نبيل بومنصف/قيامة عدالة أم فائض انتحار؟…لا عدالة حقيقية تقبل بأكباش المحارق، ولا يفترض ان يكون رياض سلامة كبش محرقة ولكن الأخطر من ذلك مقتلة عدالة ومسرحية جديدة فاحذروا فائض الانتحار
قيامة عدالة أم فائض انتحار؟! لا عدالة حقيقية تقبل بأكباش المحارق ، ولا يفترض ان يكون رياض سلامة كبش محرقة ، ولكن الأخطر من ذلك مقتلة عدالة ومسرحية جديدة… فاحذروا فائض الانتحار !
نبيل بومنصف/النهار/06 أيلول/2024
بمنتهى البساطة والتعقيد في آن واحد : كان يمكن لخبر توقيف رياض سلامة ان يكون خبرا بديهيا طبيعيا منتظرا ، منزوعا من الطابع المفاجئ اطلاقا ، لو كنا في بلد سوي طبيعي تسوسه دولة تحترم قوانينها وسلطاتها وناسها والاهم تحترم نفسها وإلزامية مسؤوليتها عن تنفيذ المحاسبة العادلة … كان يمكن ذلك لولا أننا في الدولة المتصدرة رأس قوائم الدول الفاشلة التي تسبب بانهيارها الفساد المتوحش المتفشي على أوسع الأطر التي عرفها بلد في العالم ، وفي مرتبة مساوية للاحتلالات والوصايات والعمالة السياسية والخيانة الوطنية والسيادية بكل المعايير.
اما وقد عصفت ريح غامضة مجهولة “حميدة” أيا تكن دوافعها وايا يكن محركها الحقيقي او المختبئ وراء المسرح اذا صحت هذه الفرضية ، فلن نسلم سوى باعتبار ما قام به القاضي اللبناني مدعي عام التمييز جمال الحجار خطوة أدخلته التاريخ ولن يتعين على القضاء اللبناني باقل منها في المضي قدما ، بلا هوادة وبلا مهادنة ، وبلا سقطات تاريخيّة جديدة تضعه في موقع اللعنة التاريخية ان هو كبا اوتراجع اوقبل التواطؤ وخنع للضغوط والمداخلات الفاسدة لطبقة سياسية يفترض انها الان ترتجف خيفة من انفجار فضائحيات لم يعرف بحجم فسادها العالم .
والحال ان خشيتنا الكبرى تتعاظم من تضخيم الامال في ان يكون هذا الخرق العظيم لواقع سياسي وأمني وحربي غير مسبوق في مأزوميته حقيقة دامغة على طريق اطلاق اكبر عملية قضائية عرفها لبنان منذ عقود وسط يأس متراكم كثيف زادته اعتمالا وعمقا اكبر فضائح العدالة ، اذا صح التعبير ، في ضرب عملية كشف الحقائق العائدة لانفجار مرفأ بيروت بفعل الانقضاض السياسي الفاسد المتوحش على المحقق العدلي في هذه الكارثة طارق البيطار ومحاصرته ومحاولة الاجهاز عليه بكل السبل . اذن هما الكارثتان الأضخم وطأة في تاريخ لبنان ، بعد الحروب الساحقة التي اجتاحته طبعا ، تثيرهما معنويا وقضائيا ووجدانيا والاهم الأهم أخلاقيا ، هذه العملية البادئة مع قرار جريء لا يمكن الا التسليم بتاريخيته ، لقاض فاجأ لبنان والخارج بما لم يفعله من سبقوه ومن واكبوه وكل من تواطأ على منع العدالة من ان تأخذ مجراها ، ليس في ملف الحاكم السابق لمصرف لبنان فحسب ، بل في كارثة الانهيار كلها التي لم يعرف بلد في العالم مثيلا لحجم فاجعتها كنموذج للفساد الحاكم .
ولذا ، في ظل المعايير والظروف التي وضعت هذا التطور في عين العاصفة بل في صدارة الأنواء اللبنانية واستنادا الى ما انكشف ولم ينكشف بعد في اكبر انفجار فضائحي تسبب بإفقار النسبة الساحقة من اللبنانيين المقيمين والمنتشرين في العالم جراء الانهيار المالي والمصرفي والاقتصادي البادئ منذ العام 2019 “رسميا وتاريخيا” ، سيتعين على القضاء اللبناني برمته ، كسلطة مستقلة تعد عالميا ملح الدول التي يحكمها القانون والأخلاق والإصلاح والتطور والنظافة والمحاسبة باقصى المعايير الممكنة ، سيتعين عليه إدارك ان السقوط المحتمل المتجدد بعد هذا الاختراق النوعي النظامي الأخلاقي الباعث على فتح قناة أمل بالقضاء واستقلاليته بعدما مات ذاك الأمل ودفن ، سيكون نهاية النهايات المفجعة للقضاء اللبناني لأنه سيعني للناس الانتصار الساحق القاتل للطبقة السياسية الأشد فسادا التي تسببت بالانهيار ومنعت كل عدالة في لبنان من احقاق الحق . لا عدالة حقيقية تقبل بأكباش المحارق ، ولا يفترض ان يكون رياض سلامة كبش محرقة ، ولكن الأخطر من ذلك مقتلة عدالة ومسرحية جديدة… فاحذروا فائض الانتحار !