العميد الركن المتقاعد يعرب صخر/كيف كانت إيران قبل إسرائيل، السبب في تهاوي حزب الله

42

كيف كانت إيران قبل إسرائيل، السبب في تهاوي حزب الله.
العميد الركن المتقاعد يعرب صخر/موقع أكس/24 تشرين الأول/2024

التقييدات والمحددات الإيرانية لحزب الله وجعله يتحرك وفقا” لها، وانصياعه التام دون مناقشتها التزاما” وتسليما” عقيديا” أعمى، وتجريد نفسه من هامش الحركة وحرية المناورة والتقرير وفق متطلبات ومتقلبات الأمور، وترك القرار لأمه إيران، يسير بما تحدد له ويمتنع وفق نواهيها، ظنا” لا بل يقينا” راسخا” منه أنها لا تخطيء، كونها من أولدته وأنشأته ورعته، وهو موصول بوشائجها ومرتبط بها كحبل السرة… كل ذلك وغيره قد عطل بوصلته وجعله يدور حول نفسه، وقد قصم ذلك ظهره وقضى عليه قبل أن تقضي عليه إسرائيل.

ثلاث تقييدات سببت لحزب الله أخطاء” إستراتيجية قاتلة، بنت عليها إسرائيل إنجازات إستراتيجية أكسبتها عناصر المبادرة والمبادأة والفرصة المثلى لتسديد الضربة القاصمة بدءا” بخلخلة حزبللا كمرحلة أولى، تمهيدا” لشل حركته وإنهاكه في مرحلة ثانية، قبل إنزاله في مرحلة ثالثة بالضربة القاضية:

١- عدم انخراطه كما سائر الأذرع الإيرانية مع حماس في ٧ أوكتوبر تنفيذا” لأمر ايران، وقد كانت فرصة ذهبية توفرت فيها عناصر السرية والمباغتة والزمان والمكان المناسبين؛ وفي ذلك تنكر واضح لمبدأ وحدة الساحات الذي أطلقه الممانعون، وعندما دقت ساعة الإختبار صمتوا جميعا” وتركوا حماس وحيدة تتلقى الإنتقام الإسرائيلي. بهذه اللحظات بدأت إسرائيل بعدما استعادت المبادرة تخطط لما بعد حماس، لأن عقيدة التفوق تزعزعت وعقدة الوجود اهتزت، ولاستعادة وترسيخ أمنها للعقود القادمة، لا يمكن لها تحقيق ذلك إلا بالقضاء على أقوى مهدد لها بعد حماس وهو ‎حزب_إيران_في_لبنان، وهو لا يدري ان الدور آت عليه.

٢- فتح جبهة المشاغلة تعويضا” عن عدم الانخراط المباشر؛ كرفع عتب وذر الرماد في العيون أنهم يساندون حماس؛ فما نفعت غزة ولا أضرت بإسرائيل، كونها اقتصرت على الرميات القصيرة غير المؤثرة في شمال إسرائيل الخالية من المستوطنين.. وبظن هذا الحزب أن حرب غزة ستكون كسابقاتها ٢٠٠٨ و ٢٠١٢ و٢٠١٤ و٢٠٢١ بضعة أسابيع وتنتهي إلى تسوية تكون فيها إيران مقررا” رئيسيا”.
كان يمكن لهذه الجبهة لو كانت جدية واستخدمت وسائلها بوجهها الصحيح أن تؤذي إسرائيل وتجعلها تعيد حساباتها وتقبل بمخرجات تسووية تفيد غزة وتوقف النار.. لكن هذا الحزب ظل واقفا” بين الحرب واللاحرب بتوصية أمه إيران… وسيندم بعدها كثيرا” كثيرا”.
وخلال أسبوع احتشدت الأساطيل الحربية الأميركية والغربية في المنطقة، لأن ‎امن_اسرائيل بات في خطر شديد.. وسيندم كل محور الممانعة على ضياع الفرصة في فترة أسبوع ما قبل قدوم هذا الحشد، حيث ما بعده سيغير كل ما قبله.

٣- ربط لبنان بغزة والثبات والمعاندة والمكابرة على هذه الفكرة، رغم أن الأمور هناك بدأت تميل بتسارع شديد لصالح إسرائيل على كل المستويات الميدانية والمعنوية والتفاوضية، والشعب الإسرائيلي خلف حكومته وكل مقدرات إسرائيل خلف العسكر.

حذرت أميركا بواسطة ‎هوكشتاين أن إسرائيل سوف توجه وجهها نحو لبنان بعد فراغها من غزة لضرب حزبللا، فلم يأخذوا التحذير بجدية؛ ولقطع الطريق على إسرائيل، قدمت اميركا عرضا” لحزبللا وإيران بفصل ملف لبنان عن غزة وانسحاب ١٠ كلم خلف الحد اللبناني الفاصل مع إسرائيل، في تنفيذ جزئي للقرار الدولي ١٧٠١، دون الخوض في القرار ١٥٥٩ القاضي بنزع سلاح الميليشيات… ولم يأخذوا بهذا العرض ورفضوه وظنوا أنفسهم في موقع القوة، وأن إيران قوية و إسرائيل ضعيفة..

.. وسيندمون كثيرا” لأن الحديث بعدها سيكون في تنفيذ كل القرارات الدولية بكامل مندرجاتها، وحزبللا خط الدفاع الأول عن إيران بدأ يتصدع.
في كل ذلك وغيره، أخطاء استراتيجية ترتب عليها انهيارات إستراتيجية.

الإمكانيات مهما كانت كبيرة وقوية، إن لم تقترن بالإستخدامات في حجمها ومكانها وزمانها الصحيح، سوف ترتد وبالا” على صاحبها.
حكومة إسرائيلية متطرفة قبل ٧ اوكتوبر كانت متهالكة ومنقسمة، أتت ٧ أوكتوبر لتحصنها وتقويها وتستغل امكانياتها في أقصى استخداماتها؛ ومن وقفوا خلف الطوفان تخاذلوا وجبنوا وتبين أن فلسطين عندهم مطية وليست قضية وهمهم فقط السير بأوامر ونواهي أمهم إيران التي لا تعرف غير البيع والشراء، وعندما تخسر تجارتها تبيعهم هم… وتغرقهم هم بذاك الطوفان. ما يفعله الآن حزبللا بعد انتكاسته الكبرى، كان عليه فعله قبل أن ينتكس، وكان بإمكانه تثبيت بعض وجوده. لكنه الآن بسبب غطرسته ومكابرته وانقياده التام لتوجيهات من صنعه وأسسه، وظنه أنه ملك اللعبة، تبين له أنه بيدق ‘يضحى به على رقعة الشطرنج….