نبيل بو منصف/النهار: دعم بلا مؤونة .. حتى اشعار مجهول/ما يستحيل تعويمه مجددا

33

ما يستحيل تعويمه مجددا !
نبيل بو منصف/النهار/23 نيسان/2025

دعم بلا مؤونة .. حتى اشعار مجهول !
نبيل بو منصف/النهار/25 نيسان/2025
سمع اللبنانيون طوال الأسبوع الحالي عن اجتماعات وفد لبناني رسمي الى واشنطن حيث شارك في اجتماعات الربيع السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، تبعا لتضارب التقارير الأعلامية واتجاهات وسائل الإعلام المحلية وما ومن يوجّهها ، وليس عبر النتائج المحققة الحقيقية بعد حول ثمار ما أنتجته هذه المشاركة . سمع اللبنانيون ويسمعون كل يوم عن مواقف الدول المعنية بالوضع الناشئ في لبنان بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة منذ ما يزيد قليلا عن ثلاثة اشهر ، وهي كلها مواقف خارجية مثقلة بالتعبير الحار عن دعم لبنان وشعبه واللهفة الزائدة على انجاز سريع لإنجاز استكمال سيادة دولته ونزع سلاح “حزب الله” وكل سلاح غير شرعي ، ولكن حتى الساعة لم يشهد اللبنانيون بعد أي مبادرة ناجزة للدعم المادي او المعنوي الذي يمكن وصفه بطليعة ترجمة هذه اللهفة الخارجية .
يصفق اللبنانيون كل يوم للدفع المتواصل المتأتي عن اطلاق اركان الحكم والحكومة الجديدين مواقف تلاقي طموحات الناس ومقتضيات الدولة الجديدة ، ويشاركهم سائر المكونات السياسية المنخرطة في السلطة الجديدة الذين يتزاحمون في يوميات اللبنانيين على إظهار مونتهم وقوة حضورهم السياسي مع أجنداتهم في صحن الحكم الجديد ، وكل ذلك حسن ويطرب الأسماع والأماني والامال ، غير ان التنفيذ الحاسم الدقيق والجدي لكل ما يسمعون لا يرقى بعد الى المستوى الكافي بحدوده الدنيا من الصدقية .
معنى كل ذلك امران على الأقل . الأول ان الانتقال السريع الذي تحقق في لبنان بين عصر الفراغ الرئاسي الطويل الذي ساهم في تفاقم الانهيار الهائل الذي يشهده البلد منذ عام 2019 والذي كانت ذروته الدراماتيكية في “استجلاب” الحرب الإسرائيلية على لبنان لا يزال في مرحلته الأولية البطيئة والشديدة الصعوبة لنقل البلد الى الضفة الأخرى تماما ، خصوصا مع تعثر الإجراءات العسكرية والأمنية والدبلوماسية التي يتعين على الدولة والجيش اللبناني والأجهزة الأمنية المضي فيها لتحقيق جلاء إسرائيل الكامل من الجنوب ونزع سلاح “حزب الله” . والثاني ان تضخيم الوعود والطموحات والالتزامات المقطوعة لدى اركان العهد والحكومة الجديدة اطلق في المقابل موجات ضغوط كبيرة لا واقعية أيضا في وجه الدولة الجديدة بحيث تحملها اكبر مما تحتمل بقدراتها الحقيقية ألقائمة . وليست مسألة نزع سلاح “حزب الله” التي تحتل أولوية أساسية لا تتقدمها أي أولوية أخرى حاليا في الواقع السياسي والإعلامي اليومي سوى ترجمة للمأزق المتعاظم بين ضخامة الوعود ومحدودية القدرة الواقعية على ترجمتها . وهذا المسار المتصل بملف السلاح ينسحب أيضا على انتظارات اللبنانيين للدعم المالي والمساعدات الخارجية وإعادة إعمار المناطق المدمرة والمتضررة جراء الحرب الأخيرة علما انها حرب لم تضع أوزارها النهائية بعد .
والحال ان الفترة الأخيرة التي تقاس بأسابيع قد تكون بدأت بإرساء “تبريد” قسري للحالة المفرطة في استعجال نقل لبنان من ضفة الى ضفة على خلفية حقيقة شديدة الأهمية وهي ان الخارج النافذ راهنا في لبنان والذي لعب الدور الأول والاساسي في انهاء عصر الفراغ ونزع قبضة محور الممانعة عن لبنان ، ليس هو المسؤول عن أي بطء مسارات استكمال ما يتعين على الدولة الجديدة إنجازه ، لكن ذلك لا يسقط حقيقة أخرى هي ان الدعم بلا مؤونة كافية عاجلة سيجعل دولة لبنان مثل حكم احمد الشرع الذي لا يملك منذ تنصيبه مكان بشار الأسد ما يوفر له رواتب اكثر من نصف مليون موظف . واما لماذا الدعم بلا مؤونة والى متى انتظار الإفراج عن الدعم ، فقصة مختلفة تحتاج الصبر الجميل !

ما يستحيل تعويمه مجددا !
نبيل بو منصف/النهار/23 نيسان/2025
كان “يفترض” بعد مرور خمسة اشهر على سريان اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بالصيغة الرسمية المعتمدة علما انه واقعيا وقف نار بين الطرفين المتحاربين إسرائيل و”حزب الله” ، ان تختفي في الادبيات السياسية أي معالم اشتراطات على الدولة اللبنانية في قيادتها لمرحلة الكارثة المتولدة عن الحرب. ونقول الدولة وليس العهد والحكومة الجديدين تحديدا لان الاتفاق اقترن بتوقيع الحكومة السابقة القائمة مقام الدولة في حقبة الفراغ الرئاسي . ولعله يقتضي تصويب البوصلة مجددا من خلال تذكير من يتعين تذكيرهم بان مصطلح “المقاومة” لم يعد يجد له ترددات او ذكر في خطابات الدولة منذ ما بعد وقف النار لفرط ما احدثته صدمة الحرب الإسرائيلية الشرسة على المناطق اللبنانية التي استهدفتها كما على بنية “حزب الله” من دمار وخسائر غير مسبوقة . ومع الحكم والحكومة الجديدين لم يبدأ عهد جديد فحسب بل ترسخت واتسعت معالم خطاب وأدبيات ، بشقيها الرسمي والسياسي ، لم يعد فيها مستغربا ان تنفي من خطاب الدولة في ظل التزاماتها القاطعة الجديدة ، المصطلحات الموروثة من اكثر من عقدين هيمن فيهما ما سمي “محور الممانعة” على السلطة والقرارات الاستراتيجية وارثا الوصاية السورية البائدة .
لذا ترانا امام تساؤلات مشروعة عن عبثية العودة الى سلوكيات الاشتراط وإقحام ادبيات يعرف “حزب الله” تمام المعرفة ان زمن تعويمها صار مستحيلا على الدولة اللبنانية كلا فكيف بالمكونات السياسية الأخرى ، في رحلة الخروج الشاق والمضني من حرب كانت الأشرس على لبنان في تاريخ الحروب مع إسرائيل ولو انها لم تشهد اجتياحا حتى بيروت على غرار اجتياح 1982 . في المعطى الخارجي لا هذه الحرب تشبه سوابقها نظرا الى التفوق التكنولوجي المذهل الذي مكن إسرائيل من تحقيق نتائج كارثية في حربها على الحزب ومناطق انتشاره ووجود بيئته ، ولا تعامل الخارج مع لبنان وخصوصا الولايات المتحدة الأميركية يمكن مقارنته بسوابق الحقبات المماثلة . لا يملك لبنان الدولة اليوم حتى حرية التوقيت في برمجة الاستحقاقات الداهمة الناجمة عن صدمات الحرب الكارثية بما يعني اعتماد ما كان يصح في زمن التهرب والمناورة وتمرير الوقت في السابق لمنع احتكار الدولة السلاح وانهاء أي وجود مسلح غير شرعي في لبنان ولا سيما منه ترسانة “حزب الله”. وفي الداخل السياسي قد يبدو الوضع الناشئ اشد خطورة حيال أي تجاهل لواقع ان الغالبية الساحقة السياسية والشعبية لم تعد تقبل بالرضوخ لأدبيات تحمل اتجاهات تطويع او تدجين موقف الدولة من نزع سلاح “حزب الله” وكل سلاح اخر يشكل خطرا بإعادة الحرب الإسرائيلية بأشرس مما حصلت قبل وقف النار . وبلغة باردة تماما وبعيدا من أي تنمر ، لا بد وان الكثير من اللبنانيين يتساءلون أين حلفاء “المقاومة” السياسيين التقليديين الذين كانوا يتقنون فن التصفيق على الطاير ل”حزب الله” في كل ما يعود اليه سياسة او قتالا او موقفا يوم كان قاطرة حلفاء النظام السوري البائد والنظام الإيراني ؟ اذا كان مصطلح “المقاومة” عنوانا للعصر العريض السابق فان ذلك لا يعني ان العودة الى زج الاشتراطات في طريق الدولة “الحالية” يصلح لتعويم ما صار مستحيلا تعويمه بتأخير التزامات هذه الدولة ، ليس بدافع الخشية والتهويل بالحرب الإسرائيلية بل بواقعية انتقال جذري يشهده لبنان غير قابل للارتداد .

Share