الياس بجاني/نص وفيديو: ذكرى ملعونة واسخريوتية بتاريخ لبنان، ذكرى توقيع ورقة التفاهم بين نصرالله وعون في 6 شباط 2006/مع نص الورقة باللغتين العربية والإنكليزية

423

الياس بجاني/نص وفيديو: ذكرى ملعونة واسخريوتية بتاريخ لبنان، ذكرى توقيع ورقة التفاهم بين نصرالله وعون في 6 شباط 2006/

الياس بجاني/06 شباط/2024

النبي اشعيا (33/01و02/: “ويل لك أيها المخرب وأنت لم تخرب، وأيها الناهب ولم ينهبوك. حين تنتهي من التخريب تخرب، وحين تفرغ من النهب ينهبونك. يا رب، تراءف علينا . إياك انتظرنا. كن عضدهم في الغدوات. خلاصنا أيضا في وقت الشدة” 

متى 18/من06-07: “أمَّا مَنْ يُعثِرُ أحَدَ هَؤُلَاءِ الصِّغَارِ المُؤْمِنِينَ بِي، فَسَيَكُونُ أفْضَلَ لَهُ لَوْ أنَّ حَجَرَ الرَّحَى وُضِعَ حَوْلَ رَقَبَتِهِ، وَأُلقِيَ بِهِ فِي البَحْرِ فَغَرِقَ! وَيْلٌ لِلعَالَمِ مِنْ هَذِهِ العَثَرَاتِ الَّتِي لَا بُدَّ أنْ تأتِيَ، لَكِنْ وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَسَبَّبُونَ بِهَا”. (مَرْقُس 9‏:42‏-48؛ لُوقَا 17‏:1‏-2)

قيل لنا يوم تم توقيع ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر في 06 شباط عام 2006 بأن الهدف الأساسي من توقيعها هو اعادة حزب الله إلى حضن الدولة اللبنانية ولبننته..

اليوم وبعد مرور 18 سنة على توقيعها العكس تماماً هو ما حصل.. فقد ألغى الحزب الدولة بكل مقوماتها، وحولها إلى أداة طيعة بيده، ووضعها في مواجهة مع غالبية الشعب اللبناني، ومع الدول العربية، ومع معظم دول العالم، وذلك خدمة للمشروع الإيراني العسكري التوسعي..

لقد حول الحزب لبنان عملياً وواقعاً معاشاً إلى إلى قاعدة حربية ومعسكر ومخزن سلاح إيراني.

في مراجعة سريعة لبنود الورقة نرى إن أخطر بنودها هو البند العاشر الذي يتناول سلاح حزب الله.
هذا البند يصف سلاح الحزب بأنه وسيلة مقدسة.

واللافت في هذا التوصيف الهرطقي هو إنها المرة الأولى في لبنان حيث يعتبر فيها فريق غير حزب الله (التيار الوطني الحر) أن السلاح هو وسيلة مقدسة.
وبالتالي فإن التعاطي مع سلاح حزب الله طبقاً لهذا المفهوم هو تعاط مع الآلهة، وهنا تكمن معضلة وصعوبة بل استحالة مناقشة هذا الأمر المقدس مع قيادة الحزب ومع راعيته إيران، فعندما تكون الوسيلة مقدسة تصبح بالتالي الغاية إلهية.

إن المستغرب في موضوع القداسة هذا هو قبول الطرف الآخر الموقع على الورقة به، أي التيار الوطني.. وهو من المفترض أنه تنظيم سيادي واستقلالي وعلماني ومقاوم لقوى الإحتلال.

هذا، وكان ولا يزال مستهجناً جداً التوقيع على ورقة مع حزب هو ديني ومذهبي وإيراني ومشروعه إيراني تقول إن سلاحه مقدس، وهو في البداية وبالنهاية عملياً وواقعاً سلاح مذهبي وإيراني وميليشياوي وليس شرعياً ولا هو تابع للدولة اللبنانية ولا هو بأمرتها.

عليماً فإن هذا المفهوم الرباني للسلاح والأهداف الإلهية لاستعماله قد سهل لدويلة الحزب ولمرجعيته الإيرانية الإمساك بالدولة والسيطرة الكاملة عليها.. وقد ظهر ولا يزال يتمظهر هذا الأمر الغريب والعجيب واللاسيادي واللااستقلالي واللادستوري بقوة في العديد من المناسبات الشاذة واللافتة من حروب الحزب وعملياته العسكرية والإرهابية الخارجية، ومن غزواته وغزوات اذرعته الميليشياوية داخل لبنان والتي كان أخرها قبل أيام من خلال غزوتي منطقتي “الشالوحي والحدث” في ضواحي العاصمة بيروت.

فبعد مرور 18 سنة على توقيع ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر لم يحصد لبنان وشعبه منها غير الكوارث الوطنية بكافة أشكالها وأنواعها السيادية والوطنية والدستورية والأمنية والاقتصادية، إضافة إلى تعكير، بل ضرب، علاقات لبنان الدولية والعربية والإقليمية.

الورقة عملياً كانت ولا تزال أداة هدامة في ضرب وتهميش ومصادرة الدولة لمصلحة الدويلة، وفي الهيمنة على كل قرارات الدولة الكبيرة والصغيرة، وخصوصاً قرار السلم والحرب.

بعض حصاد الورقة محلياً مباشرة وبشكل غير مباشر
*منع قيام الدولة وتعطيل استعادة السيادة والاستقلال.
*هيمنة الدويلة على الدولة.
*تعطيل الدستور وتهميش المؤسستين التشريعية والتنفيذية وهيمنة حزب الله على مؤسسات الدولة كافة.
*فرض إرادة حزب الله في انتخابات رئيس الجمهورية وفي انتخابات المجلس النيابي وفي تعيين مجلس الوزراء.
*انهيار اقتصادي لم يعرفه لبنان في تاريخه المعاصر.
*مستويات مرتفعة جداً وغير مسبوقة من البطالة والفقر.
*هجرة كبيرة طاولت كل الشرائح وكل المذاهب.
*غياب الطبقة المتوسطة وتفشي الصفقات والسمسرات والتهريب والتطاول على القانون والأمن.
*تفلت امني خطير وغياب كل ما هو محاسبة.
*تشريع الحدود ودخول حزب الله في حروب إقليمية لمصلحة المشروع الإيراني.
*فرض قانوني انتخابي هجين يخدم المشروع الإيراني.
*فرض هرطقة ما يسمى بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.
*غزوات لبيروت والجبل وإسقاط حكومات وسلسلة من الاغتيالات.
*تعهير الدستور في اتفاقية الدوحة العار.
*كساد المحاصيل الزراعية وضرب قطاع الصناعة اللبنانية بسبب مشاركة حزب الله في الحرب السورية وإقفال طرق التصدير
*تعطيل قطاع الخدمات من كهرباء وماء وقمامة ومواصلات وصحة وغيرها كون الدولة معطلة وقرارها مصادر.
*قيود وعقوبات دولية وعربية وإقليمية شديدة على القطاع المصرفي على خلفية اتهامات لحزب الله في تبيض الأموال والتجارة بالمخدرات.
*تسبب حزب الله بحرب مع إسرائيل عام 2006.

بعض حصاد الورقة عربياً مباشرة وبشكل غير مباشر
*ضرب علاقات لبنان بمعظم الدول العربية وخصوصاً الخليجية منها بسبب مهاجمة حزب الله لأنظمتها واستهداف أراضيها بعمليات إرهابية لمصلحة حكام إيران وتهديد مصير حوالي نصف مليون لبناني يعملون فيها.
*ضرب السياحة العربية إلى لبنان ومنع عدد لا بأس به من الدول العربية مواطنيها من السفر إلى لبنان.

بعض حصاد الورقة دولياً مباشرة وبشكل غير مباشر
*تعطيل تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بلبنان وخصوصاً القرارين 1559 و1701 إضافة إلى اتفاقية الهدنة واتفاقية الطائف.
*وصم لبنان بالإرهاب كون حزب الله موضوع على قوائم الإرهاب في معظم دول العالم ومن ضمنها عدد كبير من الدول العربية.
*مضايقة اللبنانيين فيما يخص السفر على بلدان كثيرة على خلفية وضع حزب الله على قوائم الإرهاب.
الورقة باختصار ساهمت إلى حد كبير في بقاء لبنان دولة فاقدة لقرارها، وغير قادرة على ضبط حدودها، ومؤسساتها شبه معطلة، وإعاقة قيام المؤسسات وسلمت الدولة للدويلة .. وتطول القائمة..

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني
[email protected]
رابط موقع الكاتب الألكتروني
http://www.eliasbejjaninews.com

في أسفل نص الورقة باللغتين العربية والإنكليزية

نص ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر المعلنة بتاريخ 6 شباط/فبراير 2006
في 6 شباط/فبراير من العام 2006 وقّع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس التيار الوطني الحر(آنذاك) العماد ميشال عون التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني، وفي كنيسة مار مخايل على تخوم الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.
وهذا نص التفاهم بين الحزب والتيار:
1 – الحوار:
إن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد لإيجاد الحلول للأزمات التي يتخبط فيها لبنان، وذلك على قواعد ثابتة وراسخة، هي انعكاس لإرادة توافقية جامعة، ما يقتضي توفر الشروط الضرورية التالية لنجاحه:
أ – مشاركة الأطراف ذات الحيثية السياسية والشعبية والوطنية، وذلك من خلال طاولة مستديرة.
ب – الشفافية والصراحة، وتغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى، وذلك بالاستناد الى إرادة ذاتية، وقرار لبناني حر وملتزم.
ج – شمول كل القضايا ذات الطابع الوطني، والتي تقتضي التوافق العام.
2 – الديموقراطية التوافقية:
إن الديموقراطية التوافقية تبقى القاعدة الأساس للحكم في لبنان، لأنها التجسيد الفعلي لروح الدستور، ولجوهر ميثاق العيش المشترك. من هنا فإن أي مقاربة للمسائل الوطنية وفق معادلة الأكثرية والأقلية تبقى رهن تحقق الشروط التاريخية والاجتماعية للممارسة الديموقراطية الفعلية التي يصبح فيها المواطن قيمة بحد ذاته.
3 – قانون الانتخاب:
إن إصلاح وانتظام الحياة السياسية في لبنان تستوجبان الاعتماد على قانون انتخاب عصري، قد تكون النسبية أحد أشكاله الفعالة، بما يضمن صحة وعدالة التمثيل الشعبي ويسهم في تحقيق الأمور التالية:
1 – تفعيل عمل الأحزاب وتطويرها وصولاً الى قيام المجتمع المدني.
2 – الحد من تأثير المال السياسي والعصبيات الطائفية.
3 – توفر فرص متكافئة لاستخدام وسائل الإعلام المختلفة.
4 – تأمين الوسائل اللازمة لتمكين اللبنانيين المقيمين في الخارج من ممارسة حقهم الانتخابي.
إن الحكومة والمجلس النيابي مطالبان بالتزام أقصر المهل الزمنية الممكنة لإقرار القانون الانتخابي المطلوب.
4 – بناء الدولة:
إن بناء دولة عصرية تحظى بثقة مواطنيها وقادرة على مواكبة احتياجاتهم وتطلعاتهم وعلى توفير الشعور بالأمن والأمان على حاضرهم ومستقبلهم، يتطلب النهوض بها على مداميك راسخة وقوية لا تجعلها عرضة للاهتزاز وللأزمات الدورية كلما أحاطت بها ظروف صعبة، أو متغيرات مفصلية، الأمر الذي يفرض مراعاة التالي:
أ – اعتماد معايير العدالة والتكافؤ والجدارة والنزاهة.
ب – إن القضاء العادل والنزيه هو الشرط الضروري لإقامة دولة الحق والقانون والمؤسسات، وهذا يستند إلى:
– الاستقلالية التامة لمؤسسة القضاء واختيار القضاة والمشهود لهم بالكفاءة بما يفعّل عمل المحاكم على اختلافها.
– احترام عمل المؤسسات الدستورية وإبعادها عن التجاذبات السياسية وتأمين استمرارية عملها وعدم تعطيلها (المجلس العدلي والمجلس الدستوري) ويشكّل ما جرى في المجلس الدستوري نموذجاً لعملية التعطيل خاصة في مسألة الطعون النيابية المقدمة أمامه والتي لم يجرِ البت بها الى الآن.
ج – معالجة الفساد من جذوره، حيث إن المعالجات الظرفية والتسكينية لم تعد كافية، وإنما باتت مجرد عملية تحايل تقوم بها القوى المستفيدة من الفساد بكل مستوياته لإدامة عملية نهبها لمقدرات الدولة والمواطن معاً. وهذا ما يتطلّب:
– تفعيل مؤسسات ومجالس الرقابة والتفتيش المالي والإداري، مع التأكيد على فصلها عن السلطة التنفيذية لضمان عدم تسييس أعمالها.
– إجراء مسح شامل لمكامن الفساد، تمهيداً لفتح تحقيقات قضائية تكفل ملاحقة المسؤولين واسترجاع المال العام المنهوب.
– تشريع ما يلزم من قوانين تسهم في محاربة الفساد بكل أوجهه والطلب الى الحكومة توقيع لبنان على معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
– العمل على إصلاح إداري شامل يكفل وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، لا سيما أولئك المشهود لهم بالجدارة والكفاءة ونظافة الكف، وذلك عبر تفعيل دور مجلس الخدمة المدنية وقيامه بصلاحياته الكاملة.
– وضع مهل زمنية لمعالجة هذه القضايا؛ لأن عامل الوقت بات مميتاً، والأمر يتطلب معالجات حكيمة وسريعة في آن، تستخدم الوقت لمصلحتها بدل أن يستخدمه الفاسدون لمصلحتهم.
5 – المفقودون خلال الحرب:
إن طي صفحة الماضي وإجراء المصالحة الوطنية الشاملة يتطلّب إنهاء ما بقي من ملفات الحرب العالقة. وان ملف المفقودين في الحرب يحتاج الى وقفة مسؤولة تنهي هذا الوضع الشاذ وتريح الأهالي الذي لا يمكن مطالبتهم المسامحة من دون احترام حقهم بمعرفة مصير أبنائهم، لذلك نطلب من كافة القوى والأحزاب التي شاركت في الحرب التعاون الكامل لكشف مصير المفقودين وأماكن المقابر الجماعية.
6 – اللبنانيون في “إسرائيل”:
انطلاقاً من قناعتنا ان وجود أي لبناني على أرضه هو أفضل من رؤيته على أرض العدو فإن حل مشكلة اللبنانيين الموجودين لدى إسرائيل تتطلّب عملاً حثيثاً من أجل عودتهم الى وطنهم آخذين بعين الاعتبار كل الظروف السياسية والأمنية والمعيشية المحيطة بالموضوع؛ لذلك نوجه نداء لهم بالعودة السريعة الى وطنهم استرشاداً بنداء سماحة السيد حسن نصر الله بعد الانسحاب “الإسرائيلي” من جنوب لبنان واستلهاماً بكلمة العماد عون في أول جلسة لمجلس النواب.
7 – المسألة الأمنية:
أولاً، في الاغتيال السياسي:
إن كل شكل من أشكال الاغتيال السياسي هو أمر مدان ومرفوض لتناقضه مع الحقوق الأساسية للإنسان، ومع أهم ركائز وجود لبنان المتمثلة بالاختلاف والتنوع، ومع جوهر الديموقراطية وممارستها.
من هنا، فإننا بقدر ما ندين عملية اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما سبقها وما تلاها من عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال وصولاً الى اغتيال النائب جبران التويني، نشدّد على أهمية استمرار التحقيق وفق الآليات المقررة رسمياً وصولاً الى معرفة الحقيقة فيها، التي هي أمر لا يمكن إخضاعه لأي مساومة، باعتباره الشرط الضروري لإحقاق العدالة وإنزالها بحق المجرمين، ولوقف مسلسل القتل والتفجير. لذا، من الواجب إبعاد هذه القضايا عن محاولات التوظيف السياسي التي تسيء لجوهرها، ولجوهر العدالة التي يجب أن تبقى فوق أي نزاعات أو خلافات سياسية.
ثانياً، في الإصلاح الأمني:
إن إصلاح الأجهزة الأمنية جزء لا يتجزأ من عملية الإصلاح الشامل لمؤسسات الدولة الأساسية، ولإعادة بنائها على قواعد صحيحة وثابتة.
ونظراً للموقع الحساس الذي تحتله الأجهزة الأمنية في حفظ وحماية الاستقرار الأمني في البلاد إزاء أي خروقات أو تهديدات تمسّه، يجب إيلاء عملية بنائها عناية مركزة، من هنا فإن الحكومة مدعوّة لتحمل مسؤولياتها كاملة، وفق التالي:
أ – وضع خطة أمنية متكاملة تقوم على مركزية القرار الأمني تنهض على تحديد واضح للعدو من الصديق، ولمكامن التهديد الأمني ومنها مسألة الإرهاب والثغر الأمنية الواجب معالجتها.
ب – تحييد الأجهزة الأمنية عن الاعتبارات والمحسوبيات السياسية وأن يكون ولاؤها وطنياً بالكامل.
ج – إيلاء مسؤولياتها لشخصيات مشهود لها بالكفاءة ونظافة الكف.
د – إن الإجراءات الأمنية يجب أن لا تتناقض مع الحريات الأساسية التي نص عليها الدستور وفي طليعتها حرية التعبير والممارسة السياسية، من دون أن يؤدي ذلك إلى الإخلال بالأمن والاستقرار العام.
هـ – تشكيل لجنة برلمانية أمنية تواكب عملية الإصلاح والبناء الأمنيين وتراقبهما.
8 – العلاقات اللبنانية السورية:
إن إقامة علاقات لبنانية سورية سويّة وصحيحة تقتضي مراجعة التجربة السابقة باستخلاص ما يلزم من العبر والدروس ولتلافي ما علق بها من أخطاء وشوائب وثغرات، وبما يمهّد الطريق للنهوض بهذه العلاقات على أسس واضحة من التكافؤ والاحترام الكامل والمتبادل لسيادة الدولتين واستقلالهما على قاعدة رفض العودة الى أي شكل من أشكال الوصاية الخارجية. لذا يجب:
أ – اتخاذ الحكومة اللبنانية كافة الخطوات والإجراءات القانونية المتعلقة بتثبيت لبنانية مزارع شبعا وتقديمها الى الأمم المتحدة وذلك بعد أن أعلنت الدولة السورية لبنانيتها الكاملة.
ب – ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا بعيداً عن التشنجات التي تؤدي الى تعطيل العملية التي طالما احتاج لبنان وسوريا على إنهائها ضمن اتفاق البلدين.
ج – مطالبة الدولة السورية بالتعاون الكامل مع الدولة اللبنانية من أجل كشف مصير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية في أجواء بعيدة عن الاستفزاز والتوتر والسلبية التي من شأنها إعاقة البت في هذا الملف على نحو إيجابي.
د – إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين وتوفير الظروف الملائمة لها بما ينقل العلاقة من الأفراد والمجموعات الى علاقة بين المؤسسات بحيث تؤمن استمرارها وثباتها.
9 – العلاقات اللبنانية الفلسطينية:
إن معالجة الملف الفلسطيني يتطلب مقاربة شاملة تؤكد من جهة احترام الفلسطينيين لسلطة الدولة اللبنانية والتزامهم بقوانينها، وتجدد التضامن مع قضيتهم واستعادتهم لحقوقهم، وذلك حسب القواعد التالية:
أ – إن الوضع الاجتماعي للفلسطينيين يستدعي الاهتمام الشديد لناحية تحسين الظروف المعيشية وتأمين المستوى اللائق لأسس الحياة الإنسانية الكريمة وفق ما يقتضيه التعاون الثنائي وشرعة حقوق الإنسان إضافة الى إعطائهم التسهيلات اللازمة للانتقال داخل وخارج الأراضي اللبنانية.
ب – إن حق العودة للفلسطينيين هو أمر أساسي ثابت، ورفض التوطين هو أمر يجمع عليه اللبنانيون ولا يمكن التراجع عنه بأي شكل من الأشكال.
ج – تحديد العلاقة بين الدولة اللبنانية والفلسطينيين في إطار مؤسساتي فلسطيني واحد يكون ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني في لبنان بما يؤمن حسن التنسيق والتعاون.
د – معالجة ملف إنهاء السلاح خارج المخيمات وترتيب الوضع الأمني داخلها يجب أن يتم في إطار من الحوار الجاد والمسؤول والحثيث بين الحكومة اللبنانية والفلسطينيين، بما يؤدي الى بسط سلطة الدولة وقوانينها على كافة الأراضي اللبنانية.
10 – حماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته:
إن حماية لبنان وصون استقلاله وسيادته هما مسؤولية وواجب وطني عام تكفلهما المواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان لا سيما في مواجهة أي تهديدات أو أخطار يمكن أن تنال منهما من أي جهة أتت. من هنا، فإن حمل السلاح ليس هدفاً بذاته وإنما وسيلة شريفة مقدسة تمارسها أي جماعة تحتلّ أرضها تماماً، كما هي أساليب المقاومة السياسية.
وفي هذا السياق فإن سلاح حزب الله يجب أن يأتي من ضمن مقاربة شاملة تقع بين حدين: الحد الأول هو الاستناد الى المبررات التي تلقى الإجماع الوطني والتي تشكل مكامن القوة للبنان واللبنانيين في الإبقاء على السلاح، والحدّ الآخر هو تحديد الظروف الموضوعية التي تؤدي إلى انتفاء أسباب ومبررات حمله.
وبما أن “إسرائيل” تحتل مزارع شبعا وتأسر المقاومين اللبنانيين وتهدّد لبنان فإن على اللبنانيين تحمّل مسؤولياتهم وتقاسم أعباء حماية لبنان وصيانة كيانه وأمنه والحفاظ على استقلاله وسيادته من خلال:
1 – تحرير مزارع شبعا من الاحتلال الإسرائيلي.
2 – تحرير الأسرى اللبنانيين من السجون الإسرائيلية.
3 – حماية لبنان من الأخطار الإسرائيلية من خلال حوار وطني يؤدي إلى صياغة استراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون وينخرطون فيها عبر تحمّل أعبائها والإفادة من نتائجها.

Memorandum of understanding by Hezbollah and Free patriotic movement
by Général Michel Aoun, Hassan Nasrallah
February 06, 2006
INTRODUCTION
The first meeting ever between the head of the Change and Reform Bloc, MP Michel Aoun, and the Secretary General of Hezbollah, Sayyed Hassan Nasrallah, took place today afternoon at St. Michael Church in Shiah in the presence of Mahmoud Comati and Ghaleb Abu-Zeinab from Hezbollah, and Gebran Bassil, Ziad Abs and Fuad Al-Ashkar from the Free Patriotic Movement (FPM). The meeting was held under high security measures around the periphery of the church.
The meeting lasted 3 hours, at the end of which a joint memorandum of understanding between the FPM and Hezbollah was made public and read by Abu-Zeinab and Bassil. The following is the text the memorandum dated February 6, 2006
1 – DIALOGUE
National dialogue is the only avenue to find solutions for Lebanon’s crises on stable and firm bases that are a reflection of a unifying consensual will. The following conditions must obtain to ensure its success:
A- The participation of the parties that have a political, popular and national standing with a round table as a venue.
B- Transparency, openness, and placing the interests of the nation above any other interest, through the reliance on self-driven will, and a free and committed Lebanese decision-making.
C- Include all issues of a national character and requiring general concordance.
2 – CONSENSUAL DEMOCRACY
Consensual democracy remains the fundamental basis for governance in Lebanon, because it is the effective embodiment of the spirit of the Constitution and of the essence of the pact of shared coexistence. From this standpoint, any approach for resolving national issues according to a majority- minority formula remains dependent on historic and social conditions for practicing effective democracy in which the citizen becomes a self standing value.
3 – THE ELECTORAL LAW
The reform and systematization of political life in Lebanon require the adoption of a modern electoral law (in which proportional representation may be one of its effective variations) that guarantees the accuracy and equity of popular representation and contributes in accomplishing the following items:
A- Actuate and develop the role of the political parties in achieving civil society.
B- Limit the influence of political money and sectarian fanaticisms.
C- Make available equal opportunities for using the various media channels.
D- Secure the required means for enabling the expatriate Lebanese to exercise their voting rights. We demand the Government and Parliament to commit to the shortest possible deadline to enact the required electoral law.
4– BUILDING THE STATE
Building a modern State that enjoys the trust of its citizens and is able to meet their needs and aspirations, and provide them with the sense of security and safety as to their present and future, requires that State to be erected on strong and solid foundations that make it impervious to destabilization and periodic crises whenever it is threatened by difficult circumstances or changes. This requires adhering to the following:
A- Adopt the standards of justice, equality, parity, merit and integrity.
B- An equitable and impartial judiciary is the essential condition for creating a State of rights,laws and institutions, which is based on:
a- The complete independence of the judiciary as an institution and the selection of judges with recognized competence in order to activate the work of all courts
b- Respect for the actions of the constitutional institutions; shelter them from political polarization; ensure the continuity of their work; and prevent their breakdown (the Judicial Council and the Constitutional Council). What happened in the Constitutional Council is an example of such a breakdown, particularly with respect to the issue of parliamentary challenges submitted to it and which have not yet been decided.
c- Address corruption at the root, because temporary and pacifying solutions are no longer sufficient. They have in fact become a simple exercise in deception that the beneficiaries of corruption at all levels carry out to perpetuate the theft of the resources of the State and the citizen. This requires:
I- Activate the financial and administrative control and inspection institutions and boards, with the mandate to separate them from the executive power in order to guarantee that their work is not politicized.
II- Conduct a complete survey of the pockets of corruption, in preparation for opening judicial investigations that ensure the prosecution of those responsible for corruption, and return the embezzled public funds.
III- Legislate the required laws that contribute to combating corruption in all its aspects and demand of the government that Lebanon signs on the United Nations Treaty for Combating Corruption.
IV- Act toward a global administrative reform that ensures that the right person is assigned to the right position, particularly those whose merit, competence and integrity are recognized. This can be accomplished by empowering the Civil Service Council to assume its full prerogatives. Timeframes and deadlines need to be set for actions on these issues because the factor of time has become critical. The matter requires solutions that are simultaneously judicious and rapid and that use the time factor to their advantage instead of the corrupt using it to theirs.
5– THE MISSING DURING THE WAR
To turn the page of the past and have global national reconciliation, all the outstanding files of the war must be closed. The file of the missing in the war requires a stance of responsibility to end this anomalous situation and put the parents’ minds at ease. The parents cannot be expected to forgive without respecting their rights to know the fate of their children. Which is why we ask all the forces and parties that participated in the war for their full cooperation to uncover the fate of the missing and the locations of the mass graves.
6– THE LEBANESE IN ISRAEL
Whereas both sides are convinced that the presence of Lebanese citizens in their homeland is better than their presence in enemy territory, a resolution of the question of the Lebanese residing in Israel requires a speedy action to ensure their return to their country while taking in consideration all the political, security and livelihood circumstances surrounding the matter. On this basis, we issue a call to them to promptly return to their country at the basis of the call by His Eminence Sayyed Hassan Nasrallah following the Israeli withdrawal from south Lebanon and the speech delivered by General Michel Aoun at the first assembly of Parliament.
7– THE SECURITY QUESTION
First- political assassinations: Any form of political assassination is condemned and rejected because of its violation of basic human rights, the most important foundations of the existence of Lebanon represented by difference and diversity, and the essence of democracy and its practice. Therefore, to the extent that we condemn the assassination of His Excellency the martyr President Rafik Hariri and all assassinations and assassination attempts that preceded and followed it leading to the assassination of MP Gibran Tueni, we emphasize the importance of proceeding forward with the investigation according to the officially-approved mechanisms in order to uncover the truth, which is an issue that cannot be subjected to any compromise because it is a required condition to achieve justice and serve it against the criminals, as well as to bring an end to the cycle of murder and bombings. For this reason, it is an obligation to distance these issues from any attempts at politically exploiting them, which would harm their essence and the essence of justice that must remain above any political conflicts or disagreements.
Second- Security Reforms: A reform of the Security Services is an inseparable part of the broader reform process of the basic State institutions, and to rebuild them on sound and solid bases. Given the delicate position that the Security Services occupy in protecting and defending a stable security environment in the country against any breaches or threats, the process of building those Services must be given special attention. As such, the government is hereby urged to assume its full responsibilities as follows:
A- Put in place an integrated security plan based on the centralization of decision in security matters and a clear definition of enemy versus friend, the foci of security threats, including the question of terrorism and security breaches that must be addressed.
B- Neutralize the Security Services against any political considerations and patronages, such that their full loyalty is to the nation alone.
C- Assign the responsibility of the Services to personalities with recognized competence and integrity.
D- Security measures must not be in conflict with the basic freedoms guaranteed by the Constitution, with first the freedom of expression and political action that do not threaten security and public stability.
E- Constitute a joint Parliamentary-Security Services committee that would oversee and control the reform and building processes of the Security Services.
8– LEBANESE-SYRIAN RELATIONS
The establishment of mutual and sound Lebanese-Syrian relations requires a review of the past experience and drawing the necessary conclusions and lessons in order to avoid the accumulated mistakes, blemishes and breaches. This is in order to pave the way to re-cast these relations on clear bases on parity and the full and mutual respect for the sovereignty and independence of both States, and on the grounds of a rejection of a return to any form of foreign tutelage.
Therefore, it is required:
A- That the Lebanese government take all legal measures and procedures pertaining to the assertion of the Lebanese identity of the Shebaa Farms and present these to the United Nations, after the Syrian State has declared the Shebaa Farms to be fully Lebanese in identity.
B- Delineate the borders between Lebanon and Syria, while eliminating the tensions that could break down the process, as both Lebanon and Syria have a long-standing need to complete this process as part of an agreement by the two countries.
C- Demand the Syrian State to fully cooperate with the Lebanese State in order to uncover the fate of the Lebanese detainees in Syrian prisons in the absence of provocation, tension and negativity that would hinder a positive resolution to this file.
D- Establish diplomatic relations between the two countries and provide appropriate conditions for them, which would move the relation from one between individuals and groups to one between institutions in order to secure their permanence and constancy.
9– LEBANESE-PALESTINIAN RELATIONS
Addressing the Palestinian file requires a global approach that asserts, on one hand, the respect by the Palestinians of the authority of the Lebanese State and their compliance with its laws, and on the other hand, the reaffirmation of solidarity with their cause and their recovery of their rights, in accordance with the following rules:
A- The social condition of the Palestinians requires a strong attention to improving their living conditions and securing a decent standard for the bases of a dignified human life according to the mandates of bilateral cooperation and the human rights charter, in addition to giving them the required facilitations to move inside and outside of Lebanese territory.
B- The Right of Return of the Palestinians is a fundamental and permanent right, and the rejection of the settling of Palestinian refugees in Lebanon is an issue that has the consensus of the Lebanese people and cannot be conceded under any circumstance.
C- Define the relationship between the Lebanese State and the Palestinians in a single institutional Palestinian framework that would be a legitimate representative of the Palestinian people in Lebanon in a manner conducive to proper coordination and cooperation.
D- Address the issue of bringing the practice of weapons outside the camps to an end, and make arrangements for the security situation inside the camps. This must be done as part of a serious, responsible and close dialogue between the Lebanese government and the Palestinians, leading to the exercise of the State’s authority and laws over all Lebanese territory.
10– THE PROTECTION OF LEBANON AND PRESERVING ITS INDEPENDENCE AND SOVEREIGNTY
The protection of Lebanon and the preservation of its independence and sovereignty are a national public responsibility and duty, guaranteed by international treaties and the Human Rights Charter, particularly in confronting any threats or dangers from any source that could harm them.
Therefore, carrying arms is not an objective in itself. Rather it is an honorable and sacred means that is exercised by any group whose land is occupied, in a manner identical to the methods of political resistance. In this context, Hezbollah’s weapons should be addressed as part of a global approach that falls within two bounds:
The first bound is the reliance on justifications that meet a national consensus for keeping the weapons, which would constitute a source of strength for Lebanon and the Lebanese people, and the other bound is the definition of objective conditions that would lead to a cessation of the reasons and justifications for keeping those weapons. Since Israel occupies the Shebaa Farms, imprisons Lebanese resistance members and threatens Lebanon, the Lebanese people should assume their responsibilities and share the burden of protecting Lebanon, safeguarding its existence and security and protecting its independence and sovereignty by:
A- Liberating the Shebaa Farms from the Israeli occupation.
B- Liberating the Lebanese prisoners from Israeli prisons.
C- Protecting Lebanon from Israeli threats through a national dialogue leading to the formulation of a national defense strategy over which the Lebanese agree to and subscribe to by assuming its burdens and benefiting from its outcomes.
Général Michel Aoun
Hassan Nasrallah
**Translation : Joseph Hitti.

من الأرشيف/قراءة في اورقة التفاهم للكاتب والصحافي السيادي الياس الزغبي

الزغبي لموقع “جنوبيّة”: “ورقة مار مخايل” بُنيت على خلل خطير لأنّ سلاح ميليشيا لا يبني دولة، والمطلوب “تغيير أو إصلاح” بندها العاشر
جنوبية/06 شباط/18
بعد 12 عاماً على العلاقة بين “حزب الله” و”التيّار العوني” كيف تُقرأ ورقة تفاهم مار مخايل الشهيرة، التي أوصلت ميشال عون لرئاسة الجمهورية وشرعت سلاح حزب الله لدى نصف المسيحيين، وهل أثّرت تصريحات رئيس “التيّار” عليها؟
في هذا السياق، أكّد الكاتب والمحلّل السياسي الياس الزغبي في حديث لـ”جنوبية” أنّه لا شكّ أنّ “إثنتي عشرة سنة كانت أكثر من كافية لإثبات الخلل الوطني الخطير الذي بُنيَ عليه هذا التفاهم، صحيح أن هناك عشرة بنود، بعضُها يتعلق ببناء الدولة ويتحدث عن الدولة المدنية وعن الحوار والديمقراطية، وعن الاحتلال السوري الذي وصفته الورقة بمجرّد تجربة شهدت أخطاء وثغرات، وعن العلاقة مع الفلسطينيين، وعن عودة النازحين الجنوبيين إلى إسرائيل وما إلى ذلك، غير أنّ كل هذه البنود التسعة جاءت لتخدم البند العاشر والأخير الذي يتحدث عن سلاح حزب الله تحت عنوان حماية لبنان وصيانة السيادة والإستقلال”.
وأضاف الزغبي “هذا البند في حقيقته ونصّه ينسف كل البنود التسعة الأُخرى، خصوصاً البند الرابع الذي يتحدث عن بناء الدولة، حيث أنّه يُطلق يدَ سلاح حزب الله بشكل كامل في الميدانيَن الزماني والمكاني، فيبقى السلاح بحجة توافر “الظروف الموضوعية” إلى أمدَ غير منظور وغير مربوط بأيَ مهلة أو بأي إستحقاق حتى لو تمَ تحرير كُلَ الأراضي اللبنانية، وهذا ما حصل فعلا في انخراط سلاح حزب الله في حروب المنطقة وليس فقط في جنوب لبنان”.
وتابع: “هذا البند الخطير أي البند العاشر والذي يصف سلاح حزب الله بأنه “وسيلة شريفة مُقدسة” من شأنه أن يُلغي كُل البنود الأُخرى، فلا يُمكن بناء دولة مدنية أو غير مدنية، ولا يُمكن البحث عن الاستقرار، ولا يُمكن الحديث عن الديمقراطية وعن التوازن والشراكة والميثاقية تحت ضغط سلاح غير شرعيَ خارج الأُطر التنظيمية الشرعية للدولة اللبنانية التي يُمثلها الجيش اللبناني وقوى الأمن الشرعية”.
وخلص الزغبي إلى أنه” بعد 12 عاماً، هذا الإتفاق كشف عن حقيقته بأنّه كان لخدمة سلاح حزب الله فقط لا غير، مقابل بعض المنافع في السلطة والمال للطرف الآخر. لذلك يتمسك حزب الله بهذا التفاهم تمسُكاً شبه أعمى، وفي بيانه أمس أثبت ذلك بينما بدأ التيار العوني الطرف الثاني في التفاهم يكتشف ثغرات هذا التفاهم بعد مرور 12 عاماً، وكان لرئيس التيار حديث لمجلة “ماغازين” أشار فيه إلى إخلال حزب الله بالبند الرابع المتعلق ببناء الدولة، وهو لو يُدرك عُمق الخلل في هذا التفاهم لتأكّد أنه لا يُمكن بناء دولة في وجود سلاح غير شرعي يفوق أحياناً السلاح الشرعي ويتّخذ قرارات مصيرية استراتيجية، وشنّ الحروب خارج لبنان وتنفيذ الغزوات داخله ، وكلّ ذلك خارج الأُطر الدستورية والشرعية والسياسية اللبنانية، لذلك لا بُدَ للطرف العوني في حال كان جاداً في إصلاح هذا التفاهم أن يُلغى أو على الأقل أن يُعدل البند العاشر الذي يُطلق الحرية الكاملة لسلاح حزب الله، وإلا فإنّ كل هذا الضجيج أو هذا النقد لعدم إقدام حزب الله على الإلتزام بالبند الرابع وسواه من الإتفاق يبقى كلاماً إنتخابياً مرحلياً وعابراً ليس أكثر”
*أجرت الحوار: نورا الحمصي

التفاهم الذي ينقض الدولة
الياس الزغبي/06 شباط/18
IMLebanon Team
لم تكن العودة إلى مناقشة “ورقة التفاهم” بين “حزب الله” و”التيّار العوني” ضروريّة، بعد ١٢ عاماً على توقيعها، لو لم تطرأ في الآونة الأخيرة إشكالات سياسيّة وطائفيّة بين طرفيها، توجب إعادة الإضاءة على سلبيّاتها وتناقضاتها، ليس فقط على مستوى النصّ بما فيه من فراغات وطنيّة وتضارب بين بنوده، بل أيضاً على مستوى الخلل في التطبيق والممارسة.
وأوّل ما يثير الانتباه في الذكرى الثانية عشرة لتوقيع “الورقة”، موقف أحد طرفيه، الطرف العوني، الذي يأخذ على طرفه الآخر، “حزب الله”، إخلاله بتطبيق البند المتعلّق ببناء الدولة (البند الرابع) بحجّة “الاعتبارات الاستراتيجيّة”، وفق ما جاء في حديث رئيس “التيّار” لمجلة “ماغازين” (٢ شباط ٢٠١٨).
وفي الواقع، تبدو استفاقة الطرف المعترض على هذا الإخلال متأخّرة كثيراً ومن خارج سياق نصّ الورقة، لأنّ البند العاشر الأخير الموضوع تحت عنوان “حماية لبنان وصيانة سيادته واستقلاله” ينقض البنود السابقة، لاسيما منها بند “بناء الدولة”، بحكم إقراره بدور محوري لسلاح غير شرعي لا ينتمي إلى منظومة القوّات المسلّحة الشرعيّة للدولة وفق الدستور ومنطق السيادة.
وتزداد خطورة التناقض مع تخصيص البند العاشر سلاح “حزب الله” بصفة “الوسيلة الشريفة المقدّسة”، وبمهمّة حصريّة لحماية لبنان إلى أمد غير منظور مرتبط بعبارة “توافر الظروف الموضوعيّة” التي قد تسمح بالاستغناء عنه!
والخلل الأكبر في هذا البند يكمن في تغييب أيّ ذكر للجيش اللبناني في حماية لبنان، والاكتفاء بإشارة عابرة وغامضة إلى وضع “استراتيجيّة دفاعيّة”.
فلا يحقّ، والحالة هي هذه، للطرف العوني الاحتجاج على “حزب الله” بعدم المساعدة في بناء الدولة، لأنّ من تُطلق يده في القرار الاستراتيجي وحماية لبنان وشنّ الحروب في الداخل والخارج، لا يُلام على إخلاله بالتزامات البناء.
ومن يلتزم الصمت على خرق سيادة الدولة تكراراً باستقبال قيادات ميليشيويّة غريبة، والتلويح باستقدام حشود المقاتلين الأجانب، والتسليم بضعف الجيش وضرورة “المقاومة”، والحاجة إلى سلاح “حزب الله” حتّى تنتهي “أزمات الشرق الأوسط”، لا يحقّ له التساؤل عن تقصير هذا الحزب في تطبيق بند رابع عابر وتجميلي في ورقة جرى تطريز بنودها التسعة في خدمة هدف وحيد هو بندها العاشر.
ثمّ إنّ تغطيات “التيّار العوني” لكلّ ما قام به “حزب الله”، من انقلاب كانون الثاني ٢٠٠٧ إلى الاعتصام وتطويق السراي واجتياح بيروت وأطراف عاليه وانقلاب “القمصان السود” وإطاحة حكومة الحريري والانخراط في حروب سوريا والمنطقة بعد ال٢٠١٢ وشنّ الحملات على دول الخليج… كلّ ذلك يناقض تماماً مسألة بناء الدولة وسيادتها واستقلال لبنان.
وإذا كان لا بدّ من نقد أداء “حزب الله”، فيجب أوّلاً نقد البنود المتضاربة في “ورقة التفاهم”، كعبارة “الدولة المدنيّة”، وطرح سؤال عضوي: هل يمكن بناء دولة مدنيّة بأحزاب دينيّة مسلّحة؟
وأبعد من ذلك، كيف يستطيع “تفاهم” حزبين كبيرين المساعدة على بناء الدولة بإنكار أسسها التكوينيّة أو إغفالها على الأقلّ؟
لم تأتِ “الورقة” على ذكر الشرعيّات والمواثيق التأسيسيّة للدولة اللبنانيّة، وأهمّها ميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربيّة، كما أغفلت ذكر القرارات الدوليّة الخاصّة بلبنان واتفاق “الطائف”، تماماً كما أغفلت ذكر الجيش اللبناني في حماية لبنان.
وبالمقارنة مع “ورقة معراب” الموقّعة في ١٨ كانون الثاني ٢٠١٦ بين “القوّات اللبنانيّة” و”التيّار العوني”، يظهر الفرق الشاسع في أسس بناء الدولة، فورقة معراب أثبتت في بنودها كلّ المرتكزات التي غيّبتها “ورقة مار مخايل”، خصوصاً السياسة الخارجيّة المستقلّة، ودور الجيش اللبناني في بسط سلطة الدولة، والتزام الشرعيّتين العربيّة والدوليّة.
وهكذا يتّضح أنّ اليقظة الطارئة على تقصير “حزب الله” في تنفيذ بعض بنود “الورقة” تأتي تحت تأثير عاملين مستجدّين: حُمّى الانتخابات، وتسليف الخارج ورقة اعتماد برسم المستقبل السياسي.
غير أنّ العيون السياسيّة الداخليّة والخارجيّة ترى بوضوح مدى الصبغة الاستهلاكيّة في الموقف العوني النقدي الطارىء وحقيقة خلفيّاته.
وبدلاً من أن يلوموا “حزب الله” على إخلاله ببند بناء الدولة، يجب أن يعترفوا بأنّ الخلل يكمن في نصّ “التفاهم” نفسه، وتحديداً في بنده العاشر الأخير الذي ينسف بالسلاح مفهوم الدولة.
وقد تبيّن بالملموس، ومع مرور الوقت، أنّ المفاوضات التي أدّت إلى وضع “ورقة التفاهم”، كانت فعلاً بين “فريقين متمرّن ومتمرّس”، وفق ما ورد في مقالتي النقديّة في صفحة “قضايا النهار” قبل ١٢ سنة.
ولعلّ الزمن وبعض النضج السياسي يفتحان الآن الوعي على فداحة الخطأ الذي ارتُكب.
ولم يكن استعجال “حزب الله” لإصدار بيان جديد يعلن فيه تمسّكه القوي ب”التفاهم” سوى إثبات على عمق الإفادة منه في تغطية سياساته المحلّية والإقليميّة، بينما ربح الفريق الآخر مكتسبات ومواقع حزبيّة وشخصيّة على حساب بناء الدولة وتكريس السيادة، الأمر الذي يشكو منه الآن.
ولا يغيّر أيّ بيان من الفريق الثاني يدعو إلى استكمال تطبيق البنود شيئاً في واقع “التفاهم” لأنّ الخلل موجود في أساسه غير القابل للتنفيذ.
ويبقى أنّ أيّ “إصلاح وتغيير” بين الطرفين يجب أن يبدأ من هنا:
إعادة النظر في “التفاهم” نفسه بهدف إصلاح الخلل وإعادة التوازن للدولة وأسس بنائها على قرار سيادي واستراتيجي واحد تحت شرعيّة مؤسّسات واحدة وجيش واحد.
أمّا الاحتجاج الانتخابي العابر فغبار في الريح.