الياس بجاني/فيديو ونص/عربي وأنكليزي/قمة الدوحة: أسلمة وعوربة للقضية الفلسطينية وتعامي عربي عن أن إيران وتركيا رعاة الإسلام السياسي هما العدو وليس إسرائيل

7

لياس بجاني/فيديو ونص/عربي وأنكليزي/قمة الدوحة: أسلمة وعوربة للقضية الفلسطينية وتعامي عربي عن أن إيران وتركيا رعاة الإسلام السياسي هما العدو وليس إسرائيل

الياس بجاني/16 أيلول/2025

اضغط هنا لقراءة المقالة باللغة الإنكليزية/Click here to read the English version of the below piece

انعقدت في الدوحة عاصمة إمارة قطر يوم 15 أيلول/2025، قمة مسرحية سُمّيت «القمة العربية – الإسلامية الطارئة»، حضرها قادة من 60 دولة عربية وإسلامية، تحت ذريعة التضامن مع قطر بعد الغارة الجوية الإسرائيلية الدقيقة التي استهدفت قادة من منظمة «حماس» الإرهابية في الدوحة، والتي أعلن رئيس وزراء إسرائيل مسؤوليته الكاملة عنها. لكن ما جرى لم يكن قمة دعم لقطر بقدر ما كان مسرحية دعائية لإحياء أوهام «أسلمة» القضية الفلسطينية، وتحويلها من قضية شعب وحقوق إلى قضية دينية جهادية، في انتكاسة فكرية خطيرة، وخدمة مجانية تُمنح لإسرائيل.

عوربة القضية الفلسطينية كان الخطأ القاتل الذي نبّه إليه سعيد عقل
منذ عقود حذّر الشاعر والفيلسوف اللبناني الكبير سعيد عقل من خطيئة «عوربة» القضية الفلسطينية، قائلاً: «جعلوا من القضية الفلسطينية قضية عربية، ففتحوا الباب أمام إسرائيل لتجعل من قضيتها قضية يهودية، وهكذا حوّلوا الصراع من نزاع سياسي إلى حرب أديان لا تنتهي.»
وهذا بالضبط ما فعلته قمة الدوحة: أخرجت فلسطين من بعدها الوطني والحقوقي والإنساني، لتضعها في خانة العصبية العروبية والدينية والانغلاق، تماماً كما أراد المتطرفون من الجانبين التركي والإيراني رعاة الإسلام السياسي الإرهابي والجهادي طبقاً لكل ثقافة جماعة الإخوان المسلمين، وهي موضوعة على قوائم إرهاب غالبية الدول التي شاركت في القمة الصوتية المهزلة.

أردوغان و”تحرير فلسطين”… جهادية عثمانية متجددة
من أبرز اللحظات التي فضحت الوجه الحقيقي للقمة كان خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي قال بوضوح إن «الأمة الإسلامية هي المسؤولة عن تحرير فلسطين». هذا التصريح ليس دعماً لفلسطين، بل إعلان صريح عن مشروع «عثماني جديد» يُلبس التوسعية التركية عباءة الدين. أردوغان الذي يحتل شمال سوريا ويمارس الابتزاز السياسي والاقتصادي ضد العرب، ويأوي قيادات حماس الإخوانية، جاء إلى الدوحة ليبيع وهم «التحرير» ويقطف ثماره نفوذاً وسيطرة.

حضور إيران وتركيا… غباء وجهل وغرق في العصبية الدينية
كان المشهد الأكثر سوريالية هو جلوس الرئيس الإيراني والرئيس التركي في الصفوف الأمامية، على رأس وفدين كبيرين، بينما هما عملياً وعدائياً ألدّ أعداء العالم العربي: إيران تمثل جناح «الإسلام السياسي الشيعي» الذي يغزو العالم العربي عبر ميليشياته: «حزب الله» في لبنان، «الحوثيون» في اليمن، و«الحشد الشعبي» في العراق. تركيا تمثل جناح «الإسلام السياسي السني» الذي يحتضن «الإخوان المسلمين» و«حماس» ويموّل كل تيارات الجهادية العابرة للحدود. أن يجلس هذان النظامان في قمة عربية هو قمة الغباء والعمى الاستراتيجي، وكأن العرب يعطون الشرعية لأعدائهم الذين دمروا عواصمهم وخرّبوا استقرارهم.

سؤال ساخر: أين حماس وحزب الله والحوثيون من «القمة الجهادية»؟
إذا كانت القمة «إسلامية» وجهادية كما أرادها المنظمون، فلماذا لم تُدعَ إليها التنظيمات التي تمثّل هذه الجهادية على الأرض؟ أين كانت حماس التي ادّعوا أنهم اجتمعوا نصرةً لها؟ وأين حزب الله والحوثيون الذين يدّعي المحور الإيراني أن قضيتهما هي فلسطين؟ الجواب واضح وساخر: لأن وجودهم العلني كان سيفضح أن القمة ليست عربية ولا سلمية ولا إنسانية، بل مجرّد منصة لتجميل وجه الإرهاب الجهادي بربطة عنق دبلوماسية.

العدو الحقيقي للعرب: إيران وتركيا لا إسرائيل
ما يجب أن يعيه العرب – وقد غاب تماماً عن قمة الدوحة – هو أن عدوهم الحقيقي ليس إسرائيل بل إيران وتركيا. إيران التي تسعى لابتلاع المشرق العربي وتحويله إلى ساحات نفوذ فارسي طائفي. وتركيا التي تحلم بإحياء السلطنة العثمانية على أنقاض السيادة العربية. كلاهما يتاجران بفلسطين لابتزاز العرب والسيطرة عليهم، بينما إسرائيل على الأقل لا تدّعي تمثيل العرب ولا تسعى لقيادتهم.

من فشل الجامعة العربية إلى فشل قمة الدوحة
منذ تأسيس الجامعة العربية في منتصف القرن الماضي، وكل مؤتمراتها مجرد شعارات فارغة وبيانات ختامية لا قيمة لها. لم تحرّر أرضاً، ولم توقف حرباً، ولم تحمِ دولة عربية واحدة من الانهيار أو الاحتلال. وقمة الدوحة لم تشذ عن هذا التقليد الكئيب، بل كانت نسخة أكثر تهافتاً وابتذالاً، مضافاً إليها جرعة عالية من الجهادية والأسلمة والتضليل.

قمة إيرانية – تركية بواجهة عربية… وشهود زور عرب
القمة التي سُمّيت «عربية – إسلامية» كانت في حقيقتها قمة إيرانية – تركية بواجهة عربية. العرب فيها كانوا مجرد شهود زور متعامين عن أعدائهم الحقيقيين، يصفقون للخطابات الجهادية ويمنحون غطاءً عربياً لمشاريع توسعية فارسية وعثمانية لا علاقة لها بفلسطين ولا بالسلام. لقد رضوا لأنفسهم أن يكونوا أدوات في مشاريع تدميرهم الذاتي.

قطر… راعية الإرهاب الجهادي ومنصة الدعاية الإخوانية
ولا يمكن الحديث عن قمة الدوحة دون التذكير بالدور التخريبي الذي لعبته وتلعبه دولة قطر منذ عقود:
تمويل حركات الإسلام السياسي والجماعات الجهادية من أفغانستان إلى ليبيا وسوريا واليمن وغزة.
احتضان قيادات تنظيم «الإخوان المسلمين» الإرهابي، وفتح منابر إعلامية لهم.
رعاية ودعم حركة «حماس» وتمويلها سياسياً وعسكرياً وإعلامياً.
تشغيل تلفزيون الجزيرة الذي تحوّل إلى منبر عالمي لتسويق الخطاب الجهادي والتحريضي، وتبييض صورة الإرهابيين تحت شعارات كاذبة من «الحرية» و«المقاومة».

في الخلاصة فإن قمة الدوحة لم تكن قمة عربية، بل كانت قمة جهادية بغطاء عربي مزيف، ومن من حضرها من العرب تناسى أن من دمّر عواصمهم، ومزّق مجتمعاتهم، وأغرقهم في الحروب الطائفية والإرهاب، ليس إسرائيل بل إيران وتركيا ومنظومات الإسلام السياسي الجهادي التي ترعاها. لقد كانت القمة إعلاناً رسمياً عن موت العقل العربي، وولادة عصر جديد من التبعية العمياء للمحورين الفارسي والعثماني، على حساب فلسطين والعرب معاً.

**الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الألكتروني https://eliasbejjaninews.com

سعيد عقل: يوم عورب الفلسطينيون قضيتهم خسروها
من الأرشيف/رابط فيديو مقابلة الشاعر الكبيرسعيد عقل مع محمد رضا نصرالله في برنامج (هذا هو)

من الأرشيف/رابط فيديو مقابلة الشاعر الكبير سعيد عقل مع محمد رضا نصرالله في برنامج (هذا هو)/هذا هو مفهومه للعروبة والعروربة والمعوربين

Share