العُهر في ذروته…. معزوفة “ما خلّونا” تجمع كل صفات الخبث والدجَل والنفاق اتيان صقر ـ أبو أرز/03 كانون الثاني/2022
سؤال: مين سرق صندوق البلديّي؟
جواب: هِنّي
سؤال: مين كسر مزراب العين؟
جواب: هِنّي
سؤال: و حاووز المي؟
جواب: هِنّي
سؤال: و مين عم يخلُف الناس ببعضا؟
جواب: هِنّي
سؤال: و مين المسؤول عن مشاكل الضيْعا؟
جواب: هِنّي
سؤال: مين يعني هنّي؟
جواب: هِنّي.
(حوار مستوحى من مسرحية بنت الحارس للأخوين الرحباني سنة ١٩٦٧)
هذه “الهنّي” تَختصر خُبث السياسة اللبنانية السائدة منذ عقود والمستفحلة في هذا الزمن النحس، يستخدمها الحاكم للتنصل من مسؤوليته عن فشل عهده وتحميله إلى الغير من دون تسمية هذا الغير، اي تجهيل الفاعل بقصد تشتيت المسؤولية وتضليل الناس والتشويش على الحقيقة.
اما دجَل السياسية اللبنانية فيكمن في لجوء الحاكم إلى استخدام اسلوب الندب في سرد الكوارث الضاربة في أرجاء الوطن بغية قطع الطريق على نقمة الشعب الطافح غضباً، والمزايدة عليه في تذمّره، وذلك من أجل إستدرار عطفه والتخفيف من نقمته المتصاعدة.
بينما النفاق السياسي هو عندما يأخذ الحاكم دور الشعب في طرح الأسئلة لكي يتفادى الإجابة عليها، خصوصاً حينما يكون الشعب في ذروة معاناته ومتعطشاً لسماع أجوبةٍ من الحاكم تحاكي وجعه لا أسئلة تزيدُه يأساً على يأسٍ… انه اسلوب ثعالب السياسة في لبنان غير المألوف في عالم التمدّن، أي أن يشكو الحاكم همّه للشعب في زمن أزماته الوجودية بدل ان يشكو الشعب همّه للحاكم.
أما معزوفة “ما خلّونا” فهي تجمع كل صفات الخبث والدجَل والنفاق ألمذكورة آنفاً، خصوصاً عندما يعترف الحاكم بعجزه عن إنقاذ بلده، ويدعه يغرق في جحيم الهلاك… ولا يستقيل ولو تلويحاً… لا بل تراودُه فكرة تمديد ولايته “اذا ما وافق مجلس النواب على ذلك”!!!
بعد كل هذا العُهر السياسي الفريد من نوعه، يتعجّب العالم في الشرق والغرب كيف وصل لبنان إلى قعر الجحيم بهذه السرعة القياسية…. ونحن نتعجّب لتعجّبه!!!
لبيك لبنان
اتيان صقر ـ أبو أرز