الكولونيل شربل بركات/على الدولة بسط سلطتها فورا حيث تستطيع

2

على الدولة بسط سلطتها فورا حيث تستطيع
الكولونيل شربل بركات/15 تشرين الثاني/2025

يقول قائل بأن الدولة تقوم بواجبها لبسط سيطرتها على البلد وقد التزم الرئيس في خطاب القسم بحق الدولة وحدها بامتلاك السلاح ومن ثم اتخدت الحكومة قرار حصر السلاح بمؤسسات الدولة الأمنية وكلفت قيادة الجيش بالتنفيذ. ولكن خطة الدولة كانت حددت الانتهاء من جمع السلاح قبل آخر السنة ما لم تقره قيادة الجيش التي ادعت بأنها سوف تنتهي من جمع السلاح جنوب الليطاني فقط خلال هذه المهلة ولكنها لن تكون قادرة على التنفيذ في كل لبنان قبل سنتين إلى ثلاث سنوات.

بينما يسير الشرق الأوسط نحو التفاهم حول مبادئ السلام ووقف الحروب، ومن ثم البدء بورشة اعادة الاعمار، فإننا نجد لبنان يتأخر عن هذا المشروع كونه لم يقدر أن يلتزم بسط سلطته على كامل أراضيه. وبالتالي فإنه يصبح شيئا فشيئا عائقا أمام تنفيذ المشروع الكبير، والسبب هو قصر نظر المسؤولين فيه على ما يبدو. فالرئيس السوري الشرع الذي قدّم نفسه بأنه يسيطر على كامل القوى في بلده لم يقدر أن يتفاهم بعد مع الأكراد في الشمال ولا مع الدروز في الجنوب ولم يبعد عن جماعته تهمة مهاجمة المدنيين العلويين على الساحل الذين ابعدوا عن المشاركة بالحكم، وبالرغم من ذلك فإنه قدر على اقناع المجتمع الدولي بأنه يسيطر على أجزاء مهمة من البلد، ويحاول التوصل إلى تفاهمات لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها. بينما يعرف الكل بأن “قسد” تملك من القوة والتنظيم ما لا يملكه الشرع، وقد تفاهم دروز السويداء مع الاسرائيليين على دعم مفتوح، بينما بقيت القواعد الروسية في الساحل قادرة عند الحاجة على التدخل لمنع الهجمات على المدنيين العلويين فيما لو وصلت الأمور إلى هذا الحد. وبالرغم من ذلك فقد استقبل الشرع في واشنطن استقبال الرؤساء، بينما بقي الرئيس اللبناني جوزيف عون في الولايات المتحدة اسبوعين بانتظار تنظيم اجتماع له مع الادارة لم يحدث. فلماذا الاهتمام بالرئيس الشرع من قبل ادارة الرئيس ترامب الذي يعتبر الأقرب إلى لبنان ومن ضمن طاقمه الكثير من اللبنانيين، وعدم الاكتراث الظاهر باتجاه الرئيس اللبناني؟

لن نعود إلى الوراء كثيرا ولن نبكي على الأطلال ونقول لو أن خطاب القسم أرفق بدعوة الرئيس بري لتسلم زمام الطائفة الشيعية حتى الانتخابات، واعتبار حزب الله جماعة ارهابية منحلة أوصلت لبنان إلى حرب كلفته الكثير من الدماء والدمار، ومن ثم الطلب إلى نوابها الاستقالة من المجلس، وقادتها تسليم أنفسهم إلى القضاء، حيث كان بالامكان عندها فرض تسليم السلاح في كل لبنان، وحل كافة أجهزة الحزب وقطع العلاقات مع طهران، التي تسبب الحرس الثوري فيها بكل تلك المآسي، لا بل تحميلها مسؤولية اعادة الاعمار ودفع التعويضات عن القتلى والدمار، على أن تتسلمها الدولة وتنسق توزيعها مع الشيعة الأحرار الذين لم يشاركوا في القتال وقوى الجيش وبقية أجهزة الدولة. ولكن، ولو أن الأمر لم يكن بهذه السهولة، انما كان يجب أن يكون لدى الحكم بعد النظر الكافي لكي يفهم بأن الحزب، إذا لم يوقف عند حده، سوف يعود إلى النهوض بمساعدة إيران، وعندها سيمنع الطائفة الشيعية بكاملها، وعلى راسها الرئيس بري، من الالتحاق بالدولة وجمع سلاحه وحل أجهزته، لا بل التطاول على المؤسسات ووضع الشروط على اي خطط تقوم بها الحكومة، إذا لم يوافق عليها من يديره من طهران. وهذا ما رأيناه. فهل إن الرئيس ترامب وادارته لم يشاهدوا هذه الخسائر التي تسبب بها الحكم في لبنان على الصعيد السياسي، واعادة التجهيز والتنظيم التي قام بها الحزب، وعدم المبادرة والتصرف كما يجب مع كل الدعم الذي وعد به هذا الحكم من قبل المجتمع العربي والدولي؟

لا يزال بامكان الحكم أن يقوم بالسيطرة أقله على المناطق التي لا تشكل حاضنة للحزب ويفرض فيها سلطته ويوقف كل التصاريح ويمنع دخول المسلحين قطعيا إليها وبشكل خاص جماعة الحزب، ويصادر الأسلحة والمخازن الموجودة فيها، على أن تسمى هذه العملية الجزء الأول من الخطة الأمنية. كما يمكنه أن يستمر بالتفاوض مع الحزب لتسليم بقية سلاحه في المناطق التي تعتبر حاضنته الرئيسية. عندها قد يتمكن من التوجه إلى المجتمع الدولي والعربي، كما يفعل الرئيس السوري، ويدّعي بأنه يسيطر على الأقل على جزء مهم من البلد يمكنه أن يفرض فيه قرارات الحكومة. وانطلاقا من هذه المناطق سوف يكمل، بمساعدة دولية وعربية، ربما تكون مالية أو اعمار أو ما إلى هنالك من المغريات، انتشاره أو تمدده صوب مناطق الحزب لكي يطالب السكان فيها بعودة الدولة وتقليص الوجود المسلح للحزب شيئا فشيئا.

بالأمس طرح الرئيس اللبناني فكرة التفاوض مع اسرائيل وقد منعه الحزب بلسان الرئيس بري من التمادي بالموضوع، ومن ثم فهو لا يزال يضغط عليه بدل أن يكون الحكم هو الذي يضغط لأنه يتمتع بدعم عالمي في ظل استمرار ملاحقة عناصر الحزب من قبل اسرائيل والدعم الأميركي للجيش والحكم، حيث يمكنه التحجج بمطالب الأميركيين لتنفيذ برنامجه للسيطرة على البلد واعادة التنظيم في كافة القطاعات. ولكن على ما يبدو لا يزال هناك رواسب في الحكم من العهود التي اعتادت على التعايش مع المليشيات والاحتلالات ولا قدرة عندها على تصور السيادة والتحكم بالسلطة بدون تعليمات وخوف من الاغتيالات والتهديد.

الفرص تنتهي بسرعة قبل أن يستوعب من في مركز القرار بأنها لن تعود. فهل سنرى الحزب غدا هو من يفاوض اسرائيل بشكل مباشر ويتخلى عن سلاحه ونظرياته مقابل أن يتحكم هو بقرارات الدولة ويتسلم هو السلطة، كما حدث مع الاسلاميين في سوريا، ليشكل نقطة توازن يدّعي من في الحكم اليوم بأنها كانت منذ البدء هي “المشروع الصهيوني” للمنطقة؟

الحل الأنسب للجميع هو بأن يأخذ الحكم المبادرة ويقاتل في سبيل فرض سيطرته، وبالتالي استقلال البلد وحرية قراره. فيبدو عندها أهلا للتعاون، ويمنع جماعات النظريات الفاشلة من نشر طروحاتهم ومشاريعهم الهدامة، ليبقى البلد موحدا، بالحكم الرشيد وبعد النظر، والتعاون مع الجيران من كافة الاتجاهات، والقوى العالمية وعلى راسها الولايات المتحدة، حيث يجب أن يسعى الحكم لاستغلال عرض السيناتور غراهام الذي اقترح توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين الولايات المتحدة ولبنان فيطلب تنفيذها فورا، وعندها يأمن استمرار الاستقرار، وحماية المواطنين، وتنظيم الاقتصاد، والانتقال إلى مرحلة الرفاه التي يحلم بها كل اللبنانيون، فيرتفع كابوس الحرب والقتل والحقد عن رؤوسنا إلى ما شاء الله.

فهل من أمل بعد؟ أم أن جيش المستشارين الذين خدموا في ظل الاحتلالات لا يعرفون أن يحلموا بهذا القدر من التصور؟..

**اضغط هنا لدخول صفحة الكولونيل شربل بركات على موقعنا المنشورة عليها كل مقالاته وكتبه وتحليلاته
**Click here to access Colonel Charbel Barakat’s page on our website, where all his articles, books, and analyses are published

السيرة الذاتية للكولونيل شربل بركات
خبير عسكري، كاتب، شاعر، مؤرخ، ومعلق سياسي

*ضابط متقاعد من الجيش اللبناني
*متخرج من المدرسة الحربية ومجاز بالعلوم السياسية والادارية من الجامعة اللبنانية
*كلف كأحد الضباط لتنظيم الدفاع عن القرى الحدودية منذ 1976
*تسلم قيادة تجمعات الجنوب
*تسلم قيادة القطاع الغربي في جيش لبنان الحر وأصبح مساعدا للرائد سعد حداد ثم تسلم قيادة الجيش بالوكالة عندما مرض الرائد حداد واستمر بعد وفاته حتى مجيء اللواء أنطوان لحد فأصبح مساعده ثم قائدا للواء الغربي في جيش لبنان الجنوبي
*ترك العمل العسكري في 1988 وتسلم العلاقات الخارجية
*شهد أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي مرتين
*كاتب سياسي وباحث في التاريخ له الكثير من الكتب والمقالات السياسية التاريخية والانسانية
نشر كتابه الأول “مداميك” (1999) الذي يحكي عن المنطقة الحدودية ومعاناة أهلها، ترجم إلى العبرية ونشرته معاريف (2001) والانكليزية (2012) Madameek – Courses – A struggle for Peace in a zone of war موجود على Amazon Books
*نشر كتابه الثاني “الجنوب جرحنا وشفانا” الذي يشرح الأحداث التي جرت في المنطقة بين 1976 – 1986
*الكتاب الثالث “Our Heritage” كتاب بالانكليزية يلخص التراث اللبناني مع رسومات لزيادة الاستيعاب موجه للشباب المغترب
*كتابه السياسي الثالث “لبنان الذي نهوى” (2022) جاهز للطبع
*كتاب مجزرة عين إبل 1920 وهو بحث تاريخي عن المجزرة التي ساهمت في نشوء وتثبيت لبنان الكبير
*كتاب “المقالات السياسية 2005 – 2013” مئة ومقالة منشور على صفحته
*كتاب “الشرق الأوسط في المخاض العسير” مجموعة مقالات سياسية (2013 – 2025)
*كتاب “العودة إلى عين إبل” بحث تاريخي بشكل قصصي عن تاريخ المنطقة بين 1600 – 1900
*كتاب شعر عن المعاناة خلال الحرب الكبرى 1914 – 1918 من خلال قصيدة زجلية نقدية جاهز للطبع
*كتاب “تاريخ فناء صور الخلفي” بحث تاريخي عن المنطقة الجنوبية – قيد الانجاز
*كتاب المقالات الانسانية وكتاب عينبليات قيد الانجاز

Share