إن ما سُمّي بـ”الرد اللبناني” على الورقة الأميركية التي نقلها الموفد الرئاسي الأميركي اللبناني الأصل توم براك، لم يكن أكثر من محاولة صبيانية وبائسة للتلطيف اللفظي واللف والدوران، تهرباً من قول الحقيقة ومواجهة الواقع. إنه نص إنشائي وزجلي دون طعم أو لون، أو موقف وطني وسيادي، وبلا التزام، وبلا رؤية، يهدف فقط إلى كسب الوقت والتملق لحزب الله، وتفادي بجبن مواجهته معه وتنفيذ القرارات الدولية.
إنجيليًا ينطبق على محتوى الرد ما جاء في، “سفر الرؤيا/15/03و16”): “أنا عارِفٌ أعمالكَ، أنَّكَ لَستَ بارِدًا ولا حارًّا. لَيتَكَ كُنتَ بارِدًا أو حارًّا! هكذا لأنَّكَ فاتِرٌ، ولستَ بارِدًا ولا حارًّا، أنا مُزمِعٌ أنْ أتَقَيّأكَ مِنْ فمي”.
أولاً: رد جبان بلا مضمون ولا جدول زمني وتعامي عن المتغيرات الدولية والإقليمية
إن الوثيقة التي سُلّمت إلى براك لا ترقى حتى إلى مستوى الحدّ الأدنى من الردّ السياسي المسؤول. فهي بيان إنشائي ركيك، مليء بالمجاملات الزجلية، يخلو من أي التزامات واضحة، والأخطر أنه لا يتضمّن أي جدول زمني لنزع سلاح “حزب الله” أو لتفكيك بنيته العسكرية والمخابراتية، ما يجعله بلا أي قيمة تنفيذية أمام المجتمع الدولي… والأخطر أنه عن سابق تصور وتصميم يتعامى عن المتغيرات الدولية والإقليمية.
ثانياً: جوزيف عون… رئيس جمهورية سيد وحر أم دمية بيد إيران؟
عمليًا، الرئيس جوزيف عون خيب وخذل الآمال بمواقفه الرمادية والمتواطئة تجاه سلاح “حزب الله” واحتلاله وإرهابه، وهذا أمر يثير الشكوك حول مدى استقلاليته، ويطرح تساؤلات جدّية عمّا إذا كان هذا الرجل مجرد واجهة ناعمة لسلطة ميليشيوية إيرانية، والدليل أن فريقه الاستشاري (كتيبة الإستشاريين) يضمّ شخصيات تابعة لحزب الله، مثل الوزير السابق علي حمية، إضافة إلى وجوه مسيحية ومارونية تحديدًا سبق أن كانت من أعمدة بلاط الرئيس الكارثة ميشال عون، وساهمت معه في تسليم لبنان للحرس الثوري الإيراني.
ثالثاً: براك قالها بوضوح: “حلّ حزب الله مسؤوليتكم”
توم براك لم يَدُور الزوايا ولم يجامل أحداً. قالها صراحة وبلغة دبلوماسية راقية ولكن بحزم: “أليس حزب الله حزبًا سياسيًا في لبنان؟ هل تظنون أن دولة أجنبية ستُجرد حزبًا سياسيًا من سلاحه في بلد ذي سيادة؟ هذه مشكلتكم، وعليكم أن تحلوها بأنفسكم”. الرسالة واضحة: انتهى زمن التلون والدجل واللعب على الكلام والتشاطر السمج.. المطلوب قرار لبناني سيادي وشجاع.
رابعاً: حزب الله جيش إيراني لا علاقة له بلبنان
من المعيب على المستوى الشعبي والرسمي والإعلامي الاستمرار في تسمية “حزب الله” حزبًا لبنانيًا. هو ليس سوى فرع للحرس الثوري الإيراني في لبنان وقادته يفاخرون بهذه التبعية الطروادية. قياداته وعسكره هم مجرد أدوات وأبواق تنفيذية لا تملك قرارها، وأي حوار معه هو غباء وجهل واستسلام مفضوح لا يخدم سوى مخططات طهران الإرهابية والتوسعية…من هنا لا حلّ إلا بالاستئصال الكامل لمنظومته العسكرية والأمنية والإعلامية والتربوية والمصرفية وكل ما عدا ذلك مضيعة للوقت وخيانة للسيادة.
خامساً: “الفرصة الأخيرة”… وإسرائيل تحررت من قيودها
قالها براك بلهجة تحذيرية: “صبر الرئيس ترامب لن يطول… وإذا لم تتحملوا مسؤولياتكم، ستُتركون وحدكم لمواجهة مصيركم”.
في هذا السياق نحن نرى أن إسرائيل، التي كانت مقيّدة أميركياً لفترة طويلة، فقد بات واضحاً أنها حصلت على الضوء الأخضر لإنهاء التهديد الإيراني-اللبناني، في حين أن الغارات الأخيرة تزامنت مع زيارة براك، وهذه ليست صدفة، بل هي رسالة بالنار: العدّ العكسي بدأ، فاحسموا أمركم.
بعض التغريدات التي علقت على مهزلة وصبيانية أهل الحكم في لبنان
“المعادلة الحقيقية ليست أن نزع السلاح سيؤدي إلى حرب أهلية، بل إن عدم نزعه سيؤدي إلى حرب إقليمية مدمّرة… وبراك قالها: لا ضمانات أميركية بلجم إسرائيل!”
“براك سلّم الرد، وخرج مرتاحاً، لأن الكرة باتت في ملعب اللبنانيين. لكنه لم يعط رأياً لأنه يعرف أن الحقيقة ستحسمها الوقائع، لا البيانات.”
“الوضع أشبه بجمع متناقضات في ورقة واحدة. المطلوب ببساطة: جدول زمني واضح لحصر السلاح… لكن لا أحد يجرؤ على الاعتراف أن الدولة ماتت!”
“الموفد الأميركي لم يكن بحاجة لقراءة الرد. قالها بتهذيب: نحن لن نُملي عليكم كيف تُعالجون ملف السلاح، لكن إن لم تفعلوا، فستُدفعون الثمن.”
“جواب واحد فقط كان يجب أن يُقال: نعم، سنجرد حزب الله من سلاحه خلال 3 أشهر.”
“الرد اللبناني= تأتأة، تذاكٍ، تهرّب، ورضوخ. الدولة وحزب الله في مركب واحد… إلى القعر.”
“يجب إسقاط النظام الإيراني في لبنان فورًا، وإلا فإن شرق أوسط جديدًا سيُبنى من دوننا… أو على أنقاضنا.”
“لن نتعايش مع السلاح بعد اليوم. نريده قرارًا رسميًا، لا تمنيات غامضة. انتهى زمن الاستحمار”.
الخلاصة: لبنان أمام لحظة الحقيقة… وساعة الحساب تقترب
إن تعامي عون وسلام والطبقة الحاكمة في لبنان من جماعات السلاح والفساد عن المتغيرات الدولية والإقليمية التي ساهم بفرضها بالقوة رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو والرئيس الأميركي ترامب، لن تسمح في ظل أهدافها أن يُترك لبنان تحت حكم الاحتلال الإيراني وطروادييه من اللبنانيين في إطار مشروع شرق أوسط جديد عنوانه السلام… بالتأكيد سيتم القضاء على حزب الله عسكريًا وإبعاد وربما سجن ومحاكمة قادته الحاليين الإسخريوتيين.
قياسًا بهذه المعايير، فإن الرد اللبناني الرسمي لم يكن سوى فضيحة ذميمة جديدة تؤكد أن الدولة أسيرة حزب الله. جوزيف عون أضاع فرصة نادرة لإثبات شجاعته واستقلاليته، فظهر كقائد مخصيّ الإرادة، يُدار من خلف الستار… ونواف سلام المتردد والجبان لا يزال غارقًا في ثقافة ياسر عرفات وعبد الناصر البالية، وتتحكم به عقد الكراهية والحقد وأوهام المقاومة والتحرير.
الرسالة الأميركية جاءت كصفعة على وجه الطبقة السياسية برمتها:
إما أن تتحملوا مسؤوليتكم، أو استعدوا لرياحٍ عاتية لن تبقي ولن تذر. وبينما تاهت الدولة في التأتأة، كان صوت اللبنانيين الأحرار أوضح من أي وقت مضى: “نرفض بقاء لبنان رهينة في قبضة الاحتلال الإيراني، ونطالب واشنطن، وهي القوة الأعظم في العالم، بوضع لبنان تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وإعلانه دولة فاشلة مارقة عاجزة عن حكم نفسها.”
***الكاتب ناشط لبناني اغترابي رابط موقع الكاتب الإلكتروني https://eliasbejjaninews.com عنوان الكاتب الإلكتروني phoenicia@hotmail.com
رابط فيديو ونص (عربي وانكليزي) المؤتمر الصحفي الذي عقدة اليوم الإثنين 07 تموز/2025 المندوب الأميركي توم براك في قصر بعبدا/الرئيس ترامب والعالم يريدون مساعدة لبنان ولكن على لبنان أن يساعد نفسه