شبل الزغبي/جوزيف عون: بين الولاء المقنّع والانبطاح الممنهج

20

جوزيف عون: بين الولاء المقنّع والانبطاح الممنهج
شبل الزغبي/30 تشرين الأول/2025
من يظن أن تعيين جوزيف عون قائداً للجيش كان خطوة وطنية، فهو لا يفهم طبيعة الطبخة اللبنانية المسمومة التي تُطهى دائماً على نار الولاء لا الكفاءة. فالرجل جاء يومها، بتزكية مباشرة من الرئيس ميشال عون، فهو لم يختره صدفة، بل اختار بعناية رجلًا مأمون الجانب، مقربًا من محور الممانعة، يرضى عنه حزب الله. فالعرف معروف: من يجلس في اليرزة اليوم، يُحضّر له كرسي بعبدا غداً. تحت غطاء “الاستقلالية”، رُوّج لجوزيف عون كرجل المرحلة، قويّ قادر على مواجهة السلاح غير الشرعي. لكنّ الوقائع أثبتت العكس: الاستقلالية كانت واجهة، أما الباطن فخضوع كامل لإملاءات الثنائي الشيعي.

المفارقة أن عواصم القرار صدّقت الخدعة لبعض الوقت، إلى أن ظهرت تصرفات الرئيس جوزيف عون الخاضعة بالكامل لإملاءات نبيه بري وحزب الله. مصادر ديبلوماسية مطلعة عبّرت مؤخراً وبوضوح عن اندهاشها من مدى طواعية الرجل واستسلامه لنفوذ الثنائي، وكأنه ليس رئيساً للجمهورية بل موظف في جهاز سياسي مهيمن. وهنا تتكرّر القاعدة القديمة ذاتها: منذ حقبة الاحتلال السوري، ثم ولاية حزب الله، كانت القيادات العسكرية تُختار على قاعدة الولاء لا الجرأة، على الضعف لا القوة، على الانحناء لا الصمود، على الخضوع لا الشجاعة. أضعف الضباط يُرفَّعون، والأكثر خضوعاً يُرقَّون، حتى تحوّل الجيش من درع الوطن إلى صمّام أمان لمنظومة الفساد الحاكمة.

أمّا ما يسمى “الأحزاب السيادية”، فكانت عمياء، لم تفهم المخطط، ولم ترَ الفخاخ المنصوبة لها، من قبل نبيه بري ،فكيف نمنحها ثقة الغد وهي عاجزة عن فهم اليوم . كانت لعبة احتيالية متقنة،بإدارة وإشراف نبيه بري وحزب الله للإتيان بجوزيف عون رئيساً، فالرجل لم يكن يوماً مشروع خلاص للبنان، بل مشروع استمرارية لمنظومة تحتكر القرار الوطني وتعيد إنتاج الاحتلال بأسماء وشعارات مختلفة. لبنان لا يحتاج إلى رئيس يوازن بين الولاءات، بل إلى رجل يطيح بها، لا يحتاج إلى “رئيس تسوية”، بل إلى رئيس يسحب السلاح الغير شرعي ويقود بجرأة عملية سلام، يطبق أقوال خطاب القسم إلى أفعال. لكنه وللأسف،اختار موقعه منذ اليوم الأول: إلى جانب الممانعة لا إلى جانب لبنان.

Share