تحول حزب الله إلى الصنمية
لم يعد خافياً على أحد أنّ ما يُسمّى بـ”حزب الله” لم يعد مجرّد ميليشيا مسلّحة أو ذراعاً عسكرية لإيران، بل تحوّل في خطابه وممارساته إلى عصابة صنمية تُقدّس السلاح الذي هو مصنوع من حديد وتعبده كما لو كان إلهاً منزلاً. هذا السلاح الذي قُدِّم نفاقاً وكذباً كوسيلة للدفاع عن لبنان والمقاومة وتحرير فلسطين والصلاة في القدس، صار اليوم غاية بحد ذاته، ونصاً مقدّساً يعلو على الدولة والإنسان، وتُفرض له الطاعة والولاء، حتى ولو كلّف اللبنانيين حياتهم وكرامتهم ومستقبلهم. وليس غريباً أن تصدر مثل هذه الهرطقات عن عصابة مافياوية امتهنت الإرهاب والإجرام والاغتيالات، وتاجرت بكل الممنوعات من المخدرات إلى تبييض الأموال، وشاركت في دعم نظام الأسد المجرم، ونفّذت عمليات إرهابية في لبنان وعشرات الدول. فمن يمارس هذا القدر من العنف والفجور، ليس مستغرباً أن يجاهر بكفره وجحوده، وأن يتباهى بأن سلاحه “مقدّس” ومرتبط بشرف أو عنفوان ومصير ووجود بيئته الشيعية اللبنانية التي ومنذ العام 1982 يخطفها ويأخذها رهينة ويقاتل بشبابها ويضحّي بهم في تنفيذ عمليات إرهابية وحروب ملالي إيران التوسعية والمذهبية. يسمّي نفسه كفراً وهرطقة “حزب الله”، وفي وقاحة لا حدود لها يدّعي أن سلاحه مقدّس، أي أنه لا يعرف حتى معنى اسمه، ويعبد السلاح الذي هو حديد، والحديد مهما طال عمره يصدأ. فأي إله هذا الذي يعبده الحزب ونهايته الصدأ والزوال المحتوم؟! إلا أن الحقيقة المؤكدة هي أنه وكما سقطت الأصنام القديمة مع عابديها، سيسقط هذا الصنم الحديدي أي السلاح ويُهزم من يقدسه.
ظاهرة تقديس السلاح في الخطاب السياسي
منذ أن أنشأته إيران سنة 1982، بالتعاون مع نظام حافظ الأسد السوري البعثي، حوّل حزب الله سلاحه من وسيلة دفاع مزعومة إلى “غاية مقدّسة”. هذه الهرطقة ظهرت بأبشع صورها في خطابات قادة الحزب وعلى رأسهم مؤخراً الشيخ نعيم قاسم، الذي تحدث عن السلاح كما لو كان عقيدة منزلة، وكذلك نبيه بري رئيس حركة أمل ورئيس مجلس النواب اللبناني الذي في خطابه الأخير جنح إلى الصنمية ذاتها، رافعاً السلاح إلى مصاف الآلهة التي يجب أن تُقدّس وتُحرس بالأرواح. لكن الحقيقة أن هذا السلاح ليس سوى حديد. والحديد، كما يقول العلم والتاريخ والتجربة، يصدأ. فأي “إله” هذا الذي يُعبد وهو إلى فناء؟
يقول الكتاب المقدس: “لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة ما… لا تسجد لهن ولا تعبدهن” (الخروج 20: 4-5). ويقول القرآن: “أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى… إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان” (النجم 19-23).
(*اللات كان صنمًا على هيئة صخرة بيضاء مربعة، يُعتقد أنه كان يُعبد في مدينة الطائف. يُقال إن اسمه مشتق من الفعل “لَتَّ”، بمعنى “خلط”، وقد سُمي بهذا الاسم لأنه كان يخلط السويق للحجاج./العزى كانت إلهة على هيئة شجرة، كانت تُعبد في وادٍ يُعرف بـ”نخلة الشامية” بين مكة والطائف. وكانت تُعتبر واحدة من أقوى الآلهة عند قريش. وقد كانوا يزورونها ويُقدمون لها القرابين./مناة كانت إلهة على هيئة صخرة، تقع على ساحل البحر الأحمر بين مكة والمدينة. كانت تُعتبر أقدم الأصنام الثلاثة وأكثرها أهمية بالنسبة للعرب، خاصة قبيلتي الأوس والخزرج في المدينة، وقد كانوا يحجّون إليها)
هذه النصوص تكشف بوضوح أن ما يقوم به حزب الله لجهة تقديس وعبادة صنم جديد اسمه “السلاح”.
تداعيات هذا التقديس على الدولة اللبنانية
حين تتحول وسيلة القتال إلى نص مقدّس، يُلغى الحوار السياسي وتُقتل الدولة. يُطلب من اللبناني أن يقدّم ماءه وكهرباءه ودواءه وتعليمه قرباناً على مذبح الحديد. الدولة لم تعد غاية بحد ذاتها، بل مجرد تفصيل في خدمة مشروع صنمي مافياوي. والتاريخ يقدّم حكمه الصارم: “كل أمة قدّست سيفها انتهت بأن دفنت نفسها معه”.
العلاقة بين حزب الله وإيران وتأثيرها على لبنان
لم يكن حزب الله في يوم من الأيام حزباً لبنانياً. منذ نشأته الأولى كان ذراعاً عسكرية وأمنية وثقافية لإيران، أُنشئ لخدمة “ولاية الفقيه” لا الدولة اللبنانية. لذلك فإن تقديس السلاح ليس سوى انعكاس لتقديس إيران نفسها، التي ترى في لبنان مجرد مستعمرة تديرها من طهران.
التحكم السياسي والاجتماعي الذي يمارسه الحزب على الطائفة الشيعية
منذ عام 1982، عمل الحزب على خطف الطائفة الشيعية وتحويلها إلى رهينة في خدمة مشروع إيران. شيعة لبنان أُجبروا على تقديم أبنائهم قرابين في حروب لا علاقة لهم بها: في سوريا، العراق، اليمن، وغزة.، وقد تحولت أحياء بكاملها في الجنوب والضاحية إلى مخازن سلاح وأنفاق، ولم يعد سكانها مواطنين أحراراً، بل جنوداً في جيش خارجي.
الخسائر التي تكبّدها لبنان والطائفة الشيعية جراء حروب وفارسية الحزب
منذ أن ورّط الحزب لبنان في الحروب العبثية، دفع الشعب اللبناني عموماً والطائفة الشيعية اللبنانية تحديداً أثماناً باهظة منها آلاف الشهداء والضحايا، تهجير غير مسبوق، انهيار الاقتصاد والبنى التحتية، تدمير كبير في الجنوب والضاحية الجنوبية من بيروت والبقاع، افقار، وعزلة دولية خانقة.
مصادرة القرار الوطني وتحويل الدولة إلى كيان فاشل.
آخر فصول هذه الكوارث كانت حرب 2023، حين أعلن الحزب الحرب على إسرائيل دعماً لحماس. فكانت النتيجة هزيمة ساحقة، قُتل فيها معظم قادته بمن فيهم حسن نصرالله، وتحوّل “المقدّس” إلى عبء يستجدي وقف إطلاق النار ثم يرفض التخلي عنه.
الخلاصة
حزب الله ليس حزباً مقاوماً ولا حركة إيمانية، بل عصابة دجالين ومنافقين جعلوا من الحديد صنماً يعبدونه، فيما الدين الحق يحرّم عبادة الأصنام. الحزب لا يعرف لا ديناً ولا مبدأً إيمانياً. إنه مشروع احتلال فارسي يسعى إلى إبقاء لبنان مرتهناً ومستعمرة، مستخدماً السلاح ذريعة أبدية للهيمنة. “لهم مظهر التقوى، ولكنهم منكّرون قوتها. فاعرض عن هؤلاء” (2 تيموثاوس 3: 5). “ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يُحبونهم كحب الله” (البقرة 165).
إن إله حزب الله سلاح من حديد، وسلاحه سيصدأ، ومشروعه سيسقط كما سقطت كل الأصنام عبر التاريخ.
**الكاتب ناشط لبناني اغترابي عنوان الكاتب الألكتروني Phoenicia@hotmail.com رابط موقع الكاتب الألكتروني https://eliasbejjaninews.com