رابط نص وفيديو تعليق سياسي من موقع “جريدة النهار”، للكاتب والصحافي السياسي المميز نبيل بومنصف تحت عنوان: هل تكرر فرنسا التجربة الفاشلة؟…. فرنسا والتعطيليون: صدمة إضافية وإلّا!
النهار/27 أيار/2024
فرنسا والتعطيليون: صدمة إضافية وإلّا!
نبيل بومنصف/النهار/27 أيار/2024
لا تنفصل عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت في زيارته السادسة منذ تكليفه المهمة المستعصية بحل الأزمة الرئاسية عن الحركة الكثيفة التي شهدتها باريس في الأيام الأخيرة ونجحت نظريا في إعادة اطلاق المفاوضات المعقدة من اجل تسوية او هدنة في غزة . تلعب فرنسا بقوة محاولة “الدفاع” عن دور فعال في موازاة لاعبين أقوياء اشد بأسا أولهم الشريك الأميركي نفسه ووسط حقل الغام إسرائيلي – إيراني – عربي وخليجي . الامر الذي يدفع مجددا الى السؤال عما اذا كانت “فرنسا اللبنانية” تفكر بشيء من الخصوصية عن “فرنسا الشرق أوسطية” وهل يعود لودريان تاليا بشيء من مراجعة لتلك التجربة المتخبطة منذ 18 شهرا في رمال الابتزاز والتعطيل الجاريين والمستمرين للانتخابات الرئاسية في لبنان ؟
الحال ان أحدا لا يمكنه تحميل أي فريق لبناني بعينه ، حتى الفريق الممانع إياه صاحب المآثرة الأكبر من البداية وحتى الساعة في الفراغ الرئاسي المتمادي ، تبعة اخفاق هائل منيت به الديبلوماسية الفرنسية في موجاتها الأولى حين انبرت بغرابة “تاريخيّة” الى تاييد مرشح الثنائية الشيعية للرئاسة سليمان فرنجية وما تركه فشلها ذاك من تداعيات ثقيلة على دورها التاريخي وعلاقاتها بالكثير من المكونات اللبنانية. لذا لا ترانا ، ولا نتخيل اطلاقاً أننا سنتصور استعادات مماثلة لمراعاة الفريق المعطل باي وجه من الوجوه ، خصوصا ان الجانب الإيجابي الواضح والذي لا يحمل جدلا في واقع الازمة تمثل في قدرة المعارضين اللبنانيين اقله على افشال الممانعين في فرض “رئيسهم” على لبنان مهما اشتد أوار نمطهم التعطيلي ومن ثم محاولاتهم الان الاستثمار في الحرب مع إسرائيل لتوظيف نصر موعود عليها في حسم داخلي هنا عبر الرئاسة .
كل ذلك يقودنا الى واقعين يتعين ان تقرأها أي عين ديبلوماسية اجنبية وخصوصا فرنسية ما دام لودريان والرئيس الفرنسي يعاندان في العودة الى المحرقة اللبنانية . الأول ان الفريق الممانع ، بكل قضه وقضيضه وسنده الإيراني ، فشل فشلا مثبتا في استكمال استثمار الفراغ الرئاسي الذي لا يملك الى المضي فيه دون بلوغ أي خرق محتمل في إيصال مرشحه الأبدي ، وتاليا فان البلبلة التي أصابته في الصميم عقب صدور بيان السفراء الخمسة أخيرا كانت نتيجة تلقائية لادراكه ان لا صدقية للمجموعة الخماسية الا اذا مضت في دعم خط بياني سيسقط النمط القسري في فرض رئيس بقوة الاستقواء التعطيلي الانقلابي .
اما الواقع الثاني فهو “ملتصق” بالديبلوماسية الفرنسية وحدها دون شريك . ثمة تجربتان نابضتان حيتان امام “فرنسا ماكرون” لا يمكن تجاهل تداعيات كل منهما في مقاربة عودة لودريان ، الموفد المرشح لان يحتل موقع أطول موفد خارجي – غربي في الازمات اللبنانية . فعلى أبواب لقاء النورماندي بعد أيام بين الرئيسين الفرنسي والأميركي يستحيل تجاهل الأثر التاريخي للقرار 1559 الذي وان لم ينفذ كاملا ولا يزال كسواه في ثلاجة التجميد شكل الرافعة الخارجية الهائلة لاطلاق حركة التحرر اللبنانية من عقالها التي أدت الى جلاء الوصاية الاحتلالية السورية عن لبنان . وثمة تجربة الإخفاق الصادمة التي واكبت انحياز “المبادرة الفرنسية” في بدايات الازمة الرئاسية الراهنة الى الفريق التعطيلي المرتبط بايران الامر الذي ارتد بأفدح العواقب على لبنان بتكبير أوهام المعطلين وعلى فرنسا لاحقا بإخفاق مبادرتها وسقوط طبعتها الأولى سقوطا ناجزا . ولعلنا نجنح الى طموح “مشروع” بان تكون عودة لودريان مؤشرا لصدمة إضافية لمن لا يعترفون بالصدمات !