زيارة ترامب والممكن المستحيل الصحافي راي زيتوني/12 نيسان/2025
أعرب الرئيس ترامب هذا الأسبوع عن نيته زيارة المملكة العربية السعودية ودول أخرى في الشرق الأوسط في وقت تتأجّج في هذه الجغرافيا نار التوتر واضعة المنطقة على صفيح ساخن دفع بالولايات المتحدة الى إرسال المزيد من الترسانة الحربية إليها بالتزامن مع تهديد الرئيس ترامب بشنّ هجمات على إيران بالإضافة إلى إطلاق حملة عسكرية ضد الحوثيين في اليمن وتصعيد الهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان.
في السياق نفسه، يتزامن صراع الديناميكيات الإقليمية مع تصاعد حرب ترامب الاقتصادية العالمية على خصومه كما حلفائه في وقت فشلت فيه مساعيه لإحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا.
من الواضح مبدئيا أنّ الحالة الأمنية الآخذة في التدهور في منطقة الشرق الأوسط وضبابيّة المشهد الجيوسياسي لا يوفران ظروفاً مواتية لنجاح دبلوماسي يأمل به الرئيس ترامب، إلّا أنّ تسارع الأحداث قد يبدّل الكثير الى حين وصوله الى المنطقة!
لا شك بأن مشهد الشرق الأوسط قد تبدل منذ عام ٢٠٢١ وبالتالي يواجه ترامب حالياً ظروفاً مختلفة بالكامل قد يكون أهمها الحرب الكبرى بين إسرائيل والأذرع الإيرانية وتراجع التهديد الإيراني من خلال إضعاف محور المقاومة رغم بعض الإختراقات من قبل هذا المحور!
لا يزال من غير المؤكد التوصل إلى مزيد من الإستقرار على خط العلاقات العربية الإسرائيلية وإيران، ولكن من المؤكد أن العديد من القضايا الكبرى العالمية ستؤثر بشكل أكبر على ديناميكيات الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق يبرز السؤال المهم حول ما إذا كانت الجبهة العربية الإسرائيلية ستذهب باتجاه السلام أم ستنزلق إلى الحرب حيث أنّ ترامب يطمح في أن يكون صانع سلام في الشرق الأوسط وحول ما إذا سيكون بمقدوره تحقيق سلام بأقلّ كلفة ممكنة بين زلنسكي وبوتين.
بالطبع سيسمع ترامب في عاصمة المملكة خطابا يشدد على الحاجة إلى رؤية واضحة وهي رؤية يجمع عليها العرب بشكل واسع إلا أنّ هذه الأخيرة لا تلقى استحسانا لدى حكومة نتنياهو، ولم يحصل حولها أيّ انسجام بين إسرائيل وأصدقاء أمريكا العرب في الأشهر التي تلت تولي ترامب منصبه بحيث يسعى الرئيس الأميركي الى تقريب وجهات النظر حول عملية تطبيع سعودي إسرائيلي لا يبدو أن في الأفق ما يدعم حالياً أي استراتيجية واضحة لمنع تصعيد التشنجات.
إنطلاقا مما ذكر يأتي السؤال حول ما إذا ستندلع الحرب أم ستنتصر الدبلوماسية مع إيران بالترامن مع عودة إدارة ترامب إلى تشديد الضغوطات على طهران في ظل وجود بعض التلميحات بين طهران وواشنطن حول إمّا إمكانية التوصل إلى اتفاق أو احتمال تفاقم الأزمة لتشكل صراعاً أوسع خاصة بظل وجود شرخ واسع بين حكومة نتنياهو الحالية وإجماع شركاء أميركا العرب بشأن فلسطين وحلّ الدولتين.أضف إلى ذلك الإنقسام الكبير بين المعسكرين بشأن إيران. ففي حين يسعى معظم شركاء واشنطن في الخليج إلى خفض التصعيد مع طهران تستعدّ الحكومة الإسرائيلية ربما لمزيد من الهجمات ضد أذرع إيران الإقليمية كمقدمة لضرب برنامجها النووي.
بظلّ هذه المعطيات قد لا يخاطر ترامب برحلة إلى الشرق الأوسط هي على درجة من الأهمية من دون وضوح أكبر بشأن يالجبهة العربية الإسرائيلية وإيران. إذن هل سيذهب ترامب الى الخيار الدبلوماسي أم إلى التنسيق مع إسرائيل والذهاب إلى الخيار العسكري؟
من المهم أيضا الأخذ بعين الإعتبار تهديدات الجماعات الإرهابية كتنظيم داعش وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والجماعات التابعة لها وفقا لتوصيات الاستخبارات الأميركية بحيث تم الحديث عن تحركات محتملة لهذه التنظيمات قبيل وتزامنا مع زيارة ترامب الى المنطقة. في سياق مرتبط بالعلاقات الاقتصادية يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي ترامب تطمح بشدة إلى تعزيز الروابط الاقتصادية وروابط الطاقة مع حلفاء مهمين في منطقة الشرق الأوسط مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة اللتين قد تتأثرا سلبا بتوجهات ترامب الاقتصادية وحروبه التجارية مما ينعكس سلبا أيضاً على التوصل إلى اتفاقات في حقول الاقتصاد والتكنولوجيا والطاقة.
من جانب آخر، يجب الأخذ بعين الاعتبار كيفية سير العلاقات بين الثلاثي واشنطن وروسيا والصين والأثر الذي قد تتركه على الشرق الأوسط بحيث نرى الرئيس ترامب في في بداية توليه السلطة يسعى لتحسين العلاقات مع روسيا وتكثيف المنافسة مع الصين إلّا أنّ لهذين البلدين سياساتهما الخاصة في الشرق الأوسط.
في ظل هذا السيناريو المعقد، أمام ترامب فرص مهمة لتعبيد الطريق أمام السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط إنْ على الصعيد العربي الإسرائيلي أو على الصعيد الإيراني رغم احتمال توسع الصراعات القائمة والتهديدات المستمرة من قبل التنظيمات الإرهابية. ولكن على ترامب اتباع تبديد مخاوف شركائه الإقليميين بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني القائم بما في ذلك حرب غزة التي سينتج عنها تهجير وتشريد الملايين واحتمال توسع الصراع مع إيران.
ويبدو أيضاً أنّ أمام ترامب وإدارته فرصة جيدة لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع القوى الإقليمية الرئيسية ولكن يبقى نجاح هذه الفرصة مرتبطاً بسياسات ترامب الاقتصادية العالمية.
بالطبع ستشكل زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط حافزاً من شأنه أن يحرك الجهود السياسية على عدة جبهات بهدف إحراز تقدم وتحقيق نتائج مضمونة للزيارة.