
اتيان صقر – أبو أرز: العداء المصطنع
29 تشرين الأول/2025
بيان صادر عن حزب حراس الأرز – الحركة القومية اللبنانية
دعا رئيس الجمهورية إلى إجراء مفاوضات مع إسرائيل، فانقسم أهل الحكم كعادتهم بين مؤيدٍ ومعارض، هذا يريدها مباشرة، وذاك يريدها غير مباشرة، فتوقفت المبادرة حتى إشعار آخر.
لكن الخلاف ليس في الشكل، بل في الجوهر، لأن جوهر المفاوضات، مباشرةً كانت أم غير مباشرة، هو التوصل الى معاهدة سلام مع إسرائيل تنهي عقوداً من العداء المصطنع.
لقد قُلناها مراراً ونكرّرها اليوم:
العداء بين لبنان وإسرائيل عداءٌ مصطنع، فُرض على اللبنانيين لأهدافٍ خارجية لا تمتّ لمصلحتهم بصلة.
والدلائل التاريخية والسياسية على ذلك كثيرة وواضحة:
١- لم تُظهر إسرائيل يوماً أطماعاً في أرضنا ومياهنا، بدليل انها دخلت مراراً الى لبنان لدواعٍ أمنية ودفاعية ثم غادرته حتى آخر شبر من حدودنا الدولية، أما النقاط الخمس التي تحتلها اليوم لأسبابٍ تتعلق بأمن مواطنيها، فسوف تنسحب منها حتماً عند زوال هذه الأسباب، وأولها نزع الأسلحة غير الشرعية المتواجدة على ارضنا.
٢- إن العامل الأساسي الذي فرض على لبنان معاداة إسرائيل هو انتماؤه الزائف الى “العروبة”، وبالتالي التزامه بقضاياها القومية واولها “القضية الفلسطينية”، مع الإشارة الى ان الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني عمره من عمر التاريخ، ولبنان ليس طرفاً فيه.
٣- وبالكلام عن التاريخ نقول بأن العلاقات اللبنانية – الإسرائيلية عبر التاريخ كانت علاقات مبنية على الصداقة والتعاون الحضاري المشترك، وعلى سبيل المثال، فقد ساهم أجدادنا الفينيقيون في بناء هيكل سليمان في عهد ملك صور حيرام، وأرسلوا خشب الأرز ومهندسيهم إلى أورشليم، في مشهدٍ يجسّد أواصر التواصل الوثيق بين الحضارتين لا القطيعة بينهما.
وللتاريخ نقول إن إسرائيل أنقذت لبنان مرّتين من خطرٍ وجودي محتم خلال نصف القرن المنصرم، الأولى في العام ١٩٨٢ عندما حررته من براثن الإرهاب الفلسطيني وطردت ياسرعرفات مع ١٥ ألف من كوادره الإرهابية الى تونس، والثانية في العام الماضي ٢٠٢٤ عندما حررته من الإرهاب الايراني المتمثّل بمنظمة “حزب الله” وحلفائها.
وعليه، وبما ان السلام هو تحريرٌ للعقل من أوهام العداء، والأهم هو مشيئة الله على الأرض، فإن المفاوضات بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي يجب ان تكون مباشرة وصريحة وهادفة، فتؤدي الى معاهدة سلام حقيقي تحفظ سيادة وكرامة وأمن البلدين، وتفتح امام لبنان ابواب الاستقرار والازدهار.
كانت الحدود الجنوبية للبنان، منذ سبعينات القرن الماضي، بوابة الحرب ومصدر المآسي، واليوم آن الأوان أن تتحول إلى بوابة السلام.
فإقفالها أمام ثقافة الموت، وفتحها أمام ثقافة الحياة هو الخيار الوحيد لإنقاذ لبنان من دوّامة الحروب والدمار، واستعادة رسالته الحضارية في هذا الشرق المظلم.
لبيك لبنان،