طوم باراك: الرجل الذي يقف وراء روابط ترامب بالأمراء العرب (والذي باع “باريس سان جرمان” للقطريين”)
بيار عقل/موقع الشفاف/13 تموز/2025
(نُشِر المقال الطويل التالي في “نيويورك تايمز”، بتاريخ 13 يونيو 2018، أي قبل 7 سنوات وشهر، ولكن لم يقرأه أحد من “كبار المحللين” في بيروت! وقد أثار الموضوع فضولنا لأن مسؤولا سابقاً في الخارجية الأميركية أجاب، قبل أيام، ردّاً على سؤال عن طوم باراك: “ليست عندي معلومات خاصة عنه، ولكنني لا أعتقد أنه يدرك ما يقوم به في لبنان”!! لذلك، قرّرَ “الشفاف” أن ينشره بالعربية والإنكليزية لفائدة الناس وضمنهم جهابذة المواقع الإلكترونية الجُدُد الذين يضع كل واحد منهم الراحل “غسان تويني” في جيبه! لا يكفي أن تقيم “علاقة مفيدة” مع “السفارة” أو مع “المتموّل” لكي تصبح.. إعلامياً!).
خاص بـ”الشفاف”
كان الممول الملياردير توم باراك في ورطة.
Who Is Behind Trump’s Links to Arab Princes? A Billionaire Friend
في أبريل 2016، كان صديقه المقرب دونالد جي. ترامب على وشك الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة. لكن عداء ترامب الصريح للمسلمين — الذي تجسّد في دعوته لحظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة — كان يثير استياء أمراء الخليج الذين اعتمد عليهم باراك لعقود كمستثمرين ومشترين.
عندما حاول باراك تقديم المرشح إلى المسؤولين في الخليج، أرسل له السفير يوسف العتيبة من الإمارات العربية المتحدة رسالة إلكترونية لم يُكشف عنها سابقًا قال فيها: “الارتباك حول صديقك دونالد ترامب كبير جداً”. وأضاف السفير أن صورة ترامب “تثير قلق الكثيرين للغاية”.
لكن باراك لم يتراجع، وطمأن السفير، الذي تربطه به علاقات تجارية منذ زمن، بأن ترامب يفهم وجهة نظر الخليج. وكتب في رسالة بتاريخ 26 أبريل: “لديه أيضًا مشاريع مشتركة في الإمارات!”
كانت تلك الرسائل الإلكترونية بداية تَحَوُّل ترامب الغريب من مرشحٍ يعادي المسلمين إلى رئيس يُحتفى به في قصور الرياض وأبو ظبي باعتباره ربما أفضل صديق حُظي به حكام الخليج في البيت الأبيض. ويشهد هذا التحول ليس فقط على مرونة ترامب الخاصة، ولكن أيضًا على الدور الفريد الذي يلعبه توم باراك في عالم ترامب، بصفته ثريًا مثله، ومجاملًا، وصديقًا مقربًا، وصاحب نفوذٍ سياسي خفي.
خلال حملة ترامب، كان باراك من كبار جامعي التبرعات وكان، كذلك، الحلقة الموثوقة التي فتحت خطوط الاتصال مع الإماراتيين والسعوديين، كما أوصى بتعيين “بول مانافورت” (Paul Manafort) مديرًا للحملة — وحاول أيضًا ترتيب اجتماع سري بين “مانافورت” وولي العهد السعودي. وفي وقت لاحق، عُيِّنَ باراك رئيسًا للجنة تنصيب ترامب.
لكن، لاحقاً، وُجِّهَت إلى “مانافورت” اتّهامات من قبل المحقق الخاص الذي كان يُحقق في تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية. ويدرس نفس التحقيق ما إذا كان الإماراتيون والسعوديون قد ساعدوا في التأثير على الانتخابات لصالح ترامب — وربما بالتنسيق مع الروس، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر. كما سأل المحققون الشهود عن مساهمات ونفقات محددة متعلقة بحفل التنصيب، وفقًا لأشخاص على دراية بتلك المقابلات.
في قمة عربية بالرياض عام 2017، كتب باراك في رسالة تهنئة إلى السفير الإماراتي حول اللقاء: “كل شيء بدأ بك وبـ”ج. ك” وأنا”، والمقصود بالحرفين الأولين “جاريد كوشنر”.
وقال متحدث باسم باراك إنه تم إبلاغه بأنه ليس هدفًا للمحقق الخاص. وأضاف شخص مطلع على الاستجواب أن المحققين استجوبوا “باراك في ديسمبر لكنهم ركزوا أسئلتهم بشكل شبه حصري على “مانافورت” ومعاونه “ريك غيتس (Rick Gaters).
تجنب باراك تولي أي منصب رسمي في الإدارة؛ وقد قال إنه رفض عروضًا لتولي منصب وزير الخزانة أو سفير الولايات المتحدة لدى المكسيك. (سعى للحصول على دور كـ”مبعوث خاص للتنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط”، لكن الفكرة لم تلقَ قبولاً في البيت الأبيض).
بدلاً من ذلك، استمر في جني الأموال، كما فعل لعقود، من خلال نفس معارِفِهِ في الخليج الذين قدمهم قبل عامين لترامب. شركة باراك، المعروفة باسم “كولوني نورث ستار” (Colony North Star) بعد اندماج حديث، جمعت أكثر من 7 مليارات دولار من الاستثمارات منذ فوز ترامب بترشيح الحزب الجمهوري، و24 بالمئة من هذا المبلغ جاء من الخليج — جميعه إما من الإمارات أو السعودية، حسب ما أفاد مسؤول تنفيذي مطلع على الأرقام. ولم تكشف كولوني نورث ستار عن هوية المستثمرين في صناديقها.
مراسلات باراك عبر البريد الإلكتروني مع السفير العتيبة، والتي لم يُكشف عنها سابقًا، زودت صحيفة “نيويورك تايمز” بها مجموعةٌ مجهولة تنتقد السياسة الخارجية الإماراتية، وتوضح الدور الأساسي الذي لعبه باراك كوسيط بين ترامب وأمراء الخليج.
سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة: أبرز، وأجرأ، السفراء العرب في العاصمة الأميركية في السنوات الأخيرة
لم يطعن ممثلو باراك في صحة الرسائل الإلكترونية. وقال المتحدث باسمه في بيان إن باراك “يرى في أعماله في الشرق الأوسط وسيلة للمساهمة في الحوار السياسي والتفاهم، وليس العكس، وهو يقوم بذلك من خلال علاقات تعود إلى عهد بعض أجداد الحكام الحاليين في المنطقة”.
لكن قُربه من الرئيس ترامب الذي يصغي لنصائحه،، كما يقول مسؤولون تنفيذيون ودبلوماسيون سابقون في الخليج، زاد من مكانة باراك في المنطقة.
وقال روجر ستون (Roger Stone)، المخضرم في الحزب الجمهوري والذي يعرف الرجلين منذ عقود: “إنه الشخص الوحيد الذي أعرف أن الرئيس يتحدث معه كـ”نَد”. وأضاف: “باراك لترامب كما كان “بيبي ريبوذو” (Bebe Rebozo) لنيكسون — أي الصديق الأفضل”، في إشارة إلى رجل العقارات الثري الذي اشتهر بعلاقته الوثيقة بالرئيس ريتشارد نيكسون خلال فترة مساءلته.
تتجاوز علاقة باراك بترامب الصداقة إلى عائلته أيضًا. فبحلول عام 2010، كان باراك قد اشترى ديونًا بقيمة 70 مليون دولار مستحقة على صهر ترامب، “جاريد كوشنر”، بسبب شرائه المثير للجدل لمبنى بـ1.8 مليار دولار في 666 الجادة الخامسة بنيويورك. وبعد مكالمة من ترامب، كان باراك بين مجموعة من الدائنين الذين وافقوا على تقليص التزامات كوشنر لتجنيبه الإفلاس.
وبعد شهر من تواصُلِه الأول مع السفير العتيبة، كتب باراك مرة أخرى في 26 مايو ليقدم “كوشنر”، الذي كان يستعد لتولي دور مبعوث رئاسي إلى الشرق الأوسط.
كتب باراك في رسالة إلكترونية أخرى: “سوف تحبه، وهو يتفق مع أجندتنا!”
الصديق الملياردير
التقى توماس ج. باراك الابن بدونالد ج. ترامب لأول مرة في الثمانينيات، وخرج باراك (وليس ترامب) رابحًا من تلك اللقاءات. فقد تفاوض مع ترامب وجعله يدفع أكثر من اللازم مقابل اثنين من الأصول الشهيرة: حصة خُمس في سلسلة متاجر “ألكساندرز” بنيويورك في عام 1985، وفندق “بلازا” بالكامل في عام 1988. دفع ترامب حوالي 410 ملايين دولار مقابل فندق “بلازا”، لكنه خسر كلا العقارين لاحقًا لصالح الدائنين.
ومع ذلك، استغل باراك هذه الصفقات لبناء صداقة دائمة، من خلال مدح ترامب ومجاملته على مهاراته التفاوضية. قال باراك في خطاب له في المؤتمر الجمهوري: “لقد لعبَ بي كما يلعب عازف ماهر على بيانو شتاينواي”!
في سن الـ 71 (في العام 2018)، بلغ باراك نفس عمر الرئيس ترامب، وهو يشاركه حُبَّهُ للأشياء الفاخرة. ويمتلك باراك مزرعة عنب ومنتجع بولو تبلغ مساحتها 700 فدان في وادي “سانتا ينز “في كاليفورنيا، وباع قصرًا مكوّنًا من سبع غرف نوم في “سانتا مونيكا” في العام 2017 مقابل 38 مليون دولار، واشترى منتجع تزلج في “أسبن” مقابل 18 مليون دولار تقريبًا قبل بدء الموسم مباشرة.
ومع ذلك، يقول من يعرفونه جيدًا إنه لا يزال يقول للمعارف الجدد إنه “يتشرف فعلا” بلقائهم، ويكثر من استخدام عبارات مثل “من الدرجة الأولى”، و”مذهل”، و”عبقري”. يروي قصة نجاحه دائمًا كحكاية عن الحظ والمثابرة، وليس عن الموهبة.
نشأ وهو يتحدث اللغة العربية كابن لمهاجرين لبنانيين في لوس أنجلوس؛ كانت والدته تعمل سكرتيرة، ووالده يدير محل بقالة في مدينة “كلفر”. وبحلول عام 1972، حصل على شهادة في القانون من جامعة جنوب كاليفورنيا، وأجريت معه مقابلة للعمل مع محامي الرئيس نيكسون الشخصي، “هربرت كالمباخ”. وكما يروي باراك، فقد رمى، بعد دقائق من المقابلة، كتابًا عن كرة القدم كان قد تحادث عنه مع المحامي الذي استجوبه. وهو يزعم أن ذلك هو ما جعله يحصل على الوظيفة بدلًا من مرشحين يحملون شهادات من جامعات أكثر شهرة.
تم إرساله إلى السعودية بسبب إتقانه للعربية، وهناك تم اختياره ليكون شريكًا في لعبة “السكواش” مع “أحد السعوديين المحليين”، كما يقول دائمًا، ليتبين لاحقًا أن ذلك السعودي كان ابن الملك، وكانت تلك أول فرصة كبيرة له في عالم الأعمال. في العقود التالية، بنى باراك علاقات واسعة في المنطقة، فقد كوّن مرة صداقة مع بدوي مسن على متن حافلة، واتضح لاحقًا أن الرجل مسؤول تنفيذي في شركة أرامكو السعودية. دعا باراك صديقه الجديد للإقامة في منزله في “نيوبورت بيتش”، كاليفورنيا، أثناء علاجه، ومقابل هذا الجميل، حصل باراك على مهمة مساعدة “أرامكو” في شراء 375 حافلة مدرسية من طراز “بلو بيرد”، كانت أكبر صفقة له في ذلك الوقت.
ويصفه أصدقاؤه بأنه “المرشد الخاص” لأمراء الخليج، يساعدهم على شراء منازل في أمريكا وأوروبا، ويعتني بأطفالهم خلال زياراتهم للغرب، ويستضيفهم في عطلته بجنوب فرنسا.
بعد أن اشترت شركته الاستثمارية منتجعًا كان قد بناه “الآغا خان” على امتداد 35 ميلًا من ساحل “سردينيا”، افتتح باراك، وهو كاثوليكي، مطعمًا يقدم الطعام الحلال لاستقبال أمراء الخليج الذين يزورونه على يخوتهم.
وبصفته محاميًا شابًا، تفاوض باراك مرة مع والد السفير الإماراتي الحالي “يوسف العتيبة”، الذي كان حينها وزير النفط الإماراتي. وتشير الرسائل الإلكترونية إلى أن السفير العتيبة عمل لاحقًا مع باراك لإتمام صفقة عام 2009 باعت فيها شركته الاستثمارية فندق “ليرميتاج رافلز” في بيفرلي هيلز إلى مشروع مشترك تملكه جهة استثمارية تابعة لأبوظبي بنسبة 50% مقابل 41 مليون دولار. وبعد ثلاث سنوات، استثمر السفير العتيبة مليون دولار في صندوق أنشأه باراك لشراء منازل بأسعار منخفضة بعد أزمة العقارات، وفقًا للرسائل الإلكترونية.
وعندما أبدى السفير العتيبة قلقه من اقتراح ترامب حظر دخول المسلمين — “حتى أنا، رغم أنني غير متحيز، واجهت صعوبة مع هذا التصريح” — رد باراك مضيفاً بأن ترامب هو “ملك المبالغة”.
وكتب في رسالة إلكترونية:
“يمكننا توجيهه نحو الحذر. إنه بحاجة إلى بعض العقول العربية الذكية التي يمكنه استشارتها — وأنت على رأس تلك القائمة!”
تحول في السياسة
مع الوقت، دأت جهود السيد باراك تؤتي ثمارها. فقد التقى السيد كوشنر بالسفير العتيبة في مايو 2016. وبعد ذلك بوقت قصير، بدأ السيد باراك والسفير العتيبة العمل على ترتيب اجتماع سري بين السيد “مانافورت”، الذي أصبح مدير حملة ترامب في يونيو من ذلك العام، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، المستشار المهيمن لوالده، الملك سلمان.
كان السيد باراك قد أصبح صديقاً للسيد “مانافورت” في السبعينيات، حين كانا يعيشان في بيروت ويعملان لصالح المصالح السعودية. في أوائل عام 2016، عندما كان ترامب يواجه احتمال خوض معركة ترشيح متنازع عليها في مؤتمر الحزب الجمهوري، أوصى السيد باراك بالسيد “مانافورت” لتولي منصب مدير الحملة. وكتب في رسالة إلى السيد ترامب واصفاً إياه: “الأكثر خبرة وفتكاً بين المديرين” وأنه”قاتل”.
كان يُنظر إلى الأمير محمد على نطاق واسع على أنه تلميذ طموح لحكام الإمارات، وفي رسالة إلكترونية إلى السفير الإماراتي، قدم السيد باراك اجتماع “مانافورت” كمقدمة لاجتماع محتمل مع ترامب.
كتب السيد باراك إلى السفير العتيبة في 21 يونيو 2016 قائلاً:
“أود أن أُرسّخ في ذهن دونالد العلاقة بين الإمارات والسعودية، وهو ما بدأناه بالفعل مع جاريد. أعتقد أنه من المهم أن تكون أنت حجر الزاوية!!”
لكن السيد باراك كان يواجه منافسة. إذ حاول الأمير السعودي الوصول إلى حملة ترامب من خلال “شخص متوسط المستوى” في شركة الاستثمار الخاصة المنافسة “بلاكستون”، كما كتب السيد باراك في رسالة لاحقة. وقال للسفير: “من الواضح أنني أرغب في أن يتم ترتيب الاجتماع من قبلك ومن قبلي وليس عن طريق “بلاكستون””.
كما عرض السيد باراك على “مانافورت” أهمية العلاقة مع الإمارات، قائلاً إن “إن رئيس مجلس النواب الأميركي بول رايان (Paul Rayan) مبرمج تماماً على القرب والانسجام مع الإمارات”، ووافق على لقاء الأمير محمد “لأنه صديق لرئيسك والإمارات”.
تُظهر الرسائل الإلكترونية أن الاجتماع كان مقرراً في 24 يونيو، وأن السيد “مانافورت” طلب عقد الاجتماع في فندق الأمير لتجنب وسائل الإعلام. لكن المتحدث باسم السيد باراك قال إن “مانافورت” ألغى الاجتماع في اللحظة الأخيرة لأسباب تتعلق بالجدول الزمني.
ومع ذلك، يبدو أن جهود السيد باراك كانت فعالة. ففي اليوم التالي لتاريخ الاجتماع المقرر، أرسل السيد باراك للسفير رسالة من مانافورت تتضمن “توضيحاً” خفف من حدة دعوة ترامب لحظر دخول المسلمين.
وبعد بضعة أسابيع، في 13 يوليو، أبلغ السيد باراك السفير العتيبة أن فريق ترامب أزال أيضاً بنداً مقترحاً من برنامج الحزب الجمهوري كان قد أُدرج لـ”إحراج” السعودية. وقد دعا هذا البند إلى نشر الصفحات المحجوبة من تقرير عن هجمات 11 سبتمبر 2001.
وعندما فاز ترامب في نوفمبر، كان السفير العتيبة حريصاً على تعزيز علاقته مع السيد باراك. فكتب له في رسالة تهنئة على فوز ترامب المفاجئ: “لدينا الكثير من الأمور التي يتعين علينا إنجازها معاً. كلمة ‘معاً’ هي المفتاح”.
ورد عليه السيد باراك قائلاً: “دعنا نقم بها معاً”.
لاحقاً، حضر السيد باراك حفلة عشاء في منزل السفير العتيبة مع سفراء عرب آخرين ومسؤولين أمريكيين سابقين (وكان الطاهي من مطعم ‘Inn at Little Washington’ الشهير عالمياً). وقد عرض السيد باراك تعريف السفير العتيبة على الشخصيات المهمة في الإدارة الجديدة. وقال: “أخبرني من هو على رأس قائمتك”.
كتب السفير العتيبة إلى السيد باراك:
“بفضلك، أنا على تواصل دائم مع “جاريد”، وكان ذلك مفيداً للغاية، لكلا الجانبين على ما أظن”.
وقد احتفلوا مجدداً في مايو 2017، عندما قام ترامب بأول زيارة خارجية له كرئيس، وكانت إلى الرياض في السعودية لحضور قمة عربية. كتب السيد باراك إلى السفير العتيبة قائلاً:
“كل هذا بدأ بك وبـ(جاريد كوشنر) وبـ(أنا)، لذا مبروك على بداية عظيمة”.
الأمور تسوء، لكن ليس بالنسبة لباراك
بعد أسبوعين من اجتماع الرياض، بدأ ترامب يصطف بشكل واضح إلى جانب السعوديين والإماراتيين ضد خصومهم في المنطقة. وعندما فرضت هاتان الدولتان حظراً على جارتهم قطر — التي تستضيف قاعدة جوية أمريكية رئيسية — خالف ترامب موقف إدارته وساند السعوديين والإماراتيين بشكل صريح.
وسرعان ما هنّأ الأمير محمد عندما تولى منصب “ولي العهد” — ثم أشاد به مرة أخرى عندما اعتقل نحو 200 من رجال الأعمال والخصوم السياسيين لتوطيد سلطته. وفي هذا الربيع، منح ترامب السعوديين والإماراتيين نصراً أكبر حينما انسحب من الاتفاق النووي مع خصمهم اللدود، إيران.
وفي المقابل، لم تصدر عن الملوك الخليجيين سوى اعتراضات شكلية على اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ومع ذلك، فإن العديد من الروابط التي سهّلها السيد باراك جلبت معها تبعات سلبية أيضاً.
فقد أصبحت الروابط بين ترامب والسعوديين والإماراتيين محط تدقيق جديد. فبعد عدة أشهر من قيام باراك بترتيب اللقاءات الأولى، التقى “جورج نادر”، رجل أعمال لبناني أمريكي ومستشار كبير للحاكم الفعلي للإمارات، بابن المرشح دونالد ترامب جونيور في مقر حملة ترامب في نيويورك. وفي ذلك الاجتماع الذي جرى في 3 أغسطس 2016، أفاد “نادر” بأن حكام السعودية والإمارات يدعمون حملة ترامب وعرضوا تقديم المساعدة، حسب أشخاص مطلعين على النقاش. وكان من شأن مثل تلك المساعدة أن تنتهك قوانين الحملات الانتخابية، ويقال إن “نادر” يتعاون الآن مع المحقق الخاص الذي يحقق في ذلك الاجتماع وعدة اجتماعات تلت ذلك، وفقاً لأشخاص مطلعين على القضية.
بول مانافورت عاش في بيروت مثل طوم باراك
وقد نفى “بول مانافورت” التهم الموجهة إليه بخصوص الاحتيال المالي والكذب على المحققين الفيدراليين في ما يتعلق بعمله لمصالح مدعومة من روسيا في أوكرانيا. أما “ريك غيتس”، الذي عيّنه باراك للمساعدة في إدارة حفل التنصيب ثم كمستشار في واشنطن، فقد أقر بالذنب في تقديم بيانات كاذبة ووافق على التعاون مع المحقق الخاص.
كما أدلى جاريد كوشنر، صهر ترامب، بشهادته أمام المحقق الخاص.
لكن أعمال السيد باراك لا تزال مزدهرة، ويرجع ذلك جزئياً إلى علاقاته المستمرة مع السعوديين والإماراتيين. فعندما كانت شركته تبحث عن شركاء في صفقة شراء بقيمة 400 مليون دولار لبرج مكاتب بارز في لوس أنجلوس يُدعى “وان كاليفورنيا بلازا”، فقد باعت حصة بقيمة 70 مليون دولار لشركة تأمين إسرائيلية. وذهبت حصة أخرى بقيمة 70 مليون دولار لشركة استثمار حكومية يسيطر عليها ولي عهد أبوظبي، وفقاً لشخص مطلع على الصفقة.
وما هو أكثر من ذلك، قد يستفيد باراك بشكل مباشر أكثر من المساهمين أو المديرين التنفيذيين العاديين من الاستثمارات التي يساعد في جلبها، لأنه في بعض الحالات، حسب بيانات شركة “كولوني نورث ستار”، يحصل على رسوم إضافية تُعرف باسم “الفائدة المحمولة” (carried interest) على الأرباح من الأموال التي يجمعها — كما لو كان شريكًا في شركة استثمار خاص، وليس مجرد رئيس لمجلس إدارة شركة عامة.
ويجادل أصدقاء السيد براك بأن تاريخه الطويل في ممارسة الأعمال في الخليج يُظهر أن الاستثمارات لا علاقة لها بصلاته بالبيت الأبيض.
ومع ذلك، ثمة أمر قد تغيّر.
فحتى وقت قريب، كان العملاء الخليجيون الأبرز لباراك ليسوا الإماراتيين أو السعوديين — بل خصومهم اللدودين، القطريين، الذين اشتروا منه استوديو الأفلام “ميراماكس” وفريق كرة القدم “باريس سان جرمان”، من بين ممتلكات بارزة أخرى. وأثناء الحملة، تواصلَ باراك مع القطريين أيضاً، وساعد في ترتيب لقاء بين ترامب وأمير قطر في برج ترامب في سبتمبر 2016.
وقال شخص مشارك في اللقاء: “كان توم يريد أن تعرف قطر أنه هو من رتّب ذلك، وكان يريد أن يعرف ترامب أيضاً أنه هو من رتّبه”.
لكن موقف ترامب من النزاع مع قطر يبدو أنه ألقى بظلاله على أعمال باراك هناك: فلم تأتِ أي من الاستثمارات الخليجية التي جلبتها شركة باراك منذ ترشيح ترامب من قطر.
وقال مسؤول قطري رفيع، متحدثًا بشرط عدم الكشف عن هويته لتجنب إثارة غضب البيت الأبيض: “ما زلنا نعتبر توم صديقًا وشريكًا”، مضيفًا: “لكن مع كل ما حدث مؤخرًا، لدينا شكوك بشأن مستوى تورطه في هذه الأزمة”.
ساهم في إعداد هذا التقرير: بن بروتس، ماجي هابرمان، ومارك مازيتي من واشنطن.
العنوان الأصلي:
Who Is Behind Trump’s Links to Arab Princes? A Billionaire Friend
Who Is Behind Trump’s Links to Arab Princes? A Billionaire Friend