الكولونيل شربل بركات/كل عام وأنتم بخير … لتكن سنة 2025 سنة البناء، بناء لبنان وجيرانه، بناء القواعد التي تحمي المواطن من الجشع والشر، بناء الدول التي تعيش بسلام وقناعة وبدون تعدي وطمع بالتوسع

154

كل عام وأنتم بخير … لتكن سنة 2025 سنة البناء، بناء لبنان وجيرانه، بناء القواعد التي تحمي المواطن من الجشع والشر، بناء الدول التي تعيش بسلام وقناعة وبدون تعدي وطمع بالتوسع.
الكولونيل شربل بركات/31 كانون الأول/2024

العام الجديد لا بد سيبشر بالخير وعلينا أن نسعى له ونأمل أن يمن الله علينا برحمته وسلامه يغمراننا ويستقران ما أمكن.

يودع لبنان اليوم سنة قاسية مرت علي أبنائه فأذاقتهم الطعم الحقيقي للتجبّر الذي عاشوه في الداخل والذي طفح ففاض خارج الحدود؛ تشاوفا واغترارا جرّا إلى التعدي الغير محسوب والتحرش الغير مدروس بجار مجروح ومهدد في وجوده وبقائه، ولكنه يمتلك آلة دمار ونظام وقاية يعرف بواسطتهما كيف يحمي نفسه من أي اعتداء.

سنة مرت على لبنان سقط خلالها المتشدقون المنظّرون والذين يهددون الناس في أرزاقهم وبيوتهم ليخدموا محتلا مثلهم يعتقد بأن الله سلّطه على الناس ليقودهم إلى حتفهم ويدمّر كل أحلامهم ويبسط نفوذه على هذه المنطقة من العالم.

سنة مرت راينا خلالها عروش تحكّمت بالعباد لنصف قرن تسقط كما أوراق الشجر المصفرة أمام ريح عاتية لم تضطر حتى أن تهز الأغصان فأظهرت افلاسها وفراغها من عناصر القوة لأنها عادت شعبها والجيرة وارتكبت الفظائع بكل ضعيف لتنتفخ من نشوة فارغة.

سنة مرت على لبنان تغيرت خلالها المفاهيم السائدة حتى أن دور الاعلام لم تعد تعرف كيف تتابع الأحداث لسرعة تبدّلها ولا التنبؤ بالاخبار لكثرة تواردها.

سنة مرت فهدمت صروح الارهاب وقصمت ظهر تنظيماته وفككت شبكات سيطرته وفجرت صواريخه ومخازن ذخائره وأسلحته قبل أن يستعملها، فبان ضعفه ووهنه وخارت قواه وسقط المنظرون فيه المهددون الناس بمصيرهم ليصبحوا هم، بعد كل ما قاموا به من مشاريع تصفية واغتيال لمن تجرأ أن يرفع صوته، أهدافا للتدمير وأوهاما تتبخر عند الجد بدون أن تترك حتى أثرا لكل عنترياتها.

سنة مرت لم يبق بعدها من يلقي خطابا ولا من يرفع علما كانا يملآن الساحات عهرا وتهديدا والشاشات حقدا وعنجهية وكل وسيلة تواصل تنظيرا وتحليلا عن قدراتهم الفائقة وخططهم الجهنمية.

ولكن المواطن الطبيعي، والذي استعمل للتصفيق وأغتر بالسخاء المفرط الذي هدم الدولة والكيان وأفلس المؤسسات، ذهل بما جرى وضاع بين الردم والغبار يفتش عن جنى العمر الحقيقي فلا يجد إلا أكواما من بقايا ما كان يفخر فيه والذي أصبح وهما لن ينفع البكاء عليه.

سنة مرت بين خطابات التهويل وانهاء اسرائيل التي تقف على رجل ونصف بسبع دقائق وبين التهديد باعادة الشعب اليهودي إلى البلاد التي قدموا منها و”بالوعد الصادق” بالصلاة في بيت المقدس، وبين قطع دابر اوصال الحزب الإيراني وهدم بنيانه وتهجير الحرس الثوري نفسه من بلاد الشام قاطبة خلال سبعة ايام بدون اطلاق رصاص وبدون تدخل اسرائيلي مباشر إلا لاكمال تنظيف سوريا من كل أدران الحقد ومخازن الاسلحة التي لم تنفع.

سنة مرت صحيح ومجلس النواب الذي أغلقه الرئيس بري، بكل عنجهية وبأوامر “الممانعة” المتمسكة برفض انتخاب رئيس للجمهورية ولو شكلي ومنذ أكثر من سنتين وللمرة الثالثة، سيفتح بابه بدون وصاية سورية ولا إيرانية وسيقرر بدون قيود مستقبل لبنان الديمقراطي وتحت عيون العالم كله. فهل نضج الفكر السياسي خلال هذه الأحداث؟ وهل سيتحمل النواب مسؤولية قرار تاريخي لتغيير وجه البلد والانتهاء مرة واحدة من كل تأثير للعنف والتخريب والتجبر والترهيب؟

سنة مرت بكل مساوئها وبكل أحزانها بتهجير الأهل من بيوتهم وبإذلال الناس بدون سبب وبالشقاء الذي نتج عن انعدام الرؤية وتفشي الحقد الأعمى ورعونة المدعين القيادة وتجابن المعارضين لهم. سنة مرت مع كل مآسيها وسلبياتها فهل تكون السنة القادمة واعدة من حيث عودة السيادة والحلم ببناء الدولة وتنظيف لبنان من أدران الحقد والحاقدين ونظريات التهجم والتدمير؟ وهل ستنفتح عيون الناس على حقيقة وأهمية التعاون لمنع الحروب والبدء بالبناء، بناء المواطن الصالح، الذي يعرف أن يقبل بالآخر ويتعاون معه، والذي يعرف أن يبني أكثر من أن يهدم، ويعرف أن يخطط للسلم لا للحرب، للازدهار بدل الدمار؟

لتكن سنة 2025 سنة البناء، بناء لبنان وجيرانه، بناء القواعد التي تحمي المواطن من الجشع والشر، بناء الدول التي تعيش بسلام وقناعة وبدون تعدي وطمع بالتوسع. سنة السلام الذي يحلم فيه كل مواطن في هذا الشرق الأوسط الكبير والذي يكفيه عنفا وحروب وآن له أن يرتاح ليبني الانسان…

فهل انتهى مسلسل الحقد بانسحاب الحرس الثوري ونظام الأسد من لبنان وسوريا أم أننا لا نزال ننتظر المزيد من الأحداث والمطامع مع لاعبين جدد أو في مناطق أخرى؟

العام الجديد لا بد سيبشر بالخير وعلينا أن نسعى له ونأمل أن يمن الله علينا برحمته وسلامه يغمراننا ويستقران ما أمكن.

وكل عام وأنتم بخير…

**اضغط هنا لدخول صفحة الكولونيل شربل بركات على موقعنا المنشورة عليها كل مقالاته وكتبه وتحليلاته