*”لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها، بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يُهلك النفس والجسد كليهما في جهنم” (متى10/28) * “ليس لأحد حب أعظم من هذا: أن يبذل نفسه في سبيل أحبائه”. (يوحنا15/13)
القادة العمالقة تكون وجهتم دائماً كالنسور إلى أعلى حيث الكرامة والغزة والإستبسال والعطاء والفداء والرجولة.
أما القادة الأقزام فوجهتم دائماً إلى أسفل حيث المذلة والمهانة والرُخص في كل شيء . الله يرحم نفس البشير النسر.
في 14 أيلول 1982، تعرض لبنان لزلزال سياسي ووطني هو اغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل الذي لم يكن مجرد اعتداء على شخص؛ بل اعتداءً على روح لبنان ذاتها، وضربةً مؤلمة هدفها الشيطاني تدمير حلم البشير ببناء وطن حر وسيادي ومستقل وذو سيادة.
كان البشير أكثر من مجرد قائد سياسي؛ بل رمزاً للأمل والرجاء، ومجسداً لخلاص لبنان من جحيم الحروب التي تطاوله، وحاملاً للواء الإيمان الراسخ في تحرير البلد من انياب أبالسة التدخلات الأجنبية وطروادية أعداء الداخل.
لم يكن البشير مجرد زعيم وقائد لفريق سياسي وعسكري؛ بل حاملًا لمشروع وطني يعيد للبنان سيادته واستقلاله وكرامته وووضع زمام القرار والمصير في يد شعبه. في خضم الفوضى التي اجتاحت لبنان نتيجة المخططات الإقليمية والدولية، كان الباش حصناً منيعاً بوجه التدخلات الخارجية والخيانات والأطماع الداخلية. وكقائد للقوات اللبنانية، عمل على بناء قوة عسكرية هدفها الأسمى هو حماية وحدة لبنان واسترداد استقلاله المسروق.
مع انتخابه في 23 آب عام 1982، عاد الأمل إلى قلوب وضمائر اللبنانيين الذين أنهكتهم حروب الأغراب منذ عام 1975.
بالنسبة للكثيرين، كان انتخاب االبشير بمثابة طوق نجاة؛ وفرصة سماوية وإيمانية لإعادة بناء الوطن ومنع انهياره وتفككه.
كان انتخابه ينبئ بعصر جديد من الأمن والسيادة والوحدة، وهو ما شكل تهديداً مباشراً للدول والجهات الخارجية ولبعض طرواديي الداخل التي كانت تستفيد من تفكك لبنان وانقسام اللبنانيين.
في إحدى أحلك لحظات لبنان، قُتل بشير الجميل في عملية تفجير استهدفت مقر حزب الكتائب في الأشرفية، وذلك قبل أيام قليلة من تسلمه سلطة رئاسة الجمهورية. لم يكن مجرد اغتيال لشخص؛ بل اغتيالًا لحلم بناء لبنان الحر والمستقل.
لم يكن هدف الجريمة القضاء على الباش فحسب؛ بل ضرب حلم المشروع الوطني الذي كان يحمله.
لقد أرسل القتلة رسالة وحشية مفادها أن لبنان سيظل ساحة للصراعات الخارجية، وأن أي محاولة لاستعادة زمام الأمور إلى أيدي اللبنانيين ستُقابل بالعنف والتدمير.
لقد كانت الجريمة عمل إجرامي عن سابق تصور وتصميم من قِبل قوى تكره لبنان واللبنانيين، وهي استغلت واستفادت من حالة عدم الاستقرار في وطن الأرز والقداسة، ورأت في مشروع الجميل لبناء دولة قوية تهديدًا لنفوذها ولمخططاتها الهدامة.
اغتياله كان طعنة في قلب كل لبناني يحلم بمستقبل خالٍ من الهيمنة الأجنبية والانقسامات الداخلية.
أدى اغتيال البشير إلى زعزعة المشهد السياسي اللبناني بشكل عميق، وزاد من الانقسامات الداخلية في البلاد التي ما زالت على حالها في ظل احتلال حزب الله الإرهابي والملالوي عدو لبنان وكل اللبنانيين الأحرار والشرفاء.
كانت هذه الجريمة ضربة قاصمة لمفهوم الدولة الموحدة والسيادية، ولم يكن اغتيال البشير مجرد إنهاء لحياته؛ بل بداية لانهيار البنية السياسية في لبنان، مما أدى إلى تفاقم الفوضى والصراعات التي ما زالت مستمرة.
حتى اليوم، لا تزال تداعيات هذا الاغتيال تؤثر في لبنان لأن البشير لم يكن مجرد سياسي وقائد عابر؛ بل قوة وطنية وإيمانية موحدة، ومجسداً لمشروع وطني يسعى لاستعادة سيادة لبنان.
إن اغتياله يذكرنا بأن معركة لبنان واللبنانيين من أجل الاستقلال ليست مجرد صراع داخلي، بل معركة مستمرة ضد القوى الخارجية الساعية لتقسيمه واستغلاله وتشريد شعبه واقتلاع هويته وتزوير تاريخه.
إ اغتيال بشير الجميل يقدم درساً محفزاً لكل اللبنانيين غايته مواجهة قوى الفوضى والانقسام بحزم وعدم الاستسلام لمخططاتها الشيطانية.
إن مستقبل لبنان لا يمكن تأمينه إلا من خلال وحدة شعبه والتزامه بسيادة دولته، ولهذا فإن قوى الشر لا تهدأ ولا تستسلم، ولكن إرادة الشعب اللبناني هي دائماً الأقوى.
لم يكن اغتيال بشير الجميل نهاية النضال في لبنان؛ بل بداية لتحديات جديدة من أجل تحقيق استقلال حقيقي، وحماية دولة حرة وعادلة ذات سيادة، وسلام، وتعايش ورسالة
في الخلاصة، فإن اغتيال بشير ليس حدثاً عابراً في تاريخ لبنان؛ بل جرح عميق في نسيج الأمة اللبنانية، لأن اغتياله كان اعتداءً مباشراً على حلم مشروع وطني يهدف إلى تحقيق سيادة لبنان واستقراره.
**الكاتب ناشط لبناني اغترابي عنوان الكاتب الألكتروني [email protected] رابط موقع الكاتب الألكتروني http://www.eliasbejjaninews.com