أليس من المعيب أن يبقى لبنان، بعد كل هذه العقود من التضحيات والدماء، غريباً عن أبطاله الحقيقيين؟
أليس من المخجل أن يبقى المناضل اللبناني الكبير، القائد التاريخي إتيان صقر– أبو أرز، منفياً بعيداً عن وطنه الذي أحبّه وأعطاه كل ما يملك من جهد ودم ورفاق شهداء؟
من هو أبو أرز؟
ولد إتيان صقر عام 1937 في بلدة عين إبل الجنوبية، وتلقى علومه في مدارس فرنسية في طرابلس وبيروت. ينتمي إلى عائلة مارونية متجذرة في التاريخ اللبناني، واتخذ لقب “أبو أرز” تعبيراً عن انتمائه العميق لشجرة الأرز ورمزيتها الوطنية.
عام 1975، أسّس حزب حراس الأرز، الحزب الذي تحوّل سريعاً إلى أحد أبرز القوى القومية اللبنانية خلال حروب الأخرين على لبنان وفي مقدمهم نظام الأسد السوري البعثي والمنظمات الفلسطينية الإرهابية واليسار والقومجيي العرب وغيرهم كثر من جماعات الإرهاب. كان حزبه يتميّز بوضوح الرؤية والسيادة، فوقف بشراسة ضد الاحتلاالات الفلسطينية والسورية والأصولية الجهادية واليسارية والقومجية بكافة اشكالها ومسمياته، رافعاً شعاراً جريئاً: “لن يبقى فلسطيني واحد في لبنان”. وقدّم مئات الشهداء في معارك الدفاع عن الأرض والهوية.
قاد الحزب العديد من المعارك الكبرى ضد المنظمات الفلسطينية الإرهابية وضد الجيش السوري الغازي وكل من لف لفهم من الطرواديين المحليين، وشارك في معارك بارزة مثل معركة زحلة (1981) ومعارك شرق بيروت (1978)، ليؤكد أن لبنان ليس ساحةً مستباحة ولا وطناً بديلاً لأحد. كما انسحب من إطار “الجبهة اللبنانية” عندما ارتضت بعض أطرافها التدخل السوري، رافضاً أي مساومة على السيادة.
النفي والأحكام الجائرة
مع دخول الجيش السوري إلى قصر بعبدا عام 1990 وسقوط حكومة ميشال عون، اضطر أبو أرز إلى مغادرة بيروت حفاظاً على حياته، فلجأ إلى الجنوب حيث بقي حتى العام 2000، ثم انتقل إلى إسرائيل، ومنها إلى قبرص حيث استقر. وفي غياب أي عدالة حقيقية، أصدرت المحكمة العسكرية التابعة للاحتلال السوري حكماً غيابياً بحقه بالسجن سبع سنوات مع الأشغال الشاقة، بتهمة “العمالة لإسرائيل”، وهو حكم جائر واعتباطي يفتقر إلى أي شرعية قانونية أو دستورية. والحقيقة أن هذه المحكمة لم تكن يوماً سوى أداة بيد الاحتلال لإخضاع الأحرار.
إرثه السياسي والفكري
رغم منفاه الطويل، ظلّ أبو أرز صوتاً عالياً في الدفاع عن لبنان الحرّ، محذراً من مخاطر الطائفية، ومؤكداً أن الهوية اللبنانية تتجاوز الانقسامات الدينية والمذهبية. في كل مقابلاته ومقالاته ظلّ ثابتاً على مبدأ واحد: لبنان أولاً وأخيراً، حرّاً سيداً مستقلاً.
المطلوب اليوم
اليوم، وبعد وبعد كل ما شهده لبنان من انهيارات ومآسٍ، وبعد تععرية كذبة ما يسمى مقاومة وتحرير وانكسار إيران وهزيمة كل اذرعها العسكرية والإرهابية وفي مقدمهم حزب الله الجهادي والإرهابي حان الوقت لردّ الاعتبار لأحد أبرز رجالات السيادة والحرية اللبنانين الأبطال أبو أرز.
المطلوب أولاً من فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون وهو إبن الجنوب أن يمارس صلاحياته الدستورية بإصدار عفو خاص عن أبو أرز، ليعود إلى وطنه ويقضي ما تبقى له من العمر بين أهله وأرضه. فهذا أقل ما يُقدَّم لرجل أعطى الكثير من حياته من أجل لبنان.
كما أن على الأحزاب المسيحية السيادية، التي تدّعي الدفاع عن الحرية والاستقلال، أن تتبنّى علناً هذا المطلب وتطالب بعودته الكريمة، لا أن تغضّ الطرف عن ملفه كما فعلت سابقاً ولا تزال، ومعها الكنيسة المارونية ومعظم القوى السياسية التي استفادت يوماً من نضالاته ثم تخلّت عنه.
إن تكريم أبو أرز وعودته إلى حضن لبنان ليس فقط واجباً وطنياً وأخلاقياً، بل هو رسالة واضحة إلى كل مناضل وكل لبناني حر بأن لبنان القداسة والقديسين والرسالة لا ينسى رجالاته، ولا يدفن تضحياتهم في مقابر النكران لأن من لا يكرّم أبطاله لا يستحق أن يكون في موقع المسؤولية.
فلنرفع جميعاً الصوت عالياً: آن الأوان لعودة أبو أرز إلى وطنه لبنان. آن الأوان لإنصافه. آن الأوان كي يحتضن لبنان أحد أبرز أبنائه الأوفياء. *الكاتب ناشط لبناني اغترابي عنوان الكاتب الألكتروني Phoenicia@hotmail.com رابط موقع الكاتب الألكتروني https://eliasbejjaninews.com