نبيل بومنصف/النهار: موارنة… ومقتلة ميثاقية؟

94

“موارنة”… و”مقتلة ميثاقية”؟!
نبيل بومنصف/النهار/04 كانون الأول/2023

في استعادة قسرية مشؤومة لتجارب الاختراقات والانتهاكات والفراغات في المواقع الدستورية ، رئاسية كانت على مستوى الرئاسات الثلاث ام في مناصب عليا مدنية وعسكرية في الدولة، ليس ثمة سابقة سبقت او “ستسبق” تلك الوافدة الينا بعد شهر وأقل من أسبوع في العاشر من كانون الثاني من السنة المقبلة.

ان تتهاوى المواقع “المارونية” الكبرى الثلاثة تباعا وتحدث خروجا او إخراجا للطائفة التي صنفت بانها كبريات الطوائف المؤسسة للكيان اللبناني، وسواء كانت تلك حقيقة مثبتة لا يرقى شك الى كل ما يمت بها من وقائع، ام انطوت على قليل من زهو ومباهاة بتاريخ ثقافي ووطني وقومي عريق، النتيجة واحدة لا ولن تحتمل جدلا. لم يسبق في تاريخ لبنان الكيان والنظام الدستوري منذ صار لبنان جمهورية ناجزة في الاستقلال الأصلي الأول عام 1943 ، ولا سبق حتى في عز حقبات الحروب الخارجية على لبنان، او إبان حروب القبائل الطائفية الأهلية فيه، ولا شهدت حقبة إعادة لبنان الى زمن ما سمي السلم الأهلي بعد التعديلات والإصلاحات الدستورية التي أدخلت على الدستور والميثاق في ظل ما اتفق عليه في مؤتمر “البرلمانيين” اللبنانيين في مدينة الطائف السعودية… ان “خرج” او “أخرج” الموارنة، المكون الأساسي في الجمهورية اللبنانية من مواقعهم الثلاثة الكبرى كما “سيحصل” في كانون الثاني المقبل.

ولعلنا لا نزيد “التحريض” رغم مشروعية وشرعية التحريض بالكامل في هذا السياق، على مواجهة هذا الخطر الزاحف بما يماثل الاهتزاز الأخطر ميثاقيا ودستوريا وسياسيا بالأخص وطنيا ودوليا، ان وقفنا مندهشين امام انخراط قاتل في مقتلة ميثاقية – دستورية عبر التسويق والتبرير لعدم تجنب الفراغ الحتمي في قيادة الجيش، المنصب الماروني الثالث الذي سيضرب بالفراغ بعد فراغ رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان.

ذلك انه من نافل القول ان المناصب الثلاثة هذه، اصطفاها “الميثاقيون الأوائل ” للموارنة كما اصطفوا الرئاستين الثانية والثالثة والمناصب الأخرى للمسلمين والمسيحيين الاخرين، بفعل وواقع كونها مناصب “وطنية” لجميع اللبنانيين وللدولة المدنية غير “التيوقراطية” في المفهوم التعددي الوطني لقيادة البلاد تحت اضطرار مماشاة تركيبة مزدوجة تحكم لبنان منذ نشأته. هي تركيبة التعايش والتكيف بين دستور مكتوب وميثاق عرفي اقوى من الدستور يتزاوج معه المدني والطائفي معا وكلما اختل مسار اهتز معه الاخر. ولذلك سيغدو مستحيلا ان تبقى نغمة الفراغات الاخذة بالتمدد على حساب مكون طائفي واحد، في اطار التسليم بالتبريرات الأكثر من مشبوهة لعدم التمديد لقائد الجيش في ظروف لا حاجة لاحد في الداخل والخارج ان يشرح خطورتها التي ستفوق بتداعياتها الأمنية والعسكرية والدستورية والسياسية كل ما سبق من تداعيات منذ بداية ازمة الفراغ الرئاسي ومشتقاتها.

اشد ما يثير السخرية حيال “موارنة نشامى” في تصدر المعركة لاحلال فراغ ثالث بالضربة القاتلة في قيادة الجيش والتسبب بإخراج الموارنة كلا من مواقع السلطة والدولة، إنهم يمضون في التورية على “الإنجاز” الإضافي الذي يهرولون اليه ضمن مآثرهم الطويلة التي يشهد لها انهيار لبنان، بنبرة ولغة القانون الدستور في ما يجيز ولا يجيز… طار لبنان برمته وصار تحت سنابك الخيل ولم يرف جفن لكل هؤلاء الغيارى على دستور شكلوا ويشكلون وسيشكلون تكرارا “الغطاء” لمخطط تقويضه فيما تزحف اخر حلقات المخطط المتعمد لتتويج الإنجاز الحاسم. فأين مجموع “المتفرجين” الميثاقيين من الاتي؟