حسين عطايا/جنوبية: معضلة ال 60 يوماً على أعتاب 60 بلدة جنوبية وهذا ما يريده الحزب

47

معضلة» ال 60 يوماً على أعتاب 60 بلدة جنوبية.. وهذا ما يريده الحزب!
حسين عطايا/جنوبية/26 كانون الثاني/2025
مما لا شك فيه، أن معضلة الستين يوماً والتي تنص على انتشار الجيش اللبناني، وانسحاب قوات جيش الاحتلال من المناطق الجنوبية المحتلة، والذي نص عليها اتفاق وقف اطلاق النار، والتي يبدو أنها لم تجد طريقها للتطبيق، وهذا ما تحدثت عنه منذ ايام الحكومة الصهيونية، وتواصلت مع لجنة الاشراف على تنفيذ القرار ١٧٠١ وواشنطن وتقريباً، اصبح قرار التمديد لمدة شهر، قد بدا واضحاً تطبيقه، وفقاً لتبريرات المطبخ السياسي لحكومة العدو الصهيوني، والتي اخذ جيش العدو يوم امس السبت في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني- ينايرالحالي ، في البدء بتنفيذه، من خلال اقفال الطرق المؤدية الى القرى والبلدات الجنوبية بسواتر ترابية، ونشر عدداً من الدبابات والقوات الراجلة.

وقد نشر الناطق بالعربية للجيش الصهيوني افيخاي ادرعي عبر منصة اكس، يحدد فيه القرى والبلدات والتي تجاوز عددها الستين بلدة جنوبية، حذر فيها المواطنين الجنوبيين من التوجه اليها، وهذا ما قد يخلق اشكاليات قد تؤدي الى تأزم الوضع، والذي قد يعطي “حزب الله” بعضاً من مشروعية في نظرياته حول المقاومة، وهو يحمل الدولة اللبنانية مسؤولية التحرير، للمناطق الخاضعة للاحتلال.

لاشك ان تأخير العدو سحب قواته خلال الستين يوماً، يُعتبر خرقاً واضحاً وفاضحاً لاتفاق وقف اطلاق النار، بالاضافة الى مئات عمليات الخرق التي قام بها جيش العدو خلال الستين يوماً، حيث تمادى في عمليات الهدم والتجريف، لمنازل القرى الخاضعة لاحتلاله، كما تجريف بساتين الزيتون والاشجار المثمرة والحرجية، كما أنها سرقت مئات اشجار الزيتون المعمرة، وكلها عمليات خرق متعمدة، وقد تمادى العدو بها تحت اعين الدول الراعية لتنفيذ الاتفاق ولجنتة، في مراقبة تنفيذ الاتفاق والقرار الاممي ١٧.١، وهذا ما يضع الدولة اللبنانية في وضعٍ لا تُحسد عليه.

ولكن في هذا الامر، ليس العدو وحده هو المسؤول عن خرق مندرجات الاتفاق، بل اطرافاً داخلية ايضاً تتحمل المسؤولية، وتُساهم في عدم تنفيذ القرار، وهي بالتالي وكأنها تتعمد عن قصد، تأخير تنفيذ مندرجات اتفاق وقف اطلاق النار، لعل ذلك يُساهم في استعادة بعض النفوذ الذي خسرته، وقد تعتبر ان تأخير التنفيذ، قد يحمل لها بعض التعويض عما خسرته خلال الحرب، ونتيجة توقيعها على قرار وقف اطلاق النار، والذي وفق ما جاء فيه، يُعبر ان اليد الطولى للعدو الصهيوني، وهي اقرت بخسارتها للحرب ووقعت وثيقة استسلامها، من خلال التصاريح والنظريات التي تطلقها بين الحين والاخر، وابرزها ان القرار فقط يشمل جنوبي الليطاني، وهذه الجهة وكأنها بذلك، تُريد استعادة بعض النفوذ في الداخل، تعويضاً عما خسرته واقرت به.

فنص القرار والذي فاوض عليه احد طرفي “الثنائي” الرئيس نبيه بري، والمفوض من قبل “حزب الله” ثم وقع عليه الحزب نفسه بعد الاطلاع عليه وقبل به، ومن ثم وافقت عليه لاحقاً حكومة تصريف الاعمال، لا ينص على جنوبي الليطاني، بل وفي كل تفاصيله استعمل عبارة ” بدءاً من جنوبي الليطاني” وقد خص بالذكر القوى التي يُرخص لها باحتكار حمل السلاح وهي : “الجيش اللبناني والمؤسسات الامنية من قوى امن داخلي وامن عام وامن دولة وشرطة البلديات”.

وبذلك يكون الاتفاق واضح التفاصيل، ولكن “حزب الله” يُريد ان يلتف على تنفيذ القرار، كما فعل بعد حرب تموز – يوليو من العام ٢٠٠٦، وقد يسعى لتناسي اللجنة المكلفة المراقبة، وانه خاصع لانتداب امني امريكي، منذ ان وافق على القبول برئيس اللجنة وهو جنرال امريكي، وبذلك يكون “حزب الله” شريكاً في عدم تنفيذ سريع لمندرجات الاتفاق، لانه لم يقم بانسحاب كامل من منطقة جنوب الليطاني، وتفكيك منشآته وبنيته العسكرية بشكل كامل، من منطقة جنوب الليطاني، وايضا “الثنائي” بالتضامن والشراكة الكاملة، يعيق او يسعى لتأخير مهلة انسحاب جيش العدو واستمرار الاحتلال، من خلال عرقلة تشكيل الحكومة العتيدة سريعاً، عبر الاصرار على احتكار تمثيل الطائفة الشيعية به، والسعي للحصول على وزارة المالية، وهذا ما يعيق بشكل اساسي تأخير تشكيل الحكومة، والتي كان من المقرر ان يجري تشكيلها قبل نفاذ مهلة الستين يوماً، والتي تنتهي اليوم الاحد في السادس والعشرين من شهر كانون الثاني من العام ٢٠٢٥.

وهذا ما يُثبت ان مصالح طرفي “الثنائي”، تُشكل اهمية تتفوق على اهمية انسحاب الاحتلال، مما تبقى من مناطق محتلة في الجنوب اللبناني، وما يُعانيه اهالي الجنوب من تهجير وفقر، وهو ما يؤخر إنطلاقة عملية إعادة الاعمار، تحت اشراف حكومة وطنية فاعلة، لاعادة النهوض في البلاد اقتصادياً وسياسياً، وما تتطلبه المرحلة من إصلاحات يطلبها المجتمع العربي والدولي، لتقديم المساعدات المطلوبة للنهوض الاقتصادي والمالي، على شتى المستويات.

إذن، يبدو ان مصالح العدو تقاطع مع بعض الداخل، في عدم تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار، عن قصد او عن غير قصد، وبالتالي يدفع الجنوب وكل لبنان ثمن مغامرة “حرب الاسناد” والتي لم تقدم اي شيء لقطاع غزة، بل ساهمت في استعادة الاحتلال لمناطق واسعة من الجنوب، وساهمت بتدمير الجنوب والضاحية والبقاع، وجعلت من اهالي تلك المناطق، نازحين في وطنهم يعانون من التهجير وخسارة ارزاقهم وموارد رزقهم، ولا “حزب الله” يُكابر ولا يرد الاعتراف بواقع هزيمته وخسارته للحرب، وما جرى من تطورات في الاقليم، غيرت وجه المنطقة وبدلت كل مجريات السياسة فيه.