ادمون الشدياق/في ذكرى 13 نيسان تحية من القلب للشهيد الأول جوزف ابوعاصي/ ب 13نيسان ما ماتت الشجاعة فينا ب 13 نيسان نحنا متنا بشجاعة
12 نيسان/2025
وتحية ايضاً إلى الشهداء الذين سقطوا معه في ذاك اليوم المشؤوم وهم: وأنطوان ميشال الحسيني وديب يوسف عساف وإبراهيم حنا أبو خاطر قصة البوسطة وحوادث ١٣ نيسان ال ٧٥.
في ١٣ نيسان ١٩٧٥ عند الساعة الحادية عشر من قبل الظهر كان مقرراً أن يبدأ احتفال تدشين كنيسة سيدة الخلاص للروم الكاثوليك في شارع مار مارون المتفرع من شارع بيار الجميل بحضور الشيخ بيار الجميل. وكانت طلبت قوة للمحافظة على السير فعاونتهم مفرزة السيّار المحلية على ذلك. وفي الوقت ذاته كان الفدائيون الفلسطينيون يحتفلون بمهرجان تأبيني أقيم في مخيم صبرا لشهداء الثورة الفلسطينية اشتركت فيه جميع الفصائل الفلسطينية.
نحو الساعة العاشرة تقريباً وصلت إلى مكان الاحتفال سيارة فولكسفاغن يقودها لبناني يدعى منتصر أحمد ناصر وهو من مقاتلي جبهة التحرير العربية وهي الجناح الفلسطيني من حزب البعث العراقي. كانت لوحتها مكشوفة ومعروفة بأنها تابعة للكفاح المسلح الفلسطيني.
حاول رجال السير منعه من المرور فتجاوزهم فاصطدم بجوزف أبو عاصي مرافق الشيخ بيار الجميل وعدد من الشبان الذين حاولوا أيضاً منعه من إكمال طريقه من أمام موقع الاحتفال فلم يأبه وتابع طريقه مسرعاً فأطلق الرصاص على السيارة. فتوقف ونزل من السيارة بسرعة وسقط على الأرض بعد أن أصيب بجرح في كفه وعلى الفور نقل إلى مستشفى القدس الذي تشرف عليه المقاومة الفلسطينية. وصباح اليوم التالي عندما توجهت دورية الدرك لأخذ إفادته كان اختفى ولم يعثر له على أثر.
بعد ثلثي الساعة تقريباً وصلت سيارة فيات حمراء غطيت لوحتها بأوراق تحمل شعارات فلسطينية وبداخلها أربعة مسلحين فتجاوزت حاجز الدرك الذي أقيم إثر عملية إطلاق النار السابقة وأخذ المسلحون يطلقون الرصاص عشوائياً على الأهالي المتجمعين عند مدخل الكنيسة فسقط قتيلاً كل من جوزف أبو عاصي وأنطوان ميشال الحسيني وديب يوسف عساف وإبراهيم حنا أبو خاطر وأصيب سبعة أشخاص بجروح مختلفة.
رد الأهالي بالرصاص على السيارة وهي تحاول الفرار فقتل فدائي وأصيب اثنان نقلتهما قوى الأمن إلى مستشفى القدس فيما نقل القتلى والجرحى من أهالي عين الرمانة إلى مستشفى الحياة. على صوت الرصاص هبّ شباب عين الرمانة من منازلهم وأسرعوا إلى أسلحتهم وفي اعتقادهم أن هجوماً تتعرض له منطقتهم وراحت الأخبار تنتشر عن تعرض الشيخ بيار الجميل لمحاولة اغتيال وما زاد من حدة الإشاعات أن الشيخ بيار كان غادر المحلة قبل فترة دون أن يشاهده معظم الأهالي فاعتقدوا أن مكروهاً أصابه.
في هذه الأجواء المشحونة والمتوترة جداً وفيما الأهالي مذهولين مما جرى ويحاولون لملمة آثار ما حدث ودماء أحد عشر شاباً تغطي الأرض والشبان المسلحون يقفون على أعصابهم خوفاً من الساعات القادمة. فجأة اقتحمت الشارع «بوسطة» مزدحمة بالمسلحين الفلسطينيين كانوا متوجهين إلى مخيم تل الزعتر وبنادقهم وأعلامهم وثيابهم المرقطة ظاهرة من النوافذ وهم ينشدون الأناشيد الحماسية. فاعتقد الأهالي أن هجوماً مفاجئاً تتعرض له عين الرمانة إستكمالاً لما جرى.
لحظات وانهمر الرصاص على «البوسطة» التي لم ينج من ركابها سوى السائق واثنان من رجال المقاومة. هذا تفصيلياً ما جرى في عين الرمانة قبل ظهر الأحد 13 نيسان 1975 فكيف تكون حادثة البوسطة هي الشرارة التي أدت لاندلاع الحرب اللبنانية فأي مراقب محايد عندما يقرأ تسلسل الأحداث التي جرت يومها في عين الرمانة يدرك حتماً أن شرارة اندلاع الحرب كانت محاولة اغتيال الشيخ بيار الجميل وما تعرض له الأهالي من قبل ركاب سيارتي الفولكس فاغن والفيات الحمراء وأن ما حدث مع ركاب «البوسطة» كان رد فعل من قبل الأهالي المذعورين الذين كانوا لا يزالون يلملمون جراحهم وفجأة رأوا الموكب الفلسطيني فراحوا «يطلقون النار بشكل لا يعبر عن شجاعة بقدر ما يعبر عن ذعر» كما يصف الأستاذ جوزف أبو خليل حالة الأهالي وقتها في كتابه قصة الموارنة في الحرب.