيُّ ظالمٍ في العالم!
أبانا الأقدس، في كرسي الاعتراف إسألهم: عن مَن احتضن من غطوا الانهيار المالي واستفادوا منه، ومن حضنوا المدراء والقادة المتورطين بالصفقات، ومن غطوا رجال الإهمال الملاحقين دولياً وأصحاب المصارف.
إسألهم عن مَن أوصل لبنان إلى حالة الإفلاس الأخلاقي والاقتصادي والسياسي، عن مصير التحقيقات والمساعدات في قضية انفجار مرفأ بيروت وإعادة ترميم المنازل المتضررة، عن حجم هجرة الشباب من لبنان، ولماذا؟
إسألهم عن مصير أموال الإسكان وحقيقة المستفيدين منها، عن حماية كل المتورطين بملفات الفساد التي أغرقت الخزينة بالديون، عن مصادرة أموال المودعين في المصارف وتهريب أموال أصحاب النفوذ إلى الخارج، عن وضعية الخدمات الأساسية والحيوية عندنا، عن حقيقة تورّط مختلف الأطياف في ملفات العمالة المتنوعة، عن أعداد الشهداء والضحايا منذ عام 1975 حتى يومنا هذا.
إسألهم عن سبب قيام جورج زريق بحرق نفسه أمام إحدى المدارس الكاثوليكية في شمال لبنان، عن مَن تسبّب باقتلاع أعين العديد من ثوار 17 تشرين حين طالبوا بأبسط حقوقهم كمواطنين، عن حقيقة أرقام الانتحار في وطننا وكيفية تمويهها بأسباب صحية متعددة، عن حقيقة تسليم مقوّمات الدولة إلى أمراء الحرب ومن أبدعوا فيها وفينا، عن مواقع المقابر الجماعية، عن أوضاع الأوقاف المسيحية، عن نسب الزواج والولادات والوفيات في بيئتنا، عن كيفية تحويل أملاك الناس في وسط بيروت إلى شركة سوليدير، عن رواد وتجار الكبتاغون والمخدرات وحماتهم وضحاياهم، عن أعداد الذين يتمنّون أن يحيوا حياة رجال الإكليروس عندنا، عن امتناع المغتربين عن التسجيل للمشاركة في الانتخابات النيابية القادمة، عن مصادرة مشاعات الدولة والشواطئ البحرية، عن خلفية كثرة التماثيل الدينية وبجاحة أفعال تجّار الهيكل مقابل أقوالهم، عن تكلفة أعراس أبناء الطبقة المخملية في مقابل إحجام الفقراء عن الزواج.
إسألهم عن رواتب أفراد الجيش اللبناني والقوى الأمنية، عن هجرة الأدمغة بسبب تعاظم البطالة، عن السلاح غير الشرعي والمتفلّت، عن أعداد النازحين السوريين الذين باتوا يشكّلون العبء الأكبر على كل ما هو لبناني، عن بيلاطس الذي لبس ثوب القداسة ليعتلي كراسي النفوذ والعظمة، عن أعداد اليوضاسيين بيننا، وعمّا سيفعلونه بكل هذه الأموال التي أصبحوا وحدهم مالكيها.
إسألهم كيف سيواجهون الله، مع كل مآثرهم، عند ساعة الحقيقة…أيها الأب الأقدس، اسمع عنهم ما نريد نحن إيصاله إلى مسامعك، لا ما يريدونك أن تستمر بسماعه منهم. فنحن لسنا بخير، ولبنان اليوم على قاب قوسين من النزاع الأخير، وحينها ستسمع من آخر رعاياك المتبقّين في هذا الشرق المعذّب، بأن تُحجِم الغفران عن كل مسؤول زمني وروحي منهم، لأنهم كانوا، خلال مخاضنا الطويل، يدركون وبعمق ماذا يفعلون.