الياس بجاني/نص وفيديو: تعيين الرئيس عون الوزير السابق علي حمية مستشاراً رئاسياً، وهو التابع لحزب الله عقيدةً وفكراً وولاءً، خطوة مستنكرة ومريبة تثير كثيراً من الشكوك

112

الياس بجاني/نص وفيديو: تعيين الرئيس عون الوزير السابق علي حمية، مستشاراً رئاسياً وهو التابع لحزب الله عقيدةً وفكراً وولاءً، خطوة مستنكرة ومريبة تثير كثيراً من الشكوك
الياس بجاني/03 حزيران/2025

اضغط هنا لقراءة المقالة باللغة الإنكليزيةClick here to read this piece in English

في خطوة أقل ما يُقال فيها إنها مستغربة، مشينة، ومخيّبة للآمال، أقدم رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون اليوم على تعيين الوزير السابق علي حمية مستشاراً رئاسياً لشؤون الإعمار، ضارباً بعرض الحائط كل الاعتبارات السيادية، السياسية، والدستورية، ومعطياً بذلك مؤشراً خطيراً على توجهات رئاسته ومستشاريه، وعلى فهمه المغلوط — أو المتغافل — لطبيعة الخطر الوجودي الذي يشكّله حزب الله، الحزب الإرهابي التابع كلياً للنظام الإيراني وعقيدة ولاية الفقيه.

من هو علي حمية؟ ببساطة، هو شخصية حزبية ملتزمة عقائدياً وتنظيمياً وفكرياً بثقافة ومنهج حزب الله، أي بثقافة الولاء للخارج، والخضوع الكلّي لمبدأ “ولاية الفقيه”، التي تُسقط من حسابها أي ولاء للوطن أو للدولة اللبنانية. ووفق هذا المفهوم، لا يمكن لأي شيعي ينتمي عقائدياً إلى هذا المحور أن يكون حراً في قراره، أو نزيهاً في مشورته، أو وطنياً في خياراته، لأن بوصلته الوحيدة تبقى متجهة نحو قم وطهران، لا بيروت.

فبأي منطق، وأي عقل، وأي نية إصلاحية، يعيّن رئيس الدولة مستشاراً لشؤون الإعمار من هذا النوع؟ ما هي القيمة المضافة التي يمكن أن يقدمها علي حمية للبنان في هذا الموقع؟ هل سيقدّم مشورة سيادية أو وطنية؟ بالطبع لا. حتى لو أراد، فإن انتماءه الأيديولوجي يقيّده، ويمنعه من النظر إلى المصلحة اللبنانية خارج إطار الأجندة الإيرانية.

أما المفارقة الأكبر، فهي أن المنصب المُسند إليه هو “شؤون الإعمار” — وكأن إعادة الإعمار ممكنة أصلاً في بلد ما زال حزب الله يحتله أمنياً، ويصادر قراره السياسي والعسكري، ويخطف مستقبله الاقتصادي. أية دولة أو جهة مانحة إقليمية أو دولية أو خليجية ستموّل الإعمار في ظل دويلة قائمة فوق الدولة؟ في ظل ميليشيا تابعة للحرس الثوري الإيراني وتنفذ مشروعاً توسعياً مذهبياً يتعارض مع جوهر فكرة الدولة اللبنانية؟

تعيين علي حمية لا يطرح فقط تساؤلات حول نوايا العهد، بل يكشف عن بُعد مقلق في أداء الرئيس جوزيف عون، الذي، ومنذ لحظة تسميته رئيساً للبنان بقرار دولي وإقليمي فُرض رغم أنف الطبقة السياسية الفاسدة ورغم إرادة حزب الله، لم يتوقف عن محاولة استرضاء الحزب ومراعاته، متغاضياً عن جوهر المشكلة اللبنانية: سلاح حزب الله ودويلته.

واليوم، بتعيين حمية، يُرسل عون إشارة واضحة إلى من يهمه الأمر: أنه غير قادر أو غير راغب في فهم طبيعة العقيدة التي تحكم حزب الله، وهي عقيدة لا تُقدّر التنازلات، ولا تعترف بالمبادرات الطيبة، ولا تبادل اللين إلا بالاستغلال. فالحزب لا يقرر بل ينفذ. ومن ينفذ لا يشكر ولا يقدّر، بل يُستخدم ويُستهلك ويستبدل.

التوقيت بدوره يثير الريبة: فالقرار جاء متزامناً مع زيارة وزير خارجية النظام الإيراني عباس عراقجي إلى لبنان، ما يعطي انطباعاً واضحاً بأن هناك ربما توزيع أدوار، أو على الأقل تماهياً مع رغبات محور الممانعة في الداخل اللبناني، في وقت يُفترض أن يكون فيه رئيس الجمهورية هو رأس الحربة في تنفيذ القرارات الدولية الداعية إلى نزع سلاح الميليشيات، لا التحالف معها والتملق لها واسترضائها وتكريسها كمصدر “مشورة” و”خبرة” في قصر بعبدا.

مواقع التواصل الاجتماعي ضجّت اليوم بالتعليقات الغاضبة، والانتقادات اللاذعة، وعبّرت عن خيبة أمل عارمة في الشارع السيادي اللبناني، إذ لم يكن أحد يتوقع أن يبدأ عهد جوزيف عون بهذا النوع من الإشارات الخطيرة والمضللة والمثيرة للشكوك والريبة. فبدلاً من تعيين شخصيات مستقلة ذات كفاءة واختصاص واستقلالية فكرية وسياسية، ذهب الرئيس إلى الخيار الأسوأ، بل الأخطر، وربما الذمي بتكليف شخصية ملتزمة بأجندة مذهبية فوق وطنية، تجعل من لبنان مجرد ساحة اختبار وحروب لمشروع خارجي دموي ومتفجر.

إن ما حصل اليوم ليس خطأً فحسب، بل خطيئة سياسية كاملة الأركان، تُنذر بأن هذا العهد يسير منذ بدايته بمنحى تنازلي سيقود لبنان إلى كوارث، إن لم يُصحح المسار فوراً، ويبتعد عن شهوة استرضاء حزب الله، ويعيد الاعتبار لفكرة الدولة، والسيادة، والقرار الحر، والمؤسسات الدستورية.

ختاماً، كثير من اللبنانيين أصيبوا بالدهشة، وراودتهم الشكوك، وتملكتهم خيبة أمل حقيقية من نوعية المستشارين الذين يختارهم الرئيس جوزيف عون. وإذا كان هذا هو المسار الذي اختاره سوف يستمر على نفس المفاهيم والممارسات، فزخم رئاسته قد انتهى قبل أن يبدأ… إلا إذا استدرك سريعاً، وصحّح المسار قبل أن تبتلعه أفاعي التردد والخوف والذمية والارتهان.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
رابط موقع الكاتب الألكتروني
https://eliasbejjaninews.com
*عنوان الكاتب الألكتروني
phoenicia@hotmail.com

Share