
العظمة والتقدم وأثر الثورة في الوصول إلى الحرية
ادمون الشدياق/فايسبوك/06 تشرين الثاني/2026
«ليس بمقدور أي إنسان أن يكون عظيمًا إذا لم يكن حرًّا» (من رسالة جبران خليل جبران إلى ماري هاسكل عام 1913) وكذلك الشعوب لا يمكن أن تكون عظيمة إذا لم تكن حرة، غير مقيدة إلا بأيديولوجيتها وحريتها وسيادتها الوطنية.
الترقيع في نظام فاسد: عبث لا يجدي
العمل والتعامل والتحاصص داخل النظام الفاسد، ومن داخل دولة أنتجت الفساد والاحتلالات السورية والإسرائيلية والفلسطينية والإيرانية، مجرد ترقيع لثوب بالٍ مهترئ لا ينفع معه الترقيع، بل يجب رميه والاستثمار في ثوب جديد نظيف يستحق الجهد ويعبّر عن التطلعات.
أيُّ أملٍ يبقى دون قلب الطاولة من قبل أحرار لبنان، لخلق نظام جديد نظيف يعبّر عن تطلعات اللبنانيين وعن قدراتهم كأفراد أحرار مبدعين ومواطنين ذوي كرامة وتطلعات مستقبلية لا يحدها الزعماء العفنون والفاسدون، ولا الدولة الفاسدة الميؤوس منها؟
نظام جديد يحاسب الخونة ويبني الثقة
نظام ودولة جديدة تعلّق المشانق للخونة، وتحاسب الفاسدين، وتتيح للمواطن أن يثق بدولته، فيتبعها وحدها، ويحاسب أحزابه بناءً على مدى التزامها بالدستور والسيادة والقانون. الدولة التي يعمل لها الرئيس جوزاف عون ونواف سلام لن تنجح، لأنها تتوقع نتائج جديدة بحسابات وأدوات قديمة مجرّبة وفاشلة. فقد قال أينشتاين: «الغباء هو فعل الشيء نفسه مرات عديدة بنفس الأدوات والخطوات وتوقّع نتائج مختلفة». لن ينجح الرئيس لأن النظام مركَّب كي لا ينجح، لا هو ولا أي رئيس نظيف حر من خارج المنظومة؛ فهو يلعب خارج قوانين اللعبة المغشوشة لصالح مافيات الفساد والعمالة.
النظام الحالي يشجّع الغنمية والذمية
النظام والدولة الفاسدة والخائنة الحالية تشجّع المواطن على الغنمية والذمية والانبطاح، لأنها تضع مصيره في يد زعماء فاسدين خونة أذلاء يتحكمون به وبمستقبله. وبالتالي، إن لم يرد الانتحار، فعليه أن يتبع نهج الغنمية والانبطاح والزحفطة والذمية كقانون يسير حياته وإرادته.
النظام والدولة الحالية لعبة مغشوشة خاسرة للبنان، ونحن فيها مجرد لاعبين نلتزم بقوانينها المغشوشة والمزوَّرة والمعدَّة خصيصًا لربح الفاسدين والخونة والذميين وعملاء الخارج. وبذلك لن نتمكن، ولو بعد مئة سنة، من تغييرها أو تقويمها من الداخل، حتى لو أصبح لدينا 100 نائب «نظيف».
أحرار لبنان: أكثرية صامتة غير فاعلة
أحرار لبنان هم الأكثرية المطلقة، لكنهم صامتون غير فاعلين، مقطورون بأحزاب ومنظمات وتيارات ذمية مزحفطة تفتقر إلى الرؤية والشجاعة والالتزام المطلق بالتغيير، والعودة إلى جذور الدولة السيدة الحرة المستقلة مهما كلّف ذلك من ثمن وتضحيات، ولمرة واحدة وأخيرة. التحضير لانتخابات لزيادة نواب لا تأثير فعلي لهم في هذا النظام المزوَّر والمغشوش هو استسلام لواقع الاحتلال، وهروب إلى الأمام من مواجهة صعبة واضح أن أحزابنا ليست مستعدة في الوقت الحاضر لخوضها لألف سبب وسبب. والنتيجة واحدة.
معارك دونكيشوتية لا تحرّر وطنًا
أصبحنا وأحزابنا شهود زور ومحترفي معارك دونكيشوتية لا تفيد إلا في معارك الإعلان والكلام الهوائي الذي لا يخيف احتلالًا، ولا يحرّر وطنًا، ولا يُحدث أي فرق إلا تلميع صورتنا أمام من ينتظر منا – بلا أمل – التحرير والمقاومة حتى بلوغ شرق الحرية
تاريخ لبنان: إبداع وقيادة، وحاضر فشل وتراجع
تاريخ لبنان والشعب اللبناني هو تاريخ إبداع وقيادة ثقافية وتفوّق حضاري، نشأ بفعل الحرية التي وفّرتها جغرافية لبنان وشخصية اللبناني المميّزة الحرة والمنفتحة والصلبة. أما حاضره فهو مسلسل فشل وتراجع حضاري وثقافي وكياني، بفعل إرادة من يتولون قيادته وإدارته، وبفعل الدولة المسخ التي أنتجوها على شاكلتهم؛ لتكون ممسوخة وحقيرة وفاسدة ومتخلفة، كمرآة لنفوسهم الضعيفة الممسوخة. وإن لم نتخلّص منها ومنهم، ونعد إلى لبنان السيادة والحرية، وإلى الإنسان الحر كقيمة إنسانية حضارية، فلن نكون قادرين على تخليص لبنان – هذه الأرض المقدسة التي طالما حلمنا وناضلنا وضحّينا من أجلها، وسالت دماء رفاقنا الشهداء فداءً لها.
الثورة الجذرية: الحل الوحيد
التغيير الجذري والكلي والشامل، من خلال عصيان مدني شامل وثورة حقيقية حتى تحرير لبنان من الاحتلال والفساد، هو الحل الوحيد. فهل سيكون عندنا الشجاعة والقيادة والتصميم والالتزام الكلي المطلق لقلب الطاولة، وتحقيق حلم الشعب اللبناني ورفاقنا الشهداء بـ«لبنان» الحرية والنظافة والدولة الحضارية التي تليق بتاريخه وتاريخ شهدائنا؟ أم سنظل نعمل للتغيير من داخل الدولة المزرعة الممسوخة الفاشلة المزوَّرة ونظامها العفن المسوس المغشوش؟ هذا سيكون قرارنا نحن؛ القرار الذي سيحاسبنا عليه التاريخ يومًا، عندما نقف في المستقبل للحساب أمام الله وأمام شهدائنا، لنقدّم جردة التزامنا وأعمالنا ونتائجها…