نص وفيديو/الياس بجاني: عيد الميلاد وواجب تكريم الوالدين. تكريم الوالدين المتساوي مع تكريم الله الذي هو أب سماوي لجميع البشر إلياس بجاني/ 25 كانون الأول 2023
مع احتفالنا اليوم بعيد الميلاد، ميلاد الرب المتجسد، والذي هو رمز مقدس للتواضع والحب والتضحية، يجب علينا التأكيد على أهمية احترام الوالدين، وتكريم تضحياتهم، وإظهار الامتنان والعرفان بالجميل لهم علناً بفخر وقناعة وصدق، وذلك من خلال الأفعال الملموسة وليس فقط الأقوال.
إن عدم القيام بواجبات العرفان بالجميل للوالدين، وخصوصاً في ذكرى الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، هو قمة في الجحود الفاضح والتمرد الوقح والضرب المتعمد لكل الفضائل الأخلاقية ولاحترام الذات ولقدسية الرب نفسه، الذي هو آب محب وغفور.
إن الجحود بحق الوالدين ولأي سبب كان هو عمل شاذ ومرّضي وغير إيماني، ومدان، وخطيئة مميتة، حيث أنه في زمننا الحاضر تتفشى هذه العاهة السلوكية بشكل لافت ومقلق للغاية.
من وجهة نظر دينية وإيمانية وفي مفاهيم كل الأديان فإن عمل الجحود بحق الوالدين هو مدان ومستنكر، وفي الإنجيل المقدس عشرات الآيات التي تسلط الضوء على أهمية تكريم واحترام الوالدين والعرفان بجميلهم.
يشدد الكتاب المقدس، وهو البوصلة الأخلاقية للملايين من البشر، على وجوب احترام الوالدين، وفي الوصايا العشر، تنص الوصية الخامسة صراحةً على هذا الواجب حيث تقول: “أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.” (سفر الخروج/20/ 12).تتجاوز هذه الوصية مجرد واجب احترام الوالدين والعرفان الكلي بجميلهم؛ إذ هي مرسوم إلهي يساوي بين تكريم الوالدين وبين تكريم الله نفسه. وكما هو وارد ودون لبس في التعاليم الدينية المسيحية، يقوم الوالدان بتضحيات عميقة من أجل أولادهم ويفنون أنفسهم من أجلهم، ولهذا يمجد وبجل الكتاب المقدس فضائل الحب النقي والتضحيات الوالدية. ومع ذلك، يشهد زمننا الحاضر كثر من الأبناء الذين تتميز ممارسهم بالجحود نحو والديهم في أوقات الحاجة، وهذا يبين نقصأ مقلقاً في مفاهيم الامتنان والعرفان بالجميل نحو والديهم. إذ يستفيد هؤلاء الأولاد من تضحيات والديهم، ولكن عندما يحين الوقت لرد الجميل أو التعبير عن الامتنان، تخيب آمال الوالدين بتصرفاتهم الجاحدة.
بعض الآيات الإنجيلية التي تدعو لاحترام الوالدين ولخدمتهم وللعرفان بجميل تضحياتهم
*”اِسْمَعْ لأَبِيكَ الَّذِي وَلَدَكَ، وَلاَ تَحْتَقِرْ أُمَّكَ إِذَا شَاخَتْ”. (سفر الأمثال 22/23 (العهد القديم). تؤكد هذه الآية على قدسية الحياة التي أعطاها الوالدين وتحذر من ازدراءهما في شيخوختهما.
*”سيكون الناس محبين لأنفسهم محبين للمال متعظمين مستكبرين مجدفين غير طائعين لوالديهم غير شاكرين دنسين”. (رسالة بولس الرسول الثانية لتيموثاوس 03/02 (العهد الجديد). تشير هذه الآية بشكل مؤثر إلى الجحود كصفة سلبية، محذرة من انتشارها.
*”فمن منكم، وهو أب، يسأله ابنه خبزا، أفيعطيه حجرا؟ أو سمكة، أفيعطيه حية بدل السمكة أو إذا سأله بيضة، أفيعطيه عقربا”. إنجيل القديس لوقا/11/11و12 (العهد الجديد). تسلط هذه الآية الضوء على الإمكانية الطبيعية للوالدين في واجب توفير احتياجات أطفالهم، مبرزة الطبيعة المحبطة للجحود.
من المؤكد أن الجحود يضرب نسيج العلاقات الأسرية المقدسة، وينتهك المبدأ الإلهي الداعي لتكريم الوالدين. ففي حين يضحي الوالدان بكل شيء من أجل رفاهية أولادهم، نرى للأسف أن بعض الأبناء يتعامل الأبناء مع والديهم باللامبالاة أو حتى بالازدراء والجحود.
أهمية الامتنان والعرفان بالجميل
إنه ومع تصاعد ظاهرة تآكل القيم الأسرية في المجتمع، تصبح العودة إلى المبادئ الدينية والإيمانية والأخلاقية أمراً ملحاً وحيوياً. فوصية احترام الوالدين ليست مجرد اقتراح؛ بل هي مبدأ أساسي يعزز، ويرسخ عند الالتزام به، مجتمعاً متماسكاً ومتجذراً في عطايا الامتنان والرأفة والحب والعرفان بالجميل والاحترام الإلهي.
إن ظاهرة الجحود وعلى الرغم من تفشيها الكبير والخطير بين الأسر في زمننا الحالي، إلا أنها تبقى الشواذ وليست القاعدة كون العرفان بالجميل نحو الوالدين هو واجب مقدس ويتساوى مع رتبة احترام الله نفسه. يبقى أنه بالإيمان والمحبة والتضحيات يمكننا إعادة إشعال روح الامتنان والعرفان بالجميل، واستعادة قدسية العلاقات بين الوالدين والأبناء. فلنلزم عن قناعة وبصدق بنداء الكتاب المقدس الداعي للامتنان والعرفان بالجميل، مدركين ومقدرين التضحيات التي يقدمها الوالدان. إن تكريم الوالدين الأرضيين هو مساوي لتكريم ألآب السماوي الذي أوصانا به الكتاب المقدس في الوصية الخامسة من الوصايا العشرة.
*الكاتب ناشط لبناني اغترابي عنوان الكاتب الألكتروني [email protected] رابط موقع الكاتب الالكتروني على الإنترنت http://www.eliasbejjaninew.com