
إتيان صقر- ابو ارز/ السياحة في لبنان… دعوة عبثية إلى وطنٍ يحتضر
29 تموز/2025
بيان صادر عن حزب حراس الأرز – حركة القومية اللبنانية
منذ أسابيع، لا تملّ الدولة اللبنانية من مناشدة رعايا دول الخليج للقدوم إلى لبنان وقضاء عطلتهم الصيفية في ربوعه، وكأن البلد ما زال كما عهدوه يوم كان منارةً للسياحة والضيافة والجمال. لكنّ التجاوب مع هذه الدعوات كان ضعيفًا، بل خجولًا، لأسباب يعرفها الجميع… وتتجاهلها الدولة.
فمنذ أن دخل لبنان دوّامة الحروب والاحتلالات والوصايات الغريبة، لم يعد بلداً صالحاً للسياحة أو الاصطياف. الأمن مفقود، والسلاح مشرّع في يد الميليشيات الخارجة عن القانون، والمناطق تئنّ تحت وطأة الفلتان الأمني والانهيار الاقتصادي، فمن ذا الذي يغامر بعائلته وأمانه ليقضي إجازته في حقلٍ من الألغام؟
وإن كان الأمن أول شروط السياحة، فإن البنية التحتية المهترئة تُكمل مشهد الإنهيار:
•الكهرباء شبه معدومة، لا تأتي إلا على استحياء، والمولدات الخاصة التي انتشرت كالفطر في أحياء المدن والبلدات تبثّ السموم في الهواء ليل نهار، رافعةً نسب السرطان إلى أعلى معدلاتها في الشرق الأوسط وما بعده.
•المياه، التي لطالما تغنّى بها لبنان ورافقت اسمه في الشعر والأغاني، مقطوعة في المنازل، ملوّثة في الينابيع، مسرطنة في الأنهار. ونهر الليطاني تحوّل إلى مجرور ضخم للنفايات، أما بحيرة القرعون فغدت مستنقعًا آسِنًا يهدّد الأراضي الزراعية بدل أن يرويها.
•الطرقات؟ فصولٌ من المعاناة اليومية: حفر، مطبّات، إشارات سير معطّلة، وانفلات مروري كامل. أما زحمة السير فحدّث ولا حرج؛ تحتجز المواطن لساعات في سيارته، تجعله يلعن اللحظة التي خرج فيها من منزله.
•القمامة؟ أصبحت من “المعالم السياحية” الجديدة في لبنان! تزيّن الأرصفة والشوارع بألوانها “الزاهية”، وتفوح منها روائح “عطرة” تزكم الأنوف، في مشهدٍ لم يعد موجودًا حتى في أفقر دول العالم. وماذا فعلت الدولة لجذب السيّاح؟ لا شيء. العجز سيّد الموقف، والصمت هو الجواب.
ورغم كل ذلك، لا تزال الطبقة السياسية الحاكمة تدعو الخليجيين إلى زيارة لبنان، بينما هي نفسها تحزم حقائبها سنويًا وتسافر على متن طائراتها الخاصة لتمضي عطلاتها في منتجعات أوروبا وعلى شواطئها.
كم نودّ لو يدرك أفراد هذه الطبقة الأكثر فجورًا على هذا الكوكب أن عدالة الأرض، إن لم تُحاسبهم هنا، فإن عدالة السماء في انتظارهم على أحرّ من الجمر… ولكن في قعر جهنم.
لبيك لبنان
إتيان صقر- ابو ارز