من يدحرج حجراً يرتد عليه
الياس بجاني/10 تشرين الأول/ 2025
للأصدقاء وللأعداء، للقريبين وللبعيدين، أقول بمحبة إن للحياة مسارين لا ثالث لهما: الخير والشر، بكل ما في هذين المسارين من عمقٍ في المعاني الإيمانية والإنسانية والعملية. ولهذا، على كل واحدٍ منا أن يختار أحدهما ويتحمّل مسؤولية خياره كاملة، متذكّرين بوعيٍ تام أنّه لا أحد، مهما حاول، يستطيع أن ينجو من نتائج أعماله، سواء كانت خيراً أم شراً، لأن عدالة الله لا تُخطئ أبداً.
إن كنتَ إنساناً بارّاً، حكيماً، تتّقي الله في ما تقول وتفعل، وتؤمن بيوم الدينونة، فعليك أن تُدرك أن الشر لا يجلب إلاّ الهلاك لصاحبه، وأن الحكمة الحقيقية تكمن في ضبط النفس، والابتعاد عن الأذى والظلم. فكل كلمة تنطق بها، وكل فعل تقوم به، سيرتدّ عليك عاجلاً أم آجلاً. أما إذا قسوتَ قلبك، وعمِيتَ بصيرتك، وقتلتَ نعمة الخجل في داخلك، وأغلقتَ أذنيك، وخنقتَ ضميرك، فتذكّر أن الألم والأذى اللذين تزرعهما في حياة الآخرين سيعودان يوماً ليُزرعا في حياتك أنت. قد يتأخر الحساب الإلهي، لكنه لا يغيب أبداً.
الكتاب المقدّس يؤكد هذه الحقيقة في سفر الأمثال (26:27): «من يحفر حفرة يقع فيها، ومن يدحرج حجراً يرتد عليه».
وكما يقول المثل اللبناني الشعبي:«أكيد رح تشرب من نفس الكاس اللي سقيت غيرك منو».
كم من متكبرٍ أحمق، قصير النظر، حاقدٍ ومنتفخٍ بالغرور، يتجاهل هذه الحقيقة البديهية! يتآمر، ويخطط للشر، ويفرح بأذى الآخرين، ظنّاً منه أن القسوة تمنحه قوة أو هيبة، لكنه في النهاية لا يجني سوى خراب نفسه وضياع روحه.
كلّنا نعيش ونتعامل يومياً مع أشخاصٍ كهؤلاء، جعلوا من الأذية هدفاً، ومن الحقد وسيلة. يؤذون أقرب الناس إليهم من أهلٍ وأصدقاء، لأنهم فقدوا نعمة الضمير، واستبدلوا الرحمة بالبغض، والمحبة بالحسد. فلنصلِّ كي يمنّ الله على السالكين دروب الشر والأذى والنميمة والحقد والغيرة العمياء بنعمة التوبة وتقديم الكفّارات والوعي قبل فوات الأوان، حتى يُدركوا أن من يحفر حفرةً لغيره يقع هو فيها، ومن يدحرج حجراً لأذية غيره يرتد عليه، ومن الكأس التي يسقي منها الآخرين سيُجبر يوماً أن يشرب منها هو نفسه.
أما من لا يخاف الله في أقواله وأعماله وأفكاره، فليعلم أن نهايته ستكون في نار جهنم التي لا تنطفئ، وفي وسط دودها الذي لا يهدأ، وعذابٍ لا ينتهي.
فتذكّروا جميعاً: الحياة ميزان عدلٍ إلهيّ لا يختلّ.
ما تزرعه اليوم، ستحصده غداً. وما تؤذي به غيرك، سيعود عليك أضعافاً. ومن يدحرج حجراً لأذيّة الآخرين، سيرتدّ عليه الحجر يوماً ما.
***الكاتب ناشط لبناني اغترابي
رابط موقع الكاتب الإلكتروني
https://eliasbejjaninews.com
عنوان الكاتب الإلكتروني
phoenicia@hotmail.com