الياس بجاني/نص وفيديو: حكومة كتيبة المستشارين في قصر بعبدا هي مكملة لهرطقات ولا لبنانية كتائب حزب الله من الأهالي والإعلاميين والعشائر الياس بجاني/11 حزيران / 2025
من حق كل لبناني أن يسأل: ترى، هل الرئيس اللبناني جوزيف عون قد اختار أن يحكم عبر “حكومة كتائب المستشارين” التي شكّلها في قصر بعبدا، بدلاً من الحكومة الدستورية التي يرأسها نواف سلام؟ الرئيس ملأ القصر الرئاسي بمستشارين معظمهم من رجال العهد السابق أو من الدائرة السياسية لحزب الله، وكأن التاريخ يعيد نفسه، في مشهد يذكرنا بزمن الاحتلال السوري، حيث كانت هناك دائماً حكومة واجهة تقف عاجزة أمام سلطة الأمر الواقع التي تُدار من خلف الستار.
والأخطر أن الرئيس جوزيف عون لا يرى حرجاً في تعيين شخصيات مرتبطة عضوياً بحزب الله، مثل الوزير السابق علي حمية، الذي شغل منصب وزير الأشغال العامة في حكومة ميقاتي، والمعروف بقربه من حزب الله، كمستشار لشؤون الإعمار! ترى، هل أصبح الإعمار اليوم أيضاً من اختصاص حزب الله؟ وهل باتت ملفات الدولة الحيوية تُدار بأمر من الثنائي الشيعي عبر كتيبة المستشارين في قصر بعبدا؟
إن من يراجع أسماء غالبية المستشارين الذين عيّنهم الرئيس يجد أن عدداً منهم إما كانوا ولا يزالون من التابعين للرئيس السابق ميشال عون، أو من المحسوبين على محور الممانعة. هذا، وقد باتت كل ممارسات ومواقف الحكم والحكام تبين أن كتيبة المستشارين هي تماماً كما باقي كتائب حزب الله: “الأهالي”، و”الإعلاميون الأبواق”، و”العشائر”.
فهل نحن أمام حكومة ظل جديدة؟
وهل تخلى الرئيس عن موقعه ودوره الدستوري لصالح مستشارين يُملون عليه قراراته؟
وهل أصبحت مؤسسة الرئاسة أداة طيّعة في يد حزب الله، بعدما فشل الأخير في فرض حكومة كاملة التبعية في السراي الحكومي؟
إنه ومنذ تسلمه منصبه، أظهر الرئيس جوزيف عون تناقضاً صارخاً بين مضمون خطاب القسم الذي ألقاه، والواقع السياسي الذي يكرّسه. علماً أنه كان قد وعد اللبنانيين باستعادة السيادة والالتزام بالدستور، لكنه حتى اليوم لم يضع أي جدول زمني لنزع سلاح حزب الله، ولم يطرح أية آلية لتنفيذ القرارات الدولية 1559، 1701، و1680، وكلها قرارات تنص بوضوح على حصرية السلاح بيد الدولة، دون الحاجة إلى حوار مع من يحتكرونه بقوة الأمر الواقع والإرهاب.
أما الحديث عن “الاستراتيجية الدفاعية” أو “الحوار الوطني”، فهو محض تسويف وتذاكٍ لا يخدم سوى تثبيت وضعية حزب الله كقوة فوق الدولة.
نشير هنا إلى أن الدولة لا تتحاور على سيادتها، ولا تفاوض من يحتل أرضها، وبالتالي، من يطرح الحوار مع حزب الله لغير جدولة تسليم سلاحه وتفكيك دويلته وكل مؤسساته الأمنية والعسكرية والثقافية والإعلامية، إنما يكرّس الدويلة ويمنحها صك شرعية، وهذا للأسف ما يبدو أن الرئيس جوزيف عون يمارسه، من خلال تردده، إما عجزاً أو لأنه لا يرغب.
ولعلّ المشهد الذي بات واضحاً للبنانيين اليوم هو أن كتائب حزب الله لم تعد تقتصر على تلك المسماة احتيالاً واستغباءً لعقول وذكاء اللبنانيين “الأهالي”، و”الأبواق الإعلامية”، و”العشائر”، التي يتلطى خلفها عند كل اعتداء وأعمال إجرامية وإرهابية، بل أضيف إليها اليوم كتيبة جديدة هي “كتيبة المستشارين في قصر بعبدا”. نعم، لقد أصبحت الرئاسة في عهد جوزيف عون أشبه بموقع متقدم لحزب الله، يُدار بالمستشارين والمصالح، لا بالدستور ولا بإرادة شعبية.
من المحزن والمؤسف أن جوزيف عون حتى يومنا هذا قد خيّب آمال اللبنانيين، ولم يستطع الحفاظ على أدنى مقومات الاستقلالية، بل تحوّل إلى واجهة لقوى الاحتلال، كما كان من سبقه من رؤساء ما بعد الطائف: إلياس الهراوي، إميل لحود، وميشال عون. وهؤلاء جميعهم جلسوا على الكرسي الرئاسي، لكن القرار كان في مكان آخر، تماماً كما هو اليوم.
في الخلاصة: لا قيامة للبنان، ولا سيادة، ولا استقلال، ولا إعمار، في ظل رؤساء وحكام ومسؤولين إمّا غير قادرين أو غير راغبين في ممارسة صلاحياتهم الدستورية، لأنهم اختاروا الارتهان والتبعية، بدلاً من الشجاعة والمسؤولية.
يبقى أن من لا يمتلك من الحكام الجرأة ليقول “لا” لحزب الله، مطلوب منه أن يستقيل.
*الكاتب ناشط لبناني اغترابي رابط موقع الكاتبالألكتروني https://eliasbejjaninews.com *عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com