سوسن مهنا/انديبندت عربية: اغتيال هنية وشكر هل الأمر اختراقات عابرة أم للموساد فروع في إيران ولبنان؟ … عمليات نوعية تصيب حماس وحزب الله من بيروت إلى طهران

124

اغتيال هنية وشكر: اختراقات عابرة أم لـ “الموساد” فروع في إيران ولبنان؟ … عمليات نوعية تصيب “حماس” و”حزب الله” من بيروت إلى طهران

تستخدم إسرائيل الاغتيالات كوسيلة لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية (غيتي)

ملخص
وصف ما حدث في الساعات القليلة الماضية بأنه زلزال عسكري سياسي استخباراتي لفّ المنطقة من بيروت إلى طهران بعد الاغتيالين اللذين طاولا الرجل الثاني في “حزب الله” فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية معقل “الحزب”، ورئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية داخل غرفة نومه حيث يقيم في مقر خاص لقدامى المحاربين شمال طهران.

من الممكن وصف ما حدث في الساعات القليلة الماضية بأنه زلزال عسكري سياسي استخباراتي لفّ المنطقة من بيروت إلى طهران بعد الاغتيالين اللذين طاولا مساء أمس الثلاثاء، الرجل الثاني في “حزب الله” فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية معقل “الحزب”، وفجر اليوم رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، داخل غرفة نومه، حيث يقيم في مقر خاص لقدامى المحاربين، شمال طهران، خلال وجوده هناك للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.

وكشفت تقارير عن أن الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” زياد النخالة كان يقيم في طابق ثانٍ في المبنى نفسه الذي كان يقيم فيه هنية، لكنه لم يصب بعملية الاغتيال.

 

اعتراف إسرائيلي
لم تكد تمرّ دقائق قليلة على عملية اغتيال شكر، حتى نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري بياناً عبر منصة “إكس” كشف فيه عن أنه “من خلال عملية تصفية دقيقة قام بها الجيش الإسرائيلي، أغارت طائرات حربية على بيروت وقضت على فؤاد شكر”. ولفت إلى أن الغارة تم تنفيذها “بناء على معلومات استخبارية وردت من هيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)”. وحمّل هاغاري شكر مسؤولية حادثة قصف بلدة مجدل شمس شمال إسرائيل في 26 يوليو (تموز) الجاري، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات.

وهو الهجوم الذي كان “حزب الله” نفى مسؤوليته عنه. وفيما كانت عمليات الإنقاذ ورفع الأنقاض لا تزال مستمرة بحثاً عن جثة شكر، بخاصة أن الحزب أكد وجوده في المبنى وقت الهجوم، حدثت ضربة كبرى ثانية وهذه المرة في العاصمة الإيرانية طهران. فقد أعلنت حركة “حماس” اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية ومرافقه الشخصي وسيم أبو شعبان بغارة إسرائيلية على مقرّ إقامته في طهران، وقالت مصادر إيرانية إن الاغتيال تم بصاروخ موجّه نحو جسده مباشرة وهو على سريره. واغتيال هنية يعدّ أقوى ضربة تلقتها “حماس” منذ اغتيال مؤسسها أحمد ياسين عام 2004.

“الحرس الثوري الإيراني” قال في بيان، إنهم يدرسون أبعاد الحادثة، وسيعلن عن نتائج التحقيق لاحقاً. ونشر المكتب الصحافي للحكومة الإسرائيلية عبر صفحته على موقع “فيسبوك” صورة لهنية مع ختم أحمر اللون على جبينه مكتوب عليه عبارة “تم القضاء عليه”، لكن المكتب ما لبث أن أقدم على محو المنشور بعد ساعة. وبقدر ما كانت التصريحات الإسرائيلية تتبنى إلى حدّ ما استهداف شكر، لم تتبنَّ حتى الساعة تل أبيب عملية اغتيال هنية. وفي هذا الإطار قالت هيئة البث الإسرائيلية إن هنية قُتل بصاروخ أطلق من دولة خارج إيران وليس من الأجواء الإيرانية، لتعود “القناة الـ 12” الإسرائيلية وتقول عن الاستهداف إنه تم من داخل إيران وليس خارجها.

اختراق أمني واضح
اغتيال القيادي فؤاد شكر والذي أطلق عليه لقب وزير دفاع “حزب الله” والشخصية الثانية فيه، وكبير مستشاري أمين عامه حسن نصرالله، والذي لعب دوراً رئيسياً في مشروع الصواريخ الدقيقة وشارك وخطط ونفّذ تفجيرات ثكنة المشاة البحرية الأميركية في بيروت في عام 1983، بحسب موقع وزارة الخارجية الأميركية، يفتح باب التساؤلات عن دور أمن الحزب قبل وبعد عملية الاغتيال، علماً أن الإحداثيات التي كان يقدمها الجيش الإسرائيلي في الساعات الأولى لعملية الاستهداف كان يقول إنها صادرة عن مصادر داخل المستشفى التي نقل إليها شكر. وعلى رغم أن الشخصيات العسكرية مثل شكر هي شخصيات غامضة، وغير معروفة في أماكن سكنها وتنقلها للحفاظ على أمنها وسلامتها، وربما لا يعلم عن تحركاتها إلا القلة من قيادات “حزب الله” لا يتعدون عدد أصابع اليد الواحدة، ضمن الدائرة الضيقة لقيادات الصف الأول، وذلك بخلاف القيادات السياسية التي لها هامش من حرية التحرك.

الأمن الإيراني
على الصعيد الإيراني، تطرح رمزية المكان (طهران) وطريقة اغتيال هنية ودقة الاستهداف، فرضية اختراق الأمن الإيراني بشكل مباشر. وكانت قد طرحت أسئلة ومنها “كيف تم تحديد غرفة هنية بالضبط؟ وكيف وصل الصاروخ من الخارج من دون أي رصد أو اعتراضات؟ وهذا ما يفتح النقاش مرة جديدة عن الخروقات في جسد “حزب الله” و”حماس” وغيرهما من قوى “الممانعة”، عبر أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية العديدة.

مدى الاختراق الإسرائيلي
ورأى محللون في الضربة إخفاقاً استخباراتياً كبيراً من قبل الأجهزة الإيرانية وتطوراً مزعجاً للغاية بالنسبة للقيادة الإيرانية، لا سيما أنها نُفّذت في وقت يفترض أن الإجراءات الأمنية كانت على أعلى المستويات بسبب تدفق الضيوف لحضور حفل التنصيب. وقبل ساعات على مقتله، اجتمع هنية شخصياً مع المرشد الأعلى علي خامنئي.

ورأت نائبة رئيس معهد أبحاث ودراسات البحر المتوسط والشرق الأوسط أغنيس ليفالوا أن “عدم تمكّن الإيرانيين من منع عملية الاغتيال هذه أمر محرج جداً بالنسبة لإيران”. واعتبر المحاضر في جامعة “كليمسون” في الولايات المتحدة آرش عزيزي أن ما جرى “يؤكّد أمراً لطالما عرفناه جميعاً: عمق اختراق إسرائيل لأجهزة الأمن الإيرانية”. وقال حسني عبيدي مدير مركز الدراسات والبحوث بشأن العالم العربي والمتوسط في جنيف، إن “هذه العملية تظهر أن إيران لم تكن قادرة على تأمين ضيوف المرشد الأعلى والرئيس”. وشدد على أن طبيعة الهجوم تظهر أن إسرائيل كانت لديها “معلومات دقيقة للغاية” عن مكان هنية وتحركاته.

الاغتيالات وسيلة إسرائيلية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية
ولطالما استخدمت إسرائيل الاغتيالات كوسيلة لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، ولضرب قلب القيادة والتأثير على ديناميات الصراع. وفي العقود الأخيرة، استهدفت إسرائيل قيادات بارزة فلسطينية ولبنانية، مستخدمة أحدث التقنيات وأساليب الاستخبارات المتطورة، ذلك لأن تلك الشخصيات كانت تشكل تهديداً فعلياً على الخطط الإسرائيلية في المنطقة. وتأخذ هذه الاغتيالات بعداً أكثر تعقيداً نظراً لطبيعة الأوضاع السياسية والأمنية في بيروت، والتي تتداخل فيها الأبعاد الطائفية والسياسية المحلية مع التأثيرات الإقليمية. أما في طهران، فالصراع يدور بشكل رئيسي حول البرنامج النووي الإيراني والتوترات مع القوى الغربية وإسرائيل، ما يجعل عمليات الاغتيال جزءاً من الحرب الاستخباراتية المستمرة. ولطالما أثارت العمليات النوعية التي تنفذها إسرائيل من هجمات تستهدف مصانع ومنشآت عسكرية ونووية إيرانية وعمليات الاغتيال التي طاولت عناصر من “الحرس الثوري” وقادة من “حزب الله” و”حماس” وميليشيات أخرى “الاستهجان” لناحية دقتها ونوعيتها، ما يدعو للتساؤل هل الأمن الإيراني و”الحرس الثوري” مخترقان استخبارياً؟ وهل يستخدم جهاز “الموساد” “العملاء الإيرانيين” لتحقيق غاياته؟ علماً أنه وبعد اغتيال هنية وشكر، اعتبر مراقبون أن ما حصل يؤكد الوجود الفعلي لعناصر “الموساد” في قلب الضاحية وفي طهران.

“الحزام البشري” وعبد العزيز الرنتيسي
من المعروف أن “الموساد” يعتبر أحد الأجهزة الاستخبارية الأكثر فعالية في العالم، وقد اخترق سابقاً منظمات وحركات عدة في المنطقة. وفي أبريل (نيسان) 2004 وبعد عملية اغتيال أحمد ياسين نقل “مركز الشرق العربي” عن خبير فرنسي في مجال الاستخبارات تأكيده أن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي “شين بيت” اخترق “الدوائر الضيقة لحركة حماس أفقياً ورأسياً”، معتبراً أن استهداف قمة هرم الحركة يعني أن “حماس” تعاني من اختراق عالي القيمة. وقال الخبير الفرنسي، الذي رفض ذكر اسمه حينها، إن عمليتي اغتيال ياسين وعبد العزيز الرنتيسي الذي خلفه في قيادة الحركة بغزة تؤكدان أن “تحركاتهما كانت مراقبة على مدار الساعة، وأن الأجهزة الأمنية الاستخبارية الإسرائيلية لم تكن تنتظر في كلتا الحالتين إلا أوامر التنفيذ”، مضيفاً أنه “لا يمكن لأي جهاز استخبارات مهما كانت كفاءته وقدراته التقنية أن يتتبع المسار اليومي للأفراد بهذا الشكل إلا إذا كان الجهاز ذاته يعتمد على وصلات ثابتة ومتنقلة تتبع تحركات الشخص المستهدف”. وأضاف “المعلومات المقدمة عن تحركات الرنتيسي تستند إلى معلومات يقدمها الحزام البشري الذي يحوم حوله”. ونادراً ما تعلن “حماس” عن وجود جواسيس بين صفوفها بشكل رسمي، إذ تعد مثل هذه الأمور حساسة للغاية ولها تأثير كبير على الروح المعنوية لأعضائها وداعميها. ومع ذلك، في بعض الحالات، تقوم بالإعلان عن اكتشاف خلايا تجسس أو اعتقال أفراد بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل أو أجهزة استخبارات أخرى.

في إيران “الموساد” “ثقب السقف”
وفي يونيو (حزيران) 2021، حذر وزير الاستخبارات الإيراني السابق علي يونسي من أن تغلغل الاستخبارات الإسرائيلية في إيران وصل إلى حد بات على جميع المسؤولين الإيرانيين القلق على حياتهم. وأضاف “إهمال الموساد جعله يتسلل ويضرب ضربته بهذا الشكل، إذ إنه يهدد صراحة مسؤولي النظام الإيراني”. لكن ذلك التحذير من أحد المسؤولين الإيرانيين عن تغلغل “الموساد” لم يكن الأول من نوعه، وكان أول من أشار إلى هذا الموضوع القائد السابق لهيئة الأركان المشتركة لـ “الحرس الثوري” حسين علائي، ومن ثم تكررت هذه التحذيرات على لسان قائد “الحرس” السابق محسن رضائي والرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد.

بدوره، كان الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد أعلن خلال مقابلة صحافية أن “مسؤول مكافحة التجسس في استخبارات إيران تبيّن أنه كان نفسه جاسوساً لإسرائيل”، وأكد في ذلك الوقت وجود اختراق أمني واسع ومنظم داخل وزارة الاستخبارات والمؤسسات العاملة في المجال النووي والصاروخي، مشيراً إلى حادثة لم تعلن طهران عنها سابقاً. وأوضح نجاد أن وثائق لوكالة الفضاء الإيرانية كانت في خزانة مكتب رئيسها، وأن عملاء “الموساد” الإسرائيلي “ثقبوا السقف ودخلوا وفتحوا الخزانة وأخذوا جميع الوثائق، وبعد ذلك تكتمت الجهات الأمنية عن هذا الاختراق والسرقة لأهم الوثائق في البلاد”.

“الموبايل” “عميل قاتل”
وفي يونيو 2011 قال نصرالله “إن جهاز مكافحة التجسس في الحزب وبناء على معطيات مؤكدة تمكّن من كشف ثلاثة عناصر في الحزب على علاقة مع أجهزة استخباراتية خارجية”. وأضاف أن اثنين من الثلاثة قد اعترفا بعلاقتهما المباشرة بضباط في “سي آي أي” ويعملون في السفارة الأميركية في بيروت كديبلوماسيين حينها. وبعد موجة الاغتيالات المثيرة التي استهدفت قيادات بارزة في الحزب ومنذ اندلاع حرب غزة، تعددت النظريات حول تلك العمليات النوعية التي مكّنت إسرائيل من قتل أكثر من 310 عناصر من الحزب، 24 منهم يعتبرون من كبار القادة، وذلك عبر مسيرات وصواريخ دقيقة جداً. وأشار تقرير لوكالة “رويترز” إلى أن “حزب الله” تخلى عن استخدام وسائل الاتصال اللاسلكية والإلكترونية، والعودة إلى وسائل اتصال قديمة، بخاصة السلكية منها. وخرج الخبراء بنظريات عدة حول الوسائل التي استخدمتها إسرائيل لتحديد أماكن الشخصيات المستهدفة، وأكثر نظرية أجمع عليها الخبراء هي رصد إسرائيل الهواتف النقالة لرصد تحركاتهم وتتبعهم عبر المسيرات، واستخدام الذبذبات الإلكترونية الصادرة من الهواتف في توجيه الصواريخ لتصفية حامليها. ويشير الباحث في الشؤون العسكرية رياض قهوجي إلى أن “نظرية وجود عملاء داخل الحزب أو مخبرين في مناطق عمليات الحزب، يزودون الإسرائيليين بالمعلومات بشكل آني عن أماكن وجود العناصر والقادة هي نظرية ممكنة، ولا يمكن استبعادها”. ويضيف متحدثاً عن نظرية اختراق إسرائيل منظومات كاميرات المراقبة في الشوارع ومداخل المصارف ومنشآت أخرى، ما يمكّنها من رصد تحركات عناصر الحزب في هذه البلدات أو القرى. وتابع قهوجي سائلاً “لكن كيف تمكّنت إسرائيل من الحصول على بنك البيانات هذا؟ هناك ثلاثة احتمالات: الأول، الاختراق الإلكتروني لحاسوب عليه بيانات مقاتلي الحزب كافة، والثاني، عملية كوماندوس إسرائيلي على منشأة لحزب الله تحتوي على البيانات وسرقتها، والثالث، إقدام أحد عناصر الحزب ممن يستطيعون الوصول إلى هذه البيانات، على تمريرها للإسرائيليين بعد الفرار خارج البلاد”.

وكانت تقارير صحافية أفادت بأن الحزب عطّل كاميرات المراقبة في البلدات الحدودية حيث تنشط العمليات العسكرية. وكان نصرالله قد دعا قبل أشهر مقاتلي الحزب وعائلاتهم وأهل الجنوب اللبناني إلى الاستغناء عن “الهاتف المحمول”، ووصف الهواتف المحمولة “بالجاسوس القاتل”، الذي يقدم معلومات دقيقة “ومجانية” لإسرائيل. وقال “الكاميرات الموصولة بشبكة الإنترنت تقدم أكبر خدمة للعدو ولذلك يجب إطفاؤها في هذه المعركة”. وفي الماضي كشفت تقارير عن خلايا تجسس أو أفراد داخل “حزب الله” يعملون لمصلحة أجهزة استخبارات معادية، لكن هذه الحالات غالباً ما يتم التعامل معها بسرية وتتم محاكمة المتورطين داخلياً وبعيداً من الإعلام. علماً أن الحزب يتخذ إجراءات أمنية مشددة للغاية لمنع الاختراقات، بما في ذلك التدقيق الأمني المستمر لأعضائه، والتدريب على الأمن السيبراني، واستخدام وسائل الاتصال الآمنة، لكن على رغم هذه الإجراءات، يبقى احتمال الاختراق موجوداً كما هي الحال مع أي منظمة أخرى. وفي أبريل الماضي وبعد عملية اغتيال الصراف محمد سرور، أفاد وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي ومصدران قضائي وأمني بأن المعطيات الأولية المتوافرة لدى السلطات تظهر أن “الموساد” يقف خلف مقتله، وهو الذي تتهمه واشنطن منذ سنوات بتسهيل نقل أموال من إيران إلى “حماس”. وفي نهاية عام 2023، صدر عن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني خبر توقيف أحد كوادر “حماس”، وهو خليل أبو معزة من سكان غزة بمخيم جباليا للاجئين، والذي كان قد غادر القطاع إلى تركيا حاملاً معه مبلغاً كبيراً من المال، حوّل له عبر “الموساد” بحسابات وبأسماء مختلفة منعاً لكشفه. وجرت عملية التوقيف بسرية تامة حينها، وبقي أبو معزة قيد التحقيق من دون معرفة أحد من المعنيين إلى أن تواصل فرع المعلومات مع قيادة “حماس” في لبنان للسؤال عن تفاصيل تتعلق بالموقوف، بعدما تبيّن للمحققين أن تجنيد الاستخبارات الإسرائيلية له جرى عبر عملية أمنية خاصة استغرقت بعض الوقت، وهدفت إلى إرساله إلى بيروت والانخراط في الحركة بلبنان. وكان أبو معزة قد اعترف أنه وشى بمكان وجود خبير المتفجرات والأسلحة المهندس حمزة شاهين المنضوي في صفوف “كتائب القسام” الذي قتل في انفجار مستودع بمخيم “برج الشمالي” (صور)، في منطقة عمل قوات الطوارئ الدولية “يونيفيل”، في ديسمبر (كانون الأول) 2021.

قادة “حماس” الذين اغتالتهم إسرائيل
ومنذ تأسيس “حماس” في عام 1987 كانت قياداتها السياسية والعسكرية هدفاً لاغتيالات نفذتها إسرائيل داخل وخارج فلسطين. ولعل أبرزهم مؤسس “حماس” أحمد ياسين الذي حاولت إسرائيل اغتياله مرات عدة، حتى تمكنت من ذلك يوم 22 مارس (آذار) عام 2004، عبر صواريخ أطلقت من مروحية “أباتشي” إسرائيلية، وسقط هو وسبعة من مرافقيه وجرح اثنان من أبنائه في غزة، وكان عمره حينها 68 سنة. صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، اغتيل نهار الثاني من يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، في هجوم بطائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت مبنى يضم مكتباً للحركة في ضاحية بيروت الجنوبية. عبد العزيز الرنتيسي، اغتيل بعد أيام قليلة على توليه رئاسة “حماس” في أبريل عام 2004 عبر غارة استهدفت سيارته في غزة. صلاح شحادة، المؤسس وقائد جهاز “حماس” العسكري الأول، اغتيل في غزة بشهر يوليو عام 2002، عبر قنبلة تزن أكثر من طن من المتفجرات ألقتها مقاتلة من طراز “أف-16″، وقتل معه 12 فلسطينياً آخرين من بينهم زوجته وإحدى بناته، وأصيب أكثر من 140، فضلاً عن تدمير مربع سكني بالكامل، ضمن عملية عرفت بمجزرة “حي الدرج” وهو اسم أحد أحياء غزة المكتظة بالسكان. محمود المبحوح، قيادي في “حماس” اغتيل في يناير عام 2010 بأحد فنادق دبي. واتهمت الحركة “الموساد” بالوقوف وراء عملية الاغتيال، وكشفت الشرطة حينها عن أن عملية الاغتيال تمت من قبل فريق يصل إلى 17 شخصاً. سعيد صيام، قيادي في “حماس” وتولى وزارة الداخلية الفلسطينية بعد فوز الحركة في انتخابات 2006، واغتالته إسرائيل أثناء اجتياح قطاع غزة عام 2009.

اغتيال قيادات في “حزب الله”
وطاولت في الفترة الأخيرة، وتحديداً بعد دخول “حزب الله” على خط الحرب في غزة، عمليات اغتيال قادة بارزين في “حزب الله”، منهم، طالب سامي عبدالله وهو قائد عسكري كبير من بلدة عدشيت (جنوب)، استهدفت غارة إسرائيلية اجتماعاً قيادياً كان يحضره في بلدة جويا. وأيضاً وسام الطويل قائد “قوة الرضوان”، الذي اغتيل في الثامن من يناير الماضي حينما هوجمت السيارة التي كان فيها، وأعلنت إسرائيل لاحقاً مسؤوليتها عن الهجوم. وأيضاً شخصيات قيادية أخرى منها إسماعيل يوسف باز، قائد القطاع الساحلي للحزب، محمد حسين مصطفى شحوري، قائد وحدة الصواريخ في القطاع الغربي لـ “قوة الرضوان”، علي أحمد حسين، قائد منطقة حجير التابعة لـ “قوة الرضوان”، علي عبد الحسن نعيم، نائب قائد وحدة الصواريخ والقذائف في الحزب، وحسن حسين سلامي، قيادي في “وحدة ناصر”، وغيرهم. وكذلك استهدف عباس محمد رعد، وهو قيادي في “قوة الرضوان” ونجل رئيس كتلة “حزب الله” النيابية النائب محمد رعد. وشهدت عمليات الاغتيال أيضاً استهداف محمد دياب المتخصص في التكنولوجيا، في عملية أثارت تساؤلات حول الاختراقات الأمنية في صفوف “حزب الله” لشخصية متخصصة بالجانب التكنولوجي.