إرساء السلام هو الهدف السامي للدول وليس العكس مروان الهندي/12 حزيران/2024
في لبنان، نجح حزب الله عبر فرض سردياته السياسية والسطو على العقول بالقوة والترهيب والترغيب إلى قلب المفاهيم الإنسانية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية. فأصبح المطالبون بالسلام مع إسرائيل كسائر الدول العربية المحترمة، يصنّفون في خانة العمالة والخيانة وما إلى هنالك من صفات بالية ورتيبة ولّى عليها الزمن. وكأنّ منطق اللامنطق هو السائد، إذ أصبحت الحرب هدفا” بحد ذاته، بينما العكس هو الصحيح. أمّا بالنسبة لحز.ب/الله فلا داعي للإسهاب في الشرح أنّه فرع من الجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان، وأنّ عيد التحرير عام ٢٠٠٠ هو مجرد إستبدال إحتلال إسرائيلي تكتيكي ومؤقّت بإحتلال إيراني إستراتيجي إلى أجل غير مسمّى. على مر التاريخ، تحاربت وتقاتلت العديد من الدول فيما بينها، ومن ثمّ تصالحت وتحالفت حسب الظروف والوقائع والمصالح المشتركة. وخير مثال على ذلك، هو إحتلال الجيش الألماني لفرنسا إبان الحرب العالمية الثانية، وهما اليوم أشد الحلفاء. حركة التاريخ ليست ثابتة، وخصوم اليوم قد يصبحون حلفاء الغد، ولكن الثابتة الوحيدة في خضم التغيرات الجيوسياسية هي مصالح الدول، وبما يخص لبنان فيبقى هو أولا” وأخيرا”.
في السياق ذاته، أبرمت معظم الدول الشرق أوسطية من دول الطوق إلى الدول الخليجية إتفاقيات سلام قديمة ومستجدة مع إسرائيل. أما الدول التي لم تعقد إتفاقيات سلام علنية ورسمية كالمملكة العربية السعودية، فهي تتحيّن اللحظة المناسبة لعقد إتفاق سلام معها استراتيجي ومستدام. وقد ذهب محمد بن سلمان أبعد من ذلك بكثير، عندما قال “لا ننظر إلى إسرائيل كعدو بل كحليف محتمل”. كل هذه الدول العربية لم تكن لتعقد هذه الإتفاقيات لو لم تكن تصب في مصالحها الإستراتيجية والدفاعية والأمنية والإقتصادية والتكنولوجية. فلماذا على لبنان، هذا البلد الصغير الذي يعاني من مصائب مستعصية أن يكون ملكي أكثر من الملك؟!
منذ إتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل عام ١٩٤٩ عاش لبنان فترة هدوء وازدهار مع بعض الخروقات الطفيفة التي لا تذكر، إلى حين دخول الفدائيين الفلسطينيين وإستخدامهم للبنان كمنصة إنطلاق للعمليات العسكرية تجاه إسرائيل، واليوم يلعب حز.ب الله الدور نفسه. لكن يبقى الأمل معقودا” بتطبيق القرار ١٥٥٩، حيث سيكون تطبيقه المدخل لإرساء السلام وإعادة تموضع لبنان جيوسياسيا” في المكان الذي يليق به خارج محور الممانعة.