لبنان: شكوك في صحة الشهادات الجامعية لـ”رجل الممانعة” في دار الفتوى الشيخ حسن مرعب
موقع درج ميديا/05 حزيران/2024
ساهم في إعداد هذا التحقيق نورهان شرف الدين (لبنان) وإيمان عادل (مصر)
طرح تحقيق “#درج” الأخير قضية صحة #شهادات الشيخ #حسن_مرعب، مساعد المفتش العام في دار الفتوى وإمام جامع علي بن أبي طالب في طريق الجديدة، الذي اشتهر بآرائه التحريضية وخطابه الممانع. يقول مرعب إنه حصل على شهادتي #ماجستير و #دكتوراه في الإعلام من جامعة الإسكندرية في مصر، وهي الشهادات التي خوّلته أن يتبوأ المناصب التي يحظى بها اليوم. لكنّ كثراً من المحيطين بمرعب شككوا في صحة هذه الشهادات. فريق “درج” قرر البحث عن رسائل الماجستير والدكتوراه على الإنترنت فلم يجدها. كما بحث عنها في مكتبة #جامعة_الاسكندرية ولم يجدها أيضاً، ثم زار الجامعة مرات عدة للتأكد من صحة الشهادات ووجود رسالتي الماجستير والدكتوراه، إلا أن عاملين في الجامعة جزموا بأن الشهادتين مزيفتان.
الشيخ حسن مرعب، شخصية مثيرة للجدل في لبنان، هو رجل الممانعة، والممنوع من الخطبة يوم الجمعة بقرار من دار الإفتاء، ويقود حملات تحريض متعددة، لكن الأكثر إثارة للجدل هو حقيقة شهاداته الجامعية “ماجستير ودكتوراة” التي لا أثر لها في جامعة الاسكندريّة، فهل زور مرعب تحصيله العلميّ؟
للأسبوع الثاني على التوالي، يستبعد دار الفتوى في لبنان الشيخ حسن مرعب من إلقاء خطبة الجمعة في جامع “الإمام علي” في طريق الجديدة في بيروت، يأتي ذلك بعدما خلق مرعب في الفترة الأخيرة حالة استثنائية في دار الفتوى مع خطابه المخالف لقرار الدار، بابتعاد مشايخها عن الحديث في القضايا السياسية من دون إذن خطي منها، إلا أن قصة مرعب تتخطى موقعه في دار الفتوى وخطابه التحريضي في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، فقضيته اليوم، تتعلق بموثوقية شهاداته التعليمية العالية من جامعة الإسكندرية. لم تشمل المديرية العامة للأوقاف الإسلامية التابعة لدار الفتوى في لبنان اسم الشيخ حسن علي مرعب، في لائحة خطباء الجمعة لأسبوعين متتاليين، واستبدلته بمشايخ من خارج بيروت.
تسريبات إعلامية تحدّثت عن استبعاد مرعب هذا الأسبوع، قبل صدور لائحة المديرية بعدّة أيام، خصوصاً في الاعلام التابع أو المؤيد لـ”حزب الله“، ممّا يطرح تساؤلات عمّا إذا كان مرعب نفسه من سرّب هذا الخبر وبدأ بهذه الحملة، خصوصاً مع خطابه المتعاطف مع الحزب في الأشهر الماضية، وتصاعد حضوره عبر الإعلام والسوشيال ميديا، خصوصاً لجهة اللغة التحريضية التي يعتمدها تجاه قضايا سياسية واجتماعية مختلفة.خلفية مرعب الأكاديمية يحمل مرعب شهادة ماجستير من جامعة الإسكندرية بتقدير جيد جداً برسالة عنوانها “الفضائيات الإسلامية: ما لها وما عليها”، كما حصل على شهادة الدكتوراه من قسم الآداب في الجامعة ذاتها بموضوع “الإعلام السياسي الإسلامي”، إلا أن شهاداته التي اطلّع عليها “درج”، تدور حولها تساؤلات عدّة، خصوصاً مع غياب رسالتي الماجستير والدكتوراه من مكتبة الجامعة، كما جرت العادة، ومع تأكيد موظفين في الجامعة بأن الشهادتان مزورتان.علماً أن الرقابة الأكاديمية على المؤسسات الدينية في لبنان تكاد تكون منعدمة، سواء تعلق الأمر بالجامعات الخاضعة لهذه المؤسسات، أو بالأنظمة الإدارية داخل المؤسسات نفسها. ولنا بالفضيحة التي هزت لبنان قبل نحو سنة والمتمثلة بـ25 ألف شهادة جامعية منحتها الجامعة الاسلامية التابعة للمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، لغير مستحقيها من العراقيين.لكن الشكوك بشهادات مرعب من نوع مختلف هذه المرة، ذاك أنها من المفترض أن تكون قد منحت له من جامعة الأسكندرية في مصر. يطرح هذا التحقيق بناءً على الوثائق والمعطيات التي حصل عليها فريق “درج” علامات استفهام حقيقية حول مصداقية الشهادات التي بحوزة مرعب وصحتها، وبالتالي حول أهليته لأن يكون في منصب مؤثرٍ على شريحة من متابعيه، خصوصاً وأنّه من غير الممكن أن يكون في منصب مساعد المدير العام في دار الفتوى، لولا تلك المؤهلات الأكاديمية. زيارة إلى جامعة الإسكندريةفي ٢٣ أيار/ مايو توجه فريق “درج” بكتاب رسمي وبنسخ من شهادتي الماجستير والدكتوراه إلى مكتب عميد كلية الآداب في جامعة الإسكندرية هاني خميس أحمد عبده، لطلب رد على مدى موثوقية الرسالتين. استقبلنا أحد العاملين في المكتب وفي أقل من دقيقتين من اطلاعه على الشهادتين أكّد أنّهما “مزورتان” وأنّ الكلية ردّت على طلب إدارة الجامعة بخصوص مرعب بعد إرسال موقع “درج” أسئلة حولهما عبر البريد الإلكتروني. ثمّ توجه فريق “درج” إلى مكتب رئيس الجامعة وكان الجواب أنّ موقع “درج” جهة غير مصرية والجامعة لن ترد على جهات غير مصرية في هذا الخصوص، لم يُعط فريق “درج” أي ردّ خطي باستثناء الإمضاء والختم على كتاب “درج” الرسمي الذي يثبت استلام الكتاب والطلب، لم يصلنا أي ردّ من الجامعة بعد إرسال 4 رسائل ألكترونية بالإضافة إلى الكتاب الخطي.
ما صحة شهادات مرعب الجامعية ؟قبل زيارة الجامعة، عمل فريق “درج” على التحقق من صحة شهادات مرعب عبر البحث عن عناوين رسائل الماجستير والدكتوراه في المكتبة الرقمية لجامعة الإسكندرية، لكن المكتبة لم تحتوِ على أي من الرسالتين، كما أن شهادة الدكتوراه لمرعب لم تحتوِ على عنوان الرسالة التي قدمها لنيل شهادته، باستثناء الإطار العام وهو “الإعلام الإسلامي السياسي”. بالتواصل مع موظفين من جامعة الإسكندرية في مصر عن صحة الشهادتين، أكد موظفون عدّة تواصل معهم فريق “درج” أن “هاتين الشهادتين غير موجودتين في أرشيف الجامعة، وبالتالي غير صحيحتين، وأن الرسالتين ليستا في الجامعة أيضاً”، لذلك، بحث فريق “درج” أيضاً في المكتبة الورقية لجامعة الإسكندرية، التي يجب أن تحتوي على مخطوطة البحث، أو على الأقل يجب أن تسجل اسم الباحث، فتبين أن المخطوطة غير موجودة في المكتبة، ولم يعثر فريق “درج” على المخطوطة أو على اسم الطالب. كذلك، تحققنا من وجود اسم الرسالة أو اسم مرعب على موقع اتحاد المكتبات الجامعية المصرية، وهو موقع يضم مكتبة رقمية للأبحاث العلمية والأكاديمية التي صدرت عن 48 جامعة حكومية في مصر، منها جامعة الإسكندرية، التي نال مرعب منها شهادتيه، لكننا لم نجد ما يتعلق بالرسالة أو اسم مرعب نفسه. كما بحثنا في موقع دار المنظومة وهي شركة سعودية تأسست سنة 2004 “متخصصة في مجال بناء وتطوير قواعد معلومات علمية متخصصة في المجالات البحثية والأكاديمية”، وتعمل مع وكلاء أكاديميين عدة في الإمارات ومصر والسعودية وفلسطين، منها هو بنك المعرفة المصري، رغم ذلك لم نجد على الموقع اسم مرعب ولا عنوان رسالته. علم “درج” أن الرسالة في جامعة الإسكندرية تسجل مرتين: يسجل الطالب الرسالة في المرة الأولى في المكتبة الرقمية عندما يقدم الطالب خطة البحث، وذلك لضمان ألا يأخذ طالب آخر فكرته، ويسجل الطالب الرسالة للمرة الثانية بعد أن ينتهي من كتابتها وقبل أن يناقشها، لذلك يجب أن تكون الرسالة موجودة في إحدى الجهات المذكورة أعلاه: بنك المعرفة أو مكتبة الإسكندرية أو دار المنظومة أو اتحاد المكتبات الجامعية المصرية، لكن الغريب أن الرسالة ليست موجودة في أي من هذه الجهات، والمثير للاستغراب أيضاً، أنه حتى اسم مرعب ليس موجوداً في أي من هذه المواقع/ المؤسسات.
سأل صحافي من ” درج” عن صحة الشهادتين في جامعة الإسكندرية ليتفاجأ أن اسم الطالب غير موجود، كذلك أسماء الرسائل البحثية المقدمة، ناهيك بغياب الصور ونشر “التخرج” على مواقع التواصل الاجتماعي، فأين رسائل ماجستير ودكتوراه الشيخ مرعب وصور تخرجه؟ أرسلنا لمرعب رسالتين عبر البريد الألكتروني، ولكن لم يصلنا أي رد حتى لحظة النشر.من هو الشيخ حسن مرعب؟ الشيخ حسن مرعب الذي يصفه خصومه بأنه “رجل حزب الله في دار الفتوى” هو إمام مسجد الإمام علي والمفتش العام المساعد في دار الفتوى، ولد في عكار سنة 1980، بحسب موقعه الألكتروني، مرعب حاصل على الإجازة العالية في الشريعة الإسلامية من كلية الشريعة التابعة لدار الفتوى في لبنان، وعلى دبلوم الدراسات الإسلامية من الجامعة نفسها، وعلى شهادتي الماجستير والدكتوراه في علوم الإعلام من كلية الآداب التابعة لجامعة الإسكندرية في مصر. عمل مرعب في المجالين الديني والإعلامي، كما تولى مسؤولية شؤون المساجد بالمديرية العامة للأوقاف الإسلامية في لبنان بين سنتي 2006 و2009. لا يتوانى مرعب عن الظهور الإعلامي أو استخدام وسائل الإعلام لصالحه، أو حتى “تويتر” الذي ينشط عليه ويتابعه أكثر من 43 ألف شخص. وينشر مقالات وفيديوهات على موقع لبنان الكبير، وعلى قنواته على “ديزر” و”سبوتيفاي”، بالإضافة إلى موقعه الألكتروني. لا بدّ من الإشارة إلى أنّ مرعب نقل نفوسه مؤخرًا من عكّار إلى بيروت، مما يطرح علامات استفهام حول طموحه في دار الفتوى. ما علاقة مرعب ب”حزب الله”؟هناك تساؤلات جدية حول علاقة مرعب ب”حزب الله”، أو موقفه من الحزب للحدّ الذي دفعه لتخوين من ينتقد “حزب الله”، إذ قال في “تويت“: “في هذه الأيام… كلُّ من ينتقد مقاومةَ العدو الإسرائيلي بحرف فهو عميل متصهين رخيص”، وقال في “تويت” أخرى:”وإذا كانت #الضربة_الإيرانية مسرحية فلتقدموا ولو مشهداً واحداً مماثلاً لمشاهد هذه المسرحية، وإن كانت كذبة فأرونا صدقكم أو أقله اكذبوا مثلها”، بينما انتقد مرعب تركيا على موقفها من إسرائيل خلال هذه الحرب.
في الوقت ذاته، يحاول مرعب تجنب الخلافات في الشارع السني، إذ قال في إحدى مقابلاته الأخيرة إنه “يدعم الحزب خلال هذه الحرب على غزة”، مؤكدا أنه “لن يطعنه في الظهر”، مضيفاً “بعد الحرب لكل حادث حديث”. كما أنه يستقطب الشارع بالحروب الذي شنّها على المثليين مغرّداً على “تويتر“: “في زمن الحرب من ينتقد السلاح ومن يحمله من أبناء الوطن، إما أن يكون مختلاً عقلياً أو مهزوزاً نفسياً أو مأجوراً عميلاً للعدو، الذي يُواجَه بالسلاح شباباً يشيعون شهيداً ارتقى في مواجهة العدو المحتل، شو بدك يحملوا؟؟ أعلام حبايب قلبك جماعة الشذوذ والانحلال الأخلاقي!؟ أو يلبسوا حلق وتنانير ويترقوصوا لترتاح حضرتك!!؟؟؟”. في الوقت نفسه، يتذكر مرعب بين الفينة والأخرى الدعاء لسعد الحريري.نشر مرعب مقالة قبل عامين بعنوان “إلى الحضن الإيراني“، كتب فيها: “ولن يكون قيامة للبنان إلا بفك الارتهان لإيران والخروج من حضنها وكفِّ يدها ورد بضاعتها إليها، فلبنان عربي ولن يكون فارسياً، ولن يسعه إلا الحضن العربي”، ولكنّ موقفه من الحزب تغيّر في المدة الأخيرة.
لا بدّ من التذكير بقرار أصدره دار الفتوى في العام الماضي، ووزعه في بيان يذكر أنه: “بناءً على توجيهات مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، يمنع منعاً باتاً الإدلاء بتصريحات أو مواقف وآراء سياسية، لجميع العاملين في الجهاز الديني والمؤسسات التابعة لدار الفتوى، من دون أخذ الإذن الخطّي المسبق من المديرية العامة للأوقاف الإسلامية والإدارات المعنية المختصة”، الذي ردّ عليه مرعب في فيديو قائلاً: “ولو هددت، ولو أقصيت، ولو شتمت، لن أغير رأيي”، ولكنّه شارك رسالة صوتية يوم الخميس الفائت، مشدّداً فيها على “تمسّكه بدار الفتوى والتزامه بقرارات مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان”. فما رأي دار الفتوى بمواقف مرعب الجدلية، خصوصاً في ما يتعلق بحزب الله؟ لم ترد دار الفتوى على الأسئلة التي أرسلها فريق “درج” عبر البريد الإلكتروني.
لبنان: شكوك في صحة الشهادات الجامعية لـ”رجل الممانعة” في دار الفتوى