لا تنتخبوا الا لل”الدولة” ! نبيل بو منصف/النهار/08 كانون الثاني/2025
في الوقائع الأكثر واقعية ، يمكن تصنيف تلك “الطلة” الدراماتيكية لاحد الرموز الأمنيين الأساسيين في “حزب الله” وفيق صفا قبل أيام من موعد الجلسة الانتخابية الواعدة بنهاية ازمة الفراغ، بانها الخطأ الأشد حماقة في تكتيكات الحزب المترنح تحت اعتى حرب خاسرة تسبب بها لنفسه. لجأ الرجل الأمني ومثله وقبله الأمين العام ونواب الكتلة أيضا، الى ما يسمى “وهم القوة” للرد على ما تراءى لهم بانه استضعاف للسطوة التي عرف بها الحزب الذي كان حديديا. ولكن مكمن السقطة الطارئة، لم يكن حتى في اشهار الفيتو “الطبيعي والصادق” في وجه ترشيح سمير جعجع، بل في استحضار نبرة الحقد والاتهامات النمطية بحق الخصم الأول للحزب وإشاعة نبرة تهديدية لا تكشف حقيقة الا الواقع الأكثر من ضعيف استراتيجيا وواقعيا الذي أضحى عليه الحزب.
من هذه الزاوية تماما سيتعين على كل القوى السياسية والكتل النيابية في الخميس الحاسم الموعود، الرد بمسار لا يجوز بعد الان الا اتباعه بحسم مطلق في وجه ثقافة الترهيب والتهويل القبلية المتخلفة، قبل ان تكون شيئا آخر كمثل التبعية لدول ومحور إقليمي خارجي واشهار الاتهامات الجاهزة بالعمالة بعد كارثة الاغتيالات الإسرائيلية والخرق المذهل في صفوف الحزب. لن يكون ذلك الا من خلال انتخاب “رجل دولة” بمواصفات الحدود الدنيا وإلباسه لباس الإلزام الحاسم لتنفيذ الطائف الحقيقي والقرارات الدولية كافة الآيلة الى نزع كل سلاح خارج سيطرة الشرعية.
وما لم تجرى الجولة الانتخابية الحاسمة بهذا الاتجاه لن يكون موجب لمسرحية هزلية إضافية تشرشح الطبقة السياسية وبرلمان سجل منذ انتخابه الرقم القياسي في الإخفاقات والتورط في اغراق البلاد في مزيد من المآسي والكوارث وعجز عجزا فاضحا عن ردع مقتلة الديموقراطية وتغييب رئاسة الجمهورية بدليل ان فارق اكثر من سنة ونصف سنة يفصل بين اخر جلسة تحمل الرقم 12 للمجلس والجلسة 13 الموعودة غدا في مسار عمره سنتان ونصف السنة من الفراغ.
اشد ما يفترض ان يغيظ اللبنانيين ان يكون “حاميها حراميها”، او ان يكون المسؤول عن الكارثة “الخصم والحكم”. بمعنى ان البرلمان “الموقر” هذا، قد يحمل اكثر مما يحتمل حين يكون قبلة مطالب المجتمع الدولي والرأي العام اللبناني الجارف، في تصويب انقلاب دبر ويظل هاجسه قائما ومخيفا على يد مكونات أساسية فيه حتى اللحظة الأخيرة.
في مجريات الحركة الدائرية التي سبقت جلسة “الإنقاذ” المفترضة، لا نرى صمام أمان كافيا وحاسما لجهة منع المناورات الانقلابية التي تهدف الى تمرير انقلاب جديد قاتل وهذه المرة بشخص “رئيس منتخب” يدين بوصوله لهشاشة الكتل والقوى الأخرى اذا عجزت عن تشكيل أكثرية “كاسحة” في وجه العاملين علنا وضمنا على منع انتخاب رئيس للدولة وليس لمحور ممانعة الدولة. الساعات الفاصلة عن الخميس الموعود لن تحتمل على الأرجح تمادي الرخاوة والاستسهال امام شبح تمدد انقلابي لا يستقيم معه تغرغر بكلمات سر دولية وخارجية منافية لكل الثقافة والمفاهيم السيادية أصلا، ولا تنطلق من أكثرية كاسحة تعيد الاعتبار الى النظام والدولة وحدهما بلا أي شراكة او منازع. والا عبثا الرهان على خميس وراءه خميس وموعد وراءه موعد، فيما العلة الكارثية في قلب ذاك المؤتمن على الجمهورية والمسمى أم المؤسسات!