رابط فيدو تعليق ونص مقالة للكاتب والصحافي نبيل بومنصف من موقع النهارعنوانه: فوق الأرض وتحت الأرض ..انهيار بانهيار…تعالوا نتسامر… فوق “الأنفاق”!
ما حصل في الأيام الأخيرة من انهيار متجدد في واقع الكهرباء لا يوازيه سوى انكشاف الدولة أيضاً في فيديو الأنفاق الذي نشره حزب الله.. أي دولة وأين هي دولة لبنان فوق الأرض وتحت الأرض؟
تعالوا نتسامر… فوق “الأنفاق”! نبيل بومنصف/النهار/19 آب/2024
لم يكن امرا سيئا ابدا ان تتساجل رئاسة الحكومة مع “القوات اللبنانية” على خلفية اتهام احدى ابرز القوى المعارضة للحكومة ب”الخيانة العظمى” في ملف الحرب التي يديرها “حزب الله” في الجنوب ، اذ ان من المعالم المندثرة للديموقراطية الحقيقية في لبنان تفلت “الحزب” الكامل في قرارت الحرب والسلم والهيمنة على السلطة فيما لا يبقى من معالم إحياء “حياة سياسية”سوى السجالات . مع ذلك تشاء المفارقات ان يبرز تطوران متلاحقان من دون ترابط عقب جولة التساجل الخاطفة بين السرايا ومعراب ، من شأنهما ان يأخذا أي سجال آخر محتمل في ملفات البلد وأزماته والكوارث المتدحرجة فيه الى مكان آخر بما يثير القلق المتعاظم ليس فقط من خطر حرب شاملة ساحقة بل أيضا من معالم تفكك داخلي اشد خطورة على وحدته ونظامه و”دولته” ومستقبله .
نعني بذلك نموذجان برزا معا هما أولا انكشاف متجدد غير مفاجئ اطلاقا للدولة والسلطة المنهارة في كارثة الكهرباء والعتمة الشاملة التي عمت البلد في عز آب بما يعيد “تعويم” ملف هذه الكارثة التي تعد البوابة الكبرى الأساسية لاكبر مديونية خيالية في العالم بكل ما تختزنه من فساد وعجز وهدر قياسيين .
وثانيا انكشاف مفاجئ في الشكل وليس في المضمون والمحتوى لواقع “غربة” المسماة دولة لبنانية عن واقع بحجم “أنفاق” ودويلة عسكرية حربية تحت الأرض او في باطن الجبال كذاك الذي قدمه “حزب الله” عن منشأة “عماد 4 ” . ولعله من الخطأ الجسيم جدا الظن ان لا رابط بين الانكشافين ولو لم يكن هناك أي رابط مباشر بين عجز عن تأمين الفيول ومباغتة الرأي العام بفيديو “عماد 4 ” الذي لا ندري ما اذا كان رقمه المتسلسل يشير الى وجود منشآت كثيرة مماثلة ما قبل وما بعد الرقم 4 . فالمقصود هنا ان النقاش او السجال او الصراع داخلي حول اشد الملفات والوقائع خطورة على لبنان ، وتكرارا نقول وبإصرار على وحدته ونظامه “ودولته” ، هذا النقاش أسقطت أسانيده تماما منذ سنتين بقصد عمدي متعمد حين افتعل الفريق “الممانع” الفراغ الرئاسي إفساحا امام كاسحات الغامه لإلغاء الموقف الاخر والحضور الاخر والشطر الاخر في الدولة والسلطة .
ان ما يظهر في تجليات التفرد بالسلم والحرب ، بما فيها استعراض كشف النفق الموجه الى الداخل كما الى العدو ، كما ما يظهر في انهيار بقايا سلطة متهالكة لم يعد احد قادرا على مدها بمصل الاستمرار لفرط استهلاكها وتوظيف شرعيتها والتخفي وراء “غطاءاتها” ، هذه التجليات تنذر بان الانقسام الذي عرفه لبنان عام 1975 واودى به بجريرة القضية الفلسطينية قد لا يقاس امام فداحة الاعتمالات الوطنية والطائفية والاجتماعية والاقتصادية التي تتعاظم أخطارها تباعا كلما طال التعنت والمكابرة والتسلط من فئات ادمنت التفرد الى حدود الغطرسة القاتلة .
والحال ان ملف الكهرباء المزمن يشبه “شقيقه” ملف “الدويلة” التي أكلت الدولة والذي يمثله تماما فيديو النفق المنشأ تحت الأرض او في بطن جبل ، فكلاهما ترعرع تحت فيء التسليم باندثار الدولة وبغطاء “الشرعيات المتعاقبة” وانعدام القدرة على المحاسبة والإصلاح من جهة والاستسلام للأمر الواقع “الممانع” منذ اكتساح 7 أيار الدموي بيروت الغربية من جهة أخرى . الان يمكن قراءة ذاك التاريخ بعين مفتوحة أخرى لمعرفة ماذا كان وراء اغراق لبنان في كل شيء : فساد يأكل الدولة وتسلط يفرغها من كل وجودها.. فهل يكفي التساجل “والتسامر”وما نفعه ؟