بلطجة وعهر وفجور وفساد نبيه بري وتعديه على حقوق المغتربين في قراءة للمحامي سعيد مالك: طرح الاقتراح واجب والتصويت مُلزِم/وأخرى لمكرم رباح: بري وثلاثية السلاح والفساد ورفض الإصلاح الانتخابي

69

بري وثلاثية السلاح والفساد ورفض الإصلاح الانتخابي
مكرم رباح/نداء الوطن/02 تموز/2025

طرح الاقتراح واجب والتصويت مُلزِم
سعيد مالك/نداء الوطن/02 تموز/2025
نصّت المادة 109 من النظام الداخلي لمجلس النواب تاريخ 18/10/1994، على أنّه للرئيس (أي لرئيس مجلس النواب) طرح الاقتراح المُعجّل المُكرّر على المجلس، في أوّل جلسة يعقدها بعد تقديمه، حتّى لو لم يُدرج في جدول الأعمال.
والسؤال المطروح، هل إنّ نصّ المادة المذكورة “أنّه للرئيس” يمنحه حقًا استنسابيًّا في طرح الاقتراح المُعجّل المُكرّر على الهيئة العامة، في أوّل جلسة يعقدها المجلس بعد تقديمه، حتى لو لم يُدرج في جدول الأعمال، أم في عدم طرحه والاحتفاظ به في أدراج المجلس؟
وبالتالي، هل الصلاحية المُناطة برئيس المجلس في طرح الاقتراح من عدمه، تُعتبر صلاحية مُقيّدة أم استنسابية أو مُطلقة؟
وللجواب عن هذا السؤال، لا بُدّ من تعريف الصلاحية المُقيّدة، وتمييزها من الصلاحية المُطلقة.
بتاريخ 17/11/2006 أصدرت هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل رأيًا في الاستشارة رقم 696/2006 (وكانت الهيئة مؤلّفة من السادة القُضاة “الرئيس شكري صادر” والقاضيين “أنطوان بريدي” و “جويل فوّاز”) جاء فيها ما حرفيّته:
“وحيث إنّ الفقه والاجتهاد يُجمعان على القول إن السلطة تتمتّع بصلاحيّة مُقيّدة في كلّ مرّة يُلزمها القانون بأن تتّخذ قرارًا ما على نحوٍ مُعيّن، دون أن يترك لها أي هامش أو حرّية في الاختيار بين عدّة احتمالات”.
“وحيث يترتّب على تعريف الصلاحيّة المُقيّدة على الوجه آنف الذكر، أنّ قرارًا واحدًا -هو ذاك الذي ألزم القانون الإدارة أو السلطة باتّخاذه- يكون مشروعًا، متوافقًا وحُكم القانون. وكلّ قرار آخر تتّخذه الإدارة أو السلطة خلافًا لما ألزمها به القانون يكون مُخالفًا للقانون. وهو ما يُعرف بالصلاحيّة المُقيّدة….”.
وجاء هذا الرأي، نتيجة تخلُّف السلطة المُخوّلة يومها عن إصدار مرسوم التشكيلات القضائية. حيث خلص الرأي إلى اعتبار أنّ صلاحية السلطة في إصدار المرسوم هي صلاحية مُقيّدة وليست مُطلقة أم استنسابية.
وبالعودة إلى المادة 109 من النظام الداخلي لمجلس النواب، فإنّ القانون والنظام الداخلي لمجلس النواب يُلزِمان رئيس المجلس بطرح اقتراح القانون المُعجّل المُكرّر على الهيئة العامة، في أوّل جلسة يعقدها المجلس بعد تقديمه، ولو لم يُدرج في جدول الأعمال.
دون أن يترك لرئيس المجلس على الإطلاق أي هامش أو حرّية بالاختيار بين طرحه أم عدم طرحه. فلا احتمالات أمام رئيس المجلس إلّا طرحه على الهيئة العامة. وبالتالي، إن قرارًا واحدًا مُنفردًا ألزم القانون والنظام رئيس المجلس باتّخاذه. وأي قرار آخر كالاحتفاظ به في أدراجه، أم إرجاء طرحه لغايات مشبوهة، يُعتبر قرارًا مُخالفًا للقانون. ما يُفيد بأنّ صلاحية رئيس المجلس بوجوب طرحه على جدول أعمال أوّل جلسة تشريعية هي صلاحية مُقيّدة وليست مُطلقة أم استنسابية على الإطلاق.
انطلاقًا من ذلك، فإن موقف العديد من الكتل النيابية والنواب المستقلّين، بالانسحاب من جلسة الإثنين المُنصرم، احتجاجًا على عدم طرح هذا الاقتراح المُتعلّق بتعديل المادة 112 من القانون رقم 44/2017 على جدول أعمال الجلسة التشريعية. جاء متوافقًا مع أحكام القانون ونصوص النظام الداخلي لمجلس النواب.
أمّا ذهاب رئيس المجلس إلى ضمّ هذا الاقتراح والمومأ إليه أعلاه، إلى سلّة اقتراحات القوانين التي هي اليوم بعهدة لجنة فرعية تشكّلت … كذا…. فهذا القرار لا يستقيم. كون المادة 112 من النظام الداخلي لمجلس النواب نصّت صراحةً على أنّه للهيئة العامة أن تُناقش صفة الاستعجال المُكرّر لأي اقتراح، وتصوّت عليه، حتى إذا نال الأكثرية وَجَب مُناقشته بالأساس. وإذا سقط يُحال إلى اللجان.
أمّا اتّخاذ رئيس المجلس قرارًا مُنفردًا بإحالته وضمّه إلى رُزمة اقتراحات القوانين التي تدرسها اللجنة الفرعية. فهذه مُخالفة قانونية إضافية، وتحديدًا لنّص المادة 112 من النظام الداخلي لمجلس النواب.

بري وثلاثية السلاح والفساد ورفض الإصلاح الانتخابي
مكرم رباح/نداء الوطن/02 تموز/2025
من الصعب، ولربما من المستحيل، أن يتغيّر الوضع في لبنان في ظل بقاء سلاح “حزب الله”. ورغم أن البعض يرى في التركيز الحصري على هذا السلاح نوعًا من التبسيط أو “الافتراء”، تعيد خطوة نبيه بري الأخيرة التي تتمثل بمَنع المغتربين من الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة النقاش إلى جوهره، وتُذكّر بحقيقة الواقع. في جلسة مجلس النواب الأخيرة، امتنع نبيه بري، بصفته رئيساً للمجلس، عن إدراج بند اقتراع المغتربين على جدول الأعمال، مكتفيًا بالقانون الذي يحصر حقهم في انتخاب ستة نواب فقط موزعين على القارات، مانعًا إياهم من التصويت في دوائر قيدهم كما حصل في الانتخابات الماضية. لكن المسألة هنا لا تتعلق بمجرد قانون انتخابي، بل تحاكي جوهر الصراع وهو: رفض “الثنائي الشيعي” تقديم أي تنازل في ملف السلاح.
ترتكز الهيكلية التي تحكم هذا الثلاثي القاتل – سلاح، فساد، وتعطيل الإصلاح الانتخابي – على ثلاثة أعمدة رئيسة:
أولًا، السلاح: سلاح “ميليشيا إيران” في لبنان وهو الأداة التي تُبقي قبضة نبيه بري وما تبقى من “حزب الله” على مفاصل الدولة، تحت ذريعة “ضمان حقوق الشيعة”. إنه طرح “هرطوقي”، لا يحمي الشيعة ولا لبنان، بل عَجِز، كما أثبتت الأحداث الأخيرة، عن حماية إيران نفسها أو تأدية أي دور ردعي فعلي.
ثانيًا، المحاصصة: احتكار التعيينات الأمنية، والإدارية، والقضائية، كما يتضح من الصفقات المتتالية والجدل القائم حول التشكيلات القضائية. أما الكفاءة والمناقبية فلا مكان لهما، بل الغلبة للولاء والمحسوبيات الطائفية، حتى ولو خُرِق الدستور وأُعيق عمل الحكومة.
ثالثًا، رفض الإصلاح الانتخابي: يتمسك بري و”حزب الله” بتعطيل أي تعديل قد يهدد حصرية تمثيلهما للشيعة، ما يمنحهما ذريعة ربط الطائفة بالسلاح، ويمنع أي مكوّن لبناني آخر من المسّ بـ “الميثاقية” المزعومة. من هنا يأتي رفضهما القاطع لاقتراع المغتربين، ولأي إصلاح جوهري مثل إنشاء الميغاسنتر، الذي يسمح للناخبين المعارضين بالاقتراع من دون التعرّض لبلطجة أحزاب السلطة.
حق المغترب في الاقتراع ليس تفصيلاً، بل هو واجب وطني. فهؤلاء اللبنانيون هم من أسّسوا سمعة لبنان في العالم، وراكموا رأسماله الرمزي والمالي. وهم الذين أودعوا مدخراتهم في المصارف اللبنانية، التي بدّدتها الطبقة السياسية عينها التي تمنعهم اليوم من المشاركة.
ثلاثية السلاح والفساد وإقصاء المغترب ليست نظرية، بل منظومة متكاملة لحماية نظام الإجرام القائم. وإذا كان السلاح هو البنية الرمزية، فإن الانتخابات والتعيينات هي الاستحقاقات المادية والملموسة التي يجب على اللبنانيين مواجهتها بشراسة بما يوازي عناد قادة المنظومة لجهة خرق الدستور وتدمير الدولة.
ما يغفل عنه البعض هو أن رفض اقتراع المغتربين يعني أيضًا رفضًا للسيادة، لأن السيادة لا تُمارَس فقط في الجغرافيا، بل في قدرة كل مواطن لبناني على التعبير السياسي الحر أينما وجد. أما منع اللبنانيين المنتشرين من الاقتراع فهو امتداد لانقلاب السلاح على الدولة، خارج حدود الوطن.
الوقت اليوم أغلى من أن يُهدر في الشكوى، بل إنه زمن التنفيذ. من حق كل لبناني، داخل الوطن أو خارجه، أن يواجه ثلاثية السلاح والفساد والتعطيل، لا بالصمت أو بالتأقلم، بل بالمواجهة: في صناديق الاقتراع، وفي القضاء، وفي الشارع، وفي الرواية الوطنية. بري ليس قَدر اللبنانيين، والسلاح ليس شريعة، والمغترب ليس ضيفاً على الوطن، بل شريكه في الخلاص.

Share