اليمين الدرزي في لبنان من العتمة إلى النور
الباحثة والأكاديمية د. زينة منصور/04 تشرين الأول/2025
ساهم اليمين الدرزي في لبنون بتوضيح الهوية القديمة المستقلة العقلانية العرفانية للمؤسسين الدروز. وأوضح للرأي العام الداخلي والخارجي ظروف التواطؤ والتٱمر الحقوقي والهوياتي على الدروز عبر ثنائية التأسلم والإستعراب بهدف ضرب هويتهم الثقافية والتاريخية، وفرض التذويب الحقوقي والوجودي والكياني والحضاري عليهم وجعلهم لقطاء التاريخ والجغرافيا، ومارقين بلا أثر باستثناء التبعية والذمية، وخدمة الأجندات الإستثمارية والإيديولوجية والعثمانية لعائلتين والأجندات الممولة من الخارج في خدمة تنافس المحاور الإقليمية.
لعب اليسار الدرزي الإنعزالي دورا تدميريا في تذويب وتشويه الهوية الثقافية الدرزية والحقوق التاريخية المتساوية بجريمة ثقافية نالت من أجيال وضربت وعيهم العقلاني والوجداني واقتادتهم إلى أن يصبحوا موظفين خادمين لأجندات قضايا الإستعراب والتأسلم ومحو حقوقهم في صون هويتهم الحضارية منذ 8000 سنة، أي منذ أخناتون والحضارة الفرعونية والسر الكوني فيها أهرامها أعجوبة العقل الخالدة، مرورا بهرمس وفلاسفة العقل والمنطق والعلم والعرفان في إغريقيا والتاريخ الكنعاني في فينقيا، ومنذ يثرون (شعيب) ويوباب (أيوب) زمن العبرانيين منذ 3600 سنة.
يشق اليمين الدرزي اليوم في لبنون طريقه سياسياً وثقافياً وإجتماعياً في كل المنتديات المتحررة من سلطة الأدلجة والتبعية بعد أن حجبه اليسار الدرزي التذويبي لعقود طويلة، وذلك بالتواطؤ مع الشركاء في لبنون من شركات أحزاب ذات اليمين واليسار والإسلام السياسي، ضمنا أوليغارشية المال والسلطة.
هو تيار فكري درزي محافظ على هوية الجوهر العقلاني والحقوق المكرسة بصمود وصبر الجدات و دماء الأجداد -‘عقال الفطرة’ الأحرار من صانوا الموروث الدرزي والتراث. وهو منهج ليبرالي في التطور والتنمية والإنسانية والطموح العلمي والسياسي والاقتصادي، ومحافظ في الوقت نفسه في التصدي لإعلان الوفاة الحقوقية للدروز، داعياً لتغيير جذري يطرح مسألة إعادة هيكلة لبنان وإرساء نظام.جديد بطريقة إتحادية آو كونفيدرالية على قاعدة الأجداد التي تقضي بأن الدروز في لبنون “قدن قد غيرن” ولا أحد في لبنون لديه أكتر مما لديهم حقوق ودور وحضور، لأنه لو كان لبنان مملكة لكان الملك للمؤسسين الدروز فيه.
يتمظهر اليمين الدرزي كتيار ثقافي فكري لبنوني صاعد يركز على شرح مسألة الهوية العقلانية الفلسفية المستقلة والحقوق المتساوية، وتمييزها عن أجندات التذويبيين من يسار التأسلم والإستعراب والتمويل الإستثماري، من الحزبيين والمُجٰندٍّين من الكهنوت الدرزي الغارق في عبودية التبعية والذمية والتذويب والالغاء الثقافي والهوياتي. كان اليمين الدرزي ومازال تيارا ثقافياً فكرياً ناشطا داخل الصومعات المجتمعية طوال فترة الإختطاف من المستثمرين في الساحة الدرزية اللبنونية، وهو يتبلور من جديد مع انفراط العقدين السياسي والإجتماعي، واستبيان هشاشة الميثاق الوطني الذي بات يراه المؤسسين الدروز لعبة نفاق وطني، أدت إلى تأكل حقوقهم التأسيسية وحضورهم ومشاركتهم المتساوية ودورهم الكياني في لبنون.
كان تيار اليمين الدرزي ممنوعا طوال فترة هيمنة اليسار الإسلاموي الذي إستثمر في إغراق وتعويم المجتمع الدرزي في تبعية الذمية والادلجة الخشبية، لكي يحول هذا الشعب القديم العقلاني إلى مارق في التاريخ ويسهل اقتياده، و لكي يوظفه خادما لمشاريع اليسار الإسلاموي الإلغائية. لقد سعى لتصويره بأنه شعب بلا هوية، وبلا تاريخ، وبلا جذور متصلة بلغة القاف السريانية الٱرامية والحضارة القديمة، وجغرافية كنعان وسام وإيل.
فكريا، صعد اليمين الدرزي مع ثورة تكنولوجيا المعلومات والإتصالات. وتحولت منابر التواصل الإجتماعي إلى منتديات فكرية علنية صريحة وواضحة تكشف وتعالج ٱلاعيب من تلاعبوا بالجوهر الفكري للدروز وأطاحوا به. يدعو هذا الفكر اليميني لإعادة تماسك الشعب الدرزي ثقافياً وروحياً عقلانياً بعد فض عقوده وإخصاء حقوقه وإضعاف قدراته الجغرافية والإقتصادية.
لعبت النخبة العقلانية الحرة دوراً في صحوة اليمين الدرزي كإنتفاضة فكرية. وهي حاضرة في لبنان والإغتراب بما يتجاوز حضورها العلني، ساهمت بإعادة تشكل الوعي بأسسه العقلانية لا التتبيعية والذمية والأطر المؤدلجة. وانتقلت هذه الإنتفاضة الفكرية والثقافية للمؤثرين على المنصات، وانضم لها بصمت نخبة كهنوتية عقلانية من أهل الجوهر والعقل تراقب وتفكر.
زينة منصور
منبر المؤسسين الدروز في لبنان