هل تتطور الحرب على حزب الله قريبا؟
الكولونيل شربل بركات/10 تشرين الثاني/2025
خلال الحرب على حماس لم يعد هناك تمييز بين القادة السياسيين والعسكريين، ولا بين من يقيم في غزة أو في الخارج، وبالتالي فقد اتخذ قرار انهاء قيادة التنظيم في شتى المواقع. ولكن التعامل مع حزب الله في لبنان كان مختلفا فلم يستهدف أو يصب أي من قادته الساسيين أو نوابه خلال الأحداث، وبالتالي هاهم وقد عادوا لقيادة الشارع والحركة السياسية والتأثير على مواقف الناس العاديين وأرائهم، بخطاباتهم الرنانة ونظرياتهم الفارغة، وليس فقط المجندين والموظفين في التنظيم العسكري. وهل إن جهاز الأمن أو الاعلام في التنظيم الإيراني مثلا هو أقل خطرا من الوحدات العسكرية؟
الأيام التي مرت خلال السنة الماضية، أي منذ القبول بشروط وقف اطلاق النار، قد أظهرت بأنه ليس هناك من ارتدع عن القيام بتعبئة ابناء الطائفة أو قيادة التحركات على الأرض باتجاه اعادة التجهيز العسكري وتحضير المواطنين لجولة جديدة. وهؤلاء قد يشفق عليهم أحيانا كونهم شكلوا وقودا لهذه الحرب كان يفضّل استبعادهم وممتلكاتهم عن مسارها ونتائجها. وقد سعت القيادة السياسية للحزب والثنائي مجتمعة وبعد كل ما حصل لتعبئة الرأي العام الشيعي وتوجيهه صوب التعنت والاعتقاد بالقدرة على مواجهة اسرائيل، لا بل أميركا. وهم بدل أن يتعظوا مما جرى خرجوا من باب الحزب المدمر ليرجعوا من شباك الحكومة المتجددة، ويعاودوا التطاول على الدولة والسيطرة عليها بتكبيلها ومنعها من أخذ المبادرة لوقف الفوضى والالتحاق بقطار الدول المنظمة التي تسعى لضبط الأمن والالتزام بعدم التعدي على الجيران، لا بل استغلال الأوضاع لحجز مكان على طاولة التفاوض التي تؤدي إلى المشاركة بوضع الحلول وحفظ الحقوق.
فهل سيجد الاسرائيليون أنفسهم في نفس الموقف، أي كما في غزة بالنسبة لحزب الله في لبنان، فيستبيحون كل شيء هذه المرة ولا يميزون بين “المدنيين” والمسلحين، طالما الكل يتبجح بأنه سيقاتل، ولم يتعلم من أمثولة الحرب تلك أي شيء، من راس الهرم إلى القاعدة، اي من الرئيس بري الذي يحاول دوما أن يزايد على الحزب إلى أصحاب العمامات الذين اعتقدوا بأنهم سيحلون محل نصرالله ونوابه، وبالتالي بقية المنظرين والمتطاولين الرافضين لكل الحلول ما لم تأتِ متوجة بقرار من طهران؟
مع الأسف وبعد كل الخسائر التي منيوا بها لم يتعظ أحد من “الأخوة” الذين بيعوا بخسا لنظام الملالي، وها هم يعيدون التمركز خلف أكياس الرمل المهترئة، ويسكنون فوق مخازن القذائف والصواريخ التي ستمزقهم بأقل كلفة، وكأنهم لم يتعلموا أي شيء مما جرى في ما أسماه زعيمهم “حرب الاسناد”، وكانت تختلف عما كان خطط له من حروب لتدمير (الكيان الهش) “بيت العنكبوت” الذي لا يحتاج أكثر من سبع دقائق يتم خلالها احتلال الجليل ثم تحرير القدس واعادة اليهود إلى الدول التي أتوا منها. ولا يزال نائبه الذي حل محله يتوعّد كل يوم معتقدا بأنه يناور فقط، محملا الحكومة مسؤولية الاعمار والدفاع ومحذرا من اي تفاوض، وكأنه الآمر الناهي الذي لن يطاله ضيم.
العالم كله يتحضر للجولة القادمة، فهل ستكون نهائية يتم خلالها استهداف الكل؟ وما الفرق بين حكومة الحوثيين في صنعاء التي قصفت وقتل من قتل من رجالها وبين نواب الحزب والحركة في بيروت؟ وهل ان وفيق صفا الذي عفي عنه يوم استهدف المنزل الذي استأجره خارج الضاحية، ولم يرتدع بل عاد معتقدا بأنه قادر على المواجهة، فبدأ بمهاجمة الحكومة ورئيسها محاولا فرض الراي والسيطرة على الشارع وتهديد الآمنين؟ فهل ستمر هذه المرة سليمة كما سابقتها؟
نحن نأسف مسبقا على كل نقطة دم بريئة ستنزف بدون سبب، وعلى كل حجر سيسقط من مداميك البيوت التي بنيت بالجهد والعرق. ولا يعرف من تربى على أموال الحرس الثوري وأوامره أي معنى لما نقول، وبالتالي فمن ولد منذ خمسين سنة ونشأ على تعاليم وثقافة هذا الحزب “الشيطاني” لم يعش قيم لبنان ومفاهيم شيعة الحق، لا بل لم يعرف ما تعنيه حضارة هذا البلد المتنوع والذي شدد دوما على علاقات الأخوة والصداقة والتعاون مع الآخرين. فكيف ستنتهي هذه اللعبة السمجة؟ وماذا سيجني هؤلاء من كل ما دفعوه في سبيل أئمة إيران ونظام الولي الفقيه؟ وهل سيلحق بهم اسياد طهران التي بدأت تعاني من ضعف الادارة وقصر نظرها؟
يقول البعض بأن الحرب قادمة ونهاية الحزب سوف تتم قبل أواخر العام، فالدول التي ترسم الحلول لا يمكنها أن تسير على سرعة تفهّم الشيخ نعيم لمجريات الأحداث، ولا لردات فعل الرئيس بري والمفتي قبلان وغيرهم من المنظرين. وقد حاول العالم التمييز بين الارهابيين وبقية المواطنين الذين يقع عليهم الفعل ولا خيار لهم، ولكن زعماءهم على ما يبدو اختاروا السير نحو الانتحار جارين معهم حتى بعض أركان الدولة. ونحن نخاف، بعد قرار المواجهة الذي أعلنه الرئيس عون والذي سيعطي غطاء للتصرفات الفردية وجعل الحكم يبدو طرفا في القتال، أن يصبح الجيش اللبناني هدفا بدل أن يكون هو الحل.
على الدولة أن تحزم أمرها وتختار موقعها من الأحداث، فهي لم تكن مرة شريكة في القرار فلماذا ستشارك الآن بتحمّل نتائج قرارات لا تمت لها بصلة. وبدل أن تستجيب لدعوات الولايات المتحدة وتصبح شريكة كاملة معها ضمن اتفاقية دفاع مشترك، ها هي تحاول أن تتملص من هذا العرض لتبقى رهينة الهيمنة الإيرانية وسيطرة الملالي الذين لا يعرفون أن يقودوا شعبهم نحو الازدهار والبحبوحة فكيف بهم يقودون الشرق الأوسط نحو عصر الانفتاح ويعيدون تشكيله بمفاهيم العالم الجديدة التي لا يعرفون عنها شيئا؟
السيرة الذاتية للكولونيل شربل بركات
خبير عسكري، كاتب، شاعر، مؤرخ، ومعلق سياسي
*ضابط متقاعد من الجيش اللبناني
*متخرج من المدرسة الحربية ومجاز بالعلوم السياسية والادارية من الجامعة اللبنانية
*كلف كأحد الضباط لتنظيم الدفاع عن القرى الحدودية منذ 1976
*تسلم قيادة تجمعات الجنوب
*تسلم قيادة القطاع الغربي في جيش لبنان الحر وأصبح مساعدا للرائد سعد حداد ثم تسلم قيادة الجيش بالوكالة عندما مرض الرائد حداد واستمر بعد وفاته حتى مجيء اللواء أنطوان لحد فأصبح مساعده ثم قائدا للواء الغربي في جيش لبنان الجنوبي
*ترك العمل العسكري في 1988 وتسلم العلاقات الخارجية
*شهد أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي مرتين
*كاتب سياسي وباحث في التاريخ له الكثير من الكتب والمقالات السياسية التاريخية والانسانية
نشر كتابه الأول “مداميك” (1999) الذي يحكي عن المنطقة الحدودية ومعاناة أهلها، ترجم إلى العبرية ونشرته معاريف (2001) والانكليزية (2012) Madameek – Courses – A struggle for Peace in a zone of war موجود على Amazon Books
*نشر كتابه الثاني “الجنوب جرحنا وشفانا” الذي يشرح الأحداث التي جرت في المنطقة بين 1976 – 1986
*الكتاب الثالث “Our Heritage” كتاب بالانكليزية يلخص التراث اللبناني مع رسومات لزيادة الاستيعاب موجه للشباب المغترب
*كتابه السياسي الثالث “لبنان الذي نهوى” (2022) جاهز للطبع
*كتاب مجزرة عين إبل 1920 وهو بحث تاريخي عن المجزرة التي ساهمت في نشوء وتثبيت لبنان الكبير
*كتاب “المقالات السياسية 2005 – 2013” مئة ومقالة منشور على صفحته
*كتاب “الشرق الأوسط في المخاض العسير” مجموعة مقالات سياسية (2013 – 2025)
*كتاب “العودة إلى عين إبل” بحث تاريخي بشكل قصصي عن تاريخ المنطقة بين 1600 – 1900
*كتاب شعر عن المعاناة خلال الحرب الكبرى 1914 – 1918 من خلال قصيدة زجلية نقدية جاهز للطبع
*كتاب “تاريخ فناء صور الخلفي” بحث تاريخي عن المنطقة الجنوبية – قيد الانجاز
*كتاب المقالات الانسانية وكتاب عينبليات قيد الانجاز