في مقابلةٍ مطوّلةٍ مع قناة الميادين، كشف الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله الإرهابي والجهادي والمجرم، عن أوجهٍ صادمةٍ من التغوّل غير الشرعي على الدولة اللبنانية، والتبعية المطلقة للنظام الإيراني الملالوي. هذا يؤكد من جديد أن حزب الله ليس سوى ذراعٍ إيرانية مسلحة، جهادية وإجرامية، وعدوة للبنان واللبنانيين، تعمل خارج أي إطار قانوني أو سيادي في لبنان. إن منطق قاسم الوقح والفاجر في أجوبته يكشف بجلاءٍ عن عقليّةٍ طروادية خيانية لا تحترم الدولة أو مواطنيها، بل ترى لبنان مجرد ساحةٍ لمشاريع إيران المحلية، الإقليمية والدولية، لا تمتّ بصلةٍ إلى مصلحة اللبنانيين أو الدستور اللبناني.
لقد بلغ الفجور ذروته عندما أعلن قاسم بكل صراحةٍ ووقاحةٍ أن “الشورى في حزبه اجتمعت وقررت الدخول في معركة مساندة” عقب عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023. هذا التصريح ليس مجرد اعترافٍ فجٍّ بقرارٍ ذاتي، بل هو صفعةٌ مدويةٌ على وجه سيادة الدولة اللبنانية. فكيف يمكن لكيانٍ مسلحٍ أن يقرر دخول حربٍ، وتحديد أهدافها، دون أدنى تنسيقٍ أو تفويضٍ من الحكومة الشرعية؟ هذا المنطق الإرهابي والجهادي ينسف كل مفهوم للدولة ومؤسساتها، ويؤكد أن حزب الله يتصرف كـ”دولةٍ داخل دولة”، بل كـ”دولةٍ فوق دولة”. هذا القرار الأحادي الجانب هو إعلان حربٍ غير شرعي عرّض لبنان ومواطنيه لأهوال الحرب التي دمرت وقتلت وهجّرت.
التبعية المطلقة لإيران ورفض تسليم السلاح
إن جوهر المشكلة يكمن في التبعية الكاملة لحزب الله لإيران، وهو ما يتجلّى بوضوحٍ في أجوبة قاسم. فعندما يتحدث عن “وحدة الساحات” و”وحدة الأهداف”، فإنه يعترف ضمنيًا بأن قرار الحرب والسلم عند حزب الله ليس بيد اللبنانيين، بل بيد المحور الإيراني. فقوله: “نعم وجود الجمهورية الإسلامية الإيرانية أساس في هذا الموضوع”، هو اعترافٌ صريحٌ بأن طهران هي العقل المدبر، والمموّل، والداعم، والآمر لكل تحركات ومواقف حزب الله. هذا ليس انتماءً وطنيًا، بل ذوبانٌ كاملٌ في الحرس الثوري الإيراني، الذي يرى لبنان مجرد ورقةٍ تفاوضيةٍ في صراعاته الإقليمية، وساحة ومخزن أسلحة لحروبه وعملياته الإرهابية.
لقد كشفت المقابلة أن حزب الله يعيش في عالمٍ موازٍ، يرفض فيه الانصياع للقوانين الدولية والقرارات الأممية، وتحديدًا القرارين 1701 و1559 اللذين ينصّان على نزع سلاح الميليشيات اللبنانية، وعلى رأسها حزب الله، وبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها. إن إصرار قاسم على احتفاظ حزب الله بسلاحه بقوله: “لبنان قوي بسبب أسلحة حزب الله ولن نقبل أن يصبح لبنان ضعيفًا”، هو رفضٌ وقحٌ لتسليم السلاح للدولة، وتحدٍ سافرٍ للإرادة الدولية. هذا الموقف يعكس رؤيةً تعتبر الدولة اللبنانية ضعيفةً وعاجزةً عن حماية نفسها، وأن وجود السلاح خارج إطارها هو مصدر قوتها، وهو ما يتناقض مع كل مبادئ بناء الدولة الحديثة والقوية.
تبرير الانتهاكات وتحدي السيادة
تبرير قاسم للانتهاكات المتكررة للسيادة اللبنانية ووضع لبنان على خط المواجهة بقوله: “كانت معركة المساندة قد حققت الأهداف بالتخفيف عن غزة وبدفع الإسرائيلي أن يذهب إلى الحل”، هو استخفافٌ بعقول اللبنانيين. فما حققته هذه “المساندة” ليس سوى الدمار والخراب والتهجير في الجنوب وبيروت وبعلبك وكل مناطق تواجد الطائفة الشيعية، التي يختطفها حزب الله ويأخذها رهينة ويقتل شبابها في حروب نظام الملالي الإيراني الجهادية والعبثية في آن. لقد حول حزب الله لبنان إلى ساحةٍ لحرب إيران داخل وخارج لبنان، دون أن يكون للدولة اللبنانية والشعب أي رأيٍ في هكذا قرارات مصيرية. إن الحديث عن “عدم إضرار لبنان” هو محض هراءٍ في ظل الخسائر البشرية والاقتصادية الهائلة التي تكبّدها لبنان جراء هذه “المساندة”. وفيما يخص “غرفة العمليات المشتركة” و”وحدة الأهداف”، حاول قاسم أن ينكر وجود “شكلٍ تنظيميٍ معين”، لكنه عاد ليؤكد أن “كل ساحة قدمت بمواجهة الكيان الإسرائيلي بحسب تقديراتها وظروفها”، وأن “الوجود الجمهورية الإسلامية الإيرانية أساس في هذا الموضوع”. هذا التناقض يكشف عن محاولةٍ فاشلةٍ للتهرب من مسؤولية التبعية الواضحة، ويؤكد أن هناك تنسيقًا غير معلنٍ يخدم أجندةً إقليميةً، وليس مصلحة لبنان.
التشبث بالسلاح: تحدٍ سافر للسيادة اللبنانية والقرارات الدولية
يُشكل إصرار قاسم على احتفاظ حزب الله بسلاحه النقطة الأكثر إثارةً للجدل والرفض في المقابلة، فهي تكشف بوضوحٍ عن تحدٍ سافرٍ للدولة اللبنانية والقرارات الدولية. عندما يصرح قاسم بكل وقاحة: “لبنان قوي بسبب أسلحة حزب الله ولن نقبل أن يصبح لبنان ضعيفًا”، فإنه لا يعبر عن موقفٍ دفاعي، بل يُعلن عن هيمنةٍ عسكريةٍ تضرب بعرض الحائط كل مبادئ السيادة الوطنية. هذا التصريح، إلى جانب قوله: “إذا اعتقد الإسرائيلي ومن خلفه الأميركي… أنه إذا ضغطوا علينا أكثر يحققون أهداف، لن يحققوا أهدافهم مهما كان الضغط، نحن أعلنّاها، سنواجه عندما يكون هناك قرار عندنا بالمواجهة، وعندنا خيارين لا ثالث لهما، النصر أو الشهادة، نحن لا خيار لدينا اسمه الاستسلام”، لا يترك مجالًا للشك في أن الحزب يرى نفسه القوة الوحيدة المهيمنة على قرار الحرب والسلم في لبنان. هذا الموقف يتناقض بشكلٍ صارخٍ مع أبسط تعريفات الدولة، حيث تُعتبر حصرية استخدام القوة بيد الدولة الشرعية من أهم أركانها. إن رفض حزب الله تسليم سلاحه يعني أن هناك جيشًا موازيًا يعمل خارج سلطة الدولة، يمتلك قراره الخاص بالحرب والسلم، ويضع مصير لبنان برمته تحت رحمته. هذا ليس دفاعًا عن لبنان، بل هو احتلالٌ داخليٌ يُكبّل الدولة ويُفقدها القدرة على اتخاذ قراراتها المستقلة.
كما يتجاهل قاسم بشكلٍ متعمدٍ القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، وتحديدًا القرارين 1559 و1701، اللذين يدعوان صراحةً إلى نزع سلاح الميليشيات في لبنان وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها. إن استمرار الحزب في التمسك بسلاحه هو انتهاكٌ صارخٌ للقانون الدولي، ويُعرّض لبنان لعقوباتٍ ومخاطر جمة، ويُعمّق من عزلته الدولية. هذا الموقف لا يعكس “قوة” لبنان كما يزعم قاسم، بل يُظهر ضعفًا واضحًا للدولة التي لا تستطيع فرض سيادتها على أراضيها، ويُقدمها كـ”دولةٍ فاشلة” في نظر المجتمع الدولي. الأدهى من ذلك هو أن قاسم يربط “قوة لبنان” ببقاء سلاح حزب الله، وكأن الدولة اللبنانية ومؤسساتها وجيشها الوطني لا تملك القدرة على حماية نفسها. هذا الخطاب يُسيء إلى كرامة اللبنانيين وقدرتهم على بناء دولةٍ قويةٍ وقادرةٍ على الدفاع عن نفسها بجيشها الشرعي، ويُرسّخ فكرة أن لبنان لا يمكن أن يعيش إلا تحت مظلة هذه الميليشيا. هذا التفكير يعكس عقلية احتكارية للقوة، تُحكم قبضتها على مقدرات البلاد، وتُبقيها في حالة استقطابٍ وتوترٍ دائمين، مما يُعيق أي فرصةٍ للاستقرار والنهوض الاقتصادي والاجتماعي.
وهم القوة وفشل الردع: سلاحٌ موجهٌ للداخل اللبناني
إن ادعاءات قاسم حول “قوة” حزب الله و”قدرته على المواجهة” تتهاوى أمام الواقع المرير الذي يعيشه لبنان. فمنذ إعلان اتفاقية وقف إطلاق النار، تشهد الساحة اللبنانية اغتيالاتٍ شبه يوميةٍ لقادة ومقاتلي حزب الله في مختلف أنحاء البلاد، دون أن يُطلق الحزب رصاصةً واحدةً ردًا على هذه الاعتداءات. هذا الصمت المريب، وهذا العجز عن الرد، يكشف عن فشلٍ ذريعٍ في الردع، ويفضح وهم القوة الذي يروّج له الحزب. إن “فضيحة الهزيمة” التي تعرض لها الحزب، وانكشاف “أوهامه المتعلقة بالقوة”، تتجلى في عجزه عن حماية قادته ومقاتليه، وفي قبوله بالواقع الذي تفرضه إسرائيل على الأرض. هذا العجز يطرح تساؤلًا جوهريًا: لمن هو هذا السلاح؟ إذا كان هذا السلاح لا يستطيع حماية لبنان من الاعتداءات الخارجية، ولا يرد على اغتيال قادته، فإنه يصبح واضحًا أن وظيفته الأساسية هي السيطرة على الداخل اللبناني، وفرض إرادة الحزب على الدولة والمواطنين. إن هذا السلاح، الذي يُفترض أنه موجهٌ لـ”مقاومة إسرائيل”، أصبح في الواقع أداةً لفرض الهيمنة الداخلية، وتكبيل الدولة، وإبقاء لبنان في حالةٍ من الضعف والارتهان. إن استمرار حزب الله في تحدي سلطة الدولة، والتمسك بسلاحه خارج إطار الشرعية، والارتهان الكامل لأجندات خارجية، يجعل من لبنان رهينةً لمشاريع لا وطنية. مقابلة الشيخ نعيم قاسم ليست مجرد حوارٍ إعلامي، بل هي تأكيدٌ صارخٌ على واقعٍ مأزومٍ، يعيش فيه لبنان تحت وصايةٍ ميليشياويةٍ تابعةٍ لإيران، لا تعترف إلا بقوة السلاح، ولا تقيم وزنًا لسيادة الدولة أو إرادة شعبها.
***الكاتب ناشط لبناني اغترابي رابط موقع الكاتب الإلكتروني https://eliasbejjaninews.com عنوان الكاتب الإلكتروني phoenicia@hotmail.com
رابط نص وفيديو مقابلة الشيخ نعيم قاسم من قناة الميادين الحوار الكامل للأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم مع قناة الميادين النص مأخوذ من موقع الشيخ نعيم قاسم الألكتروني 08 تموز 2025