بين خطاب عرفات في الامم المتحدة الذي كتبه محمود درويش وخطاب جعجع امس اوجه شبه. مروان الأمين/فايسبوك/02 أيلول/2024
خاطب عرفات المجتمع الدولي ومن خلفه اسرائيل بجملة شكلت الانطلاقة لمسار التسوية “لقد جئتكم حاملاً غصن الزيتون بيد وبندقية الثائر في اليد الأخرى. فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي”
كذلك جعجع خاطب حزب الله عارضاً الوصول الى كلمة سواء في كنف الدولة الحامية للشيعة ولجميع اللبنانيين، وان كنتم لا تريدون ذلك وتهددون بالعدد وقوة السلاح، راجعوا حساباتكم وتاريخنا فنحن نملك الارادة والرجال الرجال.
هذا في الشكل والمضمون، اما المفارقة تكمن في المعطيات، فخطاب عرفات حصل بعد ان اكتملت تقريباً المعطيات لانطلاق مسار التسوية بين منظمة التحرير واسرائيل الذي اوصل الى اتفاق اوسلو.
اما لجهة جعجع، مُخطئ من يلتمس معطيات تقوده الى الاعتقاد بأن حزب الله يمكن ان يقبل بأقل من الهيمنة والسيطرة المطلقة، وقد اعتمد منذ تأسيسه سياسة القضم للوصول الى ما وصل عليه اليوم من نفوذ وهيمنة ليس كي يأتي الآن ليتنازل عن “انجازه” لصالح الدولة والمؤسسات التي تناقض عقيدته وسبب وجوده كتنظيم مؤدلج ومسلح لا يؤمن بحدود الدول ويعتبرها مصطنعة من قبل الاستعمار الغربي عدو الدين، وواجبه الديني والايماني يفرض عليه اسقاط حدود الدول ونشر عقيدة ولي الفقيه وتوسيع نفوذه في المنطقة والعالم. اما البناء على ما اعلنه علي فياض في المؤتمر الكاثوليكي والمقال الذي نشره حسن فضل الله في “النهار” واعتبارهما مبادرة يجب تلقفها من قبل الحزب لفتح باب للحوار يقود الى قيام الدولة وتبديد الهواجس فهو اعتقاد خاطئ. ان طرحهما يهدف في الشكل الى خلق نقاش فكري وسياسي تلهوا به النخب السياسية والثقافية في البلد (احد اشكال التسويق وتحسين صورة هذا التنظيم الذي هو عسكري اولاً واخيراً)، وفي المضمون من أجل شرعنة سلاح هذا التنظيم ودسترته وبالتالي تصبح هيمنة الحزب شرعية ودستورية (استنساخ لتشريع الحشد الشعبي في العراق، وربما اكثر من ذلك).
قد تكون مبادرة جعجع على طريقة “انا عليي اعمل الدوڤوار يلي لازم اعملو والباقي عند الطرف الآخر”، لكن هذا الطرف في وادٍ آخر بعيد جداً عن فكرة التسوية لصالح الدولة ومؤسساتها ودستورها، انها تناقض وجوده، قيام اي منهما لا يكون الا على انقاض الآخر.