قلب جعجع على الـ1701 وقلب باسيل على “الحزب”. أحمد عياش/هنا لبنان/29 نيسان/2024
ما أنجزه لقاء معراب عملياً، هو سحب ورقة “التيار” القائمة على انتقاد “الحزب” من التداول. وأيّ معنى للانتقاد بعد اليوم، إذا لم يكن مقترناً بالدعوة إلى تطبيق القرار 1701 الذي يتضمّن الحلّ لانتشال لبنان عموماً والجنوب خصوصاً من الهاوية التي جرّ “الحزب” الوطن إليها؟
في اليوم التالي للقاء معراب الذي أراده رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع صوتاً لبنانياً عالياً مؤيداً لتطبيق القرار 1701، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يبلغ وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه “تمسك لبنان بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته”.
أما الوزير الفرنسي فأعلن قبل لقاءاته السياسية في بيروت من مقرّ “اليونيفيل في الناقورة على حدود لبنان الجنوبية أنّ باريس تقدم “اقتراحات للسلطات السياسية بهدف تفادي حرب في لبنان”. وبحسب مصدر ديبلوماسي صرح أمس لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ المبادرة الفرنسية تقوم، على تطبيق قرار الأمم المتحدة 1701 الذي ينصّ على “نشر عناصر الجيش اللبناني وقوّات اليونيفيل وحدها لا غير في جنوب لبنان”.
إذا كان من تقييم أولي للقاء معراب أول أمس السبت، والذي شاركت فيه نحو مئة شخصية سياسية، فهو أنّ معراب أطلقت مساراً داخلياً يلاقي المسار الخارجي من أجل التصدي لما “آلتْ إليه أحوال وطنِنا الحبيب عموماً والجَنوب خصوصاً”، على ما ورد في البيان الصادر عن اللقاء. ومن النقاط الرئيسية المتعلقة بالحكومة اللبنانية في هذا البيان الآتي: “تطبيقاً للقرار ١٧٠١، كاملاً، إِصدار الأَوامر بنشرِ الجيشِ اللبنانيِ تحت خطِ الليطاني جنوباً وعلى كامِلِ الحدودِ مع إسرائيل”.
بين كل ردود الفعل التي صدرت فوراً على بيان معراب، تميّز “التيار الوطني الحر” والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان وحدهما بمهاجمة لقاء معراب عموماً وجعجع خصوصاً.
ففي مقدمة النشرة المسائية لتلفزيون “أو تي في” الناطقة باسم “التيار أول أمس السبت ، قالت القناة أنّ محاولة جعجع “تزعم المعارضة ضد “حزب الله” في لبنان باءت بالفشل”.
وفي اليوم التالي ، أورد الموقع الإلكتروني لـ”التيار” أنّ “قيادة “القوات اللبنانية” تدقّق في خلفية موقف الرئيس فؤاد السنيورة الرافض للاجتماع الذي حصل في معراب. وتبيّن أنّ السبب الرئيس لكل ما حصل رفض مكوّن وازن الظهور بمظهر الملحق بـ”القوات اللبنانية” أو التسليم بقيادة رئيسها له”.
أما المفتي قبلان فحرص في مستهل بيانه الذي أصدره بعد لقاء معراب على القول ، أنه “بغض النظر عن نوايا المجتمعين”، فإنّ “إطلاق النار على سلاح المقاومة إطلاق نار على قلب السيادة اللبنانية والمصلحة الوطنية وقوة تحرير لبنان واستقلاله”.
في أي حال ، إذا كان من “حسنة” تسجل لـ”التيار” برئاسة النائب جبران باسيل، أنه قام بواجبه على أكمل وجه في إطلاق النار على لقاء سياسي وازن من حيث الحضور، والذي يمثل أول تحرك من نوعه منذ انزلاق لبنان إلى حقل الألغام في 8 تشرين الأول الماضي. وفي إطلاق النار هذا ، نزع وريث حليف “الحزب” في “تفاهم مار مخايل” 2006 بقايا الأقنعة التي حاول التواري خلفها بعد كارثة “المشاغلة” التي بدأها “حزب الله” قبل أكثر من سبعة أشهر على الجبهة الجنوبية.
أما هذه الأقنعة المشار إليها، فهي انطلقت في سياق متدحرج افتتحه مؤسس “التيار” الرئيس السابق ميشال عون ولحقه وريثه في انتقاد ما يفعله “الحزب” في الجنوب، ثم انعطف هذا السياق إلى تحالف بين “التيار” و”الحزب” في انتخابات نقابة المهندسين مروراً بالتكافل والتضامن في تطيير الانتخابات البلدية والاختيارية.
ما أنجزه لقاء معراب عملياً، هو سحب ورقة “التيار” القائمة على انتقاد “الحزب” من التداول. وأيّ معنى للانتقاد بعد اليوم، إذا لم يكن مقترناً بالدعوة إلى تطبيق القرار 1701 الذي يتضمن الحل لانتشال لبنان عموماً والجنوب خصوصاً من الهاوية التي جرّ “الحزب” الوطن إليها؟
بالعودة إلى اليوم التالي في لقاء معراب، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد أمس: “فليفحص المسؤولون المدنيّون والسياسيّون ضمائرهم، إذا كانت في قلوبهم فضيلتا الإيمان بالله ومحبتّه. لو كانتا في قلوبهم، لتفانوا في تأمين الخير العام، وأعادوا إلى الدولة مؤسّساتها الدستوريّة الفاعلة والشرعيّة بدءًا بانتخاب رئيس للجمهوريّة، ولسهروا بكلّ قواهم على تجنيب جنوب لبنان وشعبنا الحرب مخلفة الضحايا والجرحى والتهجير والدمار، من أجل قضيّة لا علاقة لها بلبنان وقضيّته وسلامه واستقراره”.
من يقرأ بيان معراب بتأنٍّ يدرك أنه لاقى البطريرك في ما دعا إليه. ومن يتابع “التيار” يعرف تماماً أنه لا فائدة من قراءة “مزامير” بكركي على من قرر أن يكون تابعاً لـ”حزب الله”.