السابع من أيار يوم عار أزاح الستار العميد الركن المتقاعد يعرب صخر/07 آيار/2023
شكل هذا اليوم نقلة” حادة في المشهدية اللبنانية وانحرافا” سلبيا” نحو ترسيخ لبنان ساحة سائبة لمحتل جديد خلف سلفه السوري الذي رحل قبله ببضع سنين، كانت بمثابة تأسيس الأرضية التي سيقف عليها هذا المحتل كوصي قهري.
مراحل تأسيسها بدأت عام ١٩٩٨ بتثبيت رئيس للجمهورية دمية مطواعة ومنقادة وتدجين رئيس مجلس نيابي للتغلغل عبرهما في نسيج الإدارة والمؤسسات. ثم شكل عام٢٠٠٠ بانسحاب الإسرائيلي سطوة” على الأرض وتمكنا” في غالبية ساحات لبنان. بقيت عقبتان رئيسيتان تمثلتا في شخصية الرئيس الشهيد الحريري العابرة للقارات، والقطب المسيحي الشعبي الوازن لضمه لصفوفه والارتكاز عليه للإمساك بما تبقى من الكيانية اللبنانية.
تمت إزاحة الحريري عن المشهد ٢٠٠٥ وبإزاحته انعدم أو ضعف التأثير السني وضعفت معه الروابط العربية والدولية بلبنان. تبع ذلك موجة اغتيالات للشخصيات الوطنية الواعدة والمفكرين والإعلاميين والقامات اللبنانية العالية المسيحية والمسلمة، ودفع بعضها للهجرة وترحيل العقول والأدمغة. تموز ٢٠٠٦ أتت لتكمل آخر مراحل تأسيس هذه الأرضية، وعبرها القفز فوق جريمة الاغتيال وتقزيم الحدث أمام هول الحرب. قبلها بقليل وبموازاتها تم استقدام الشخصية المارونية المثيرة للجدل ميشال عون، وبين ليلة وضحاها قلب هذا المذكور بندقيته ولحس كل خطاباته ومبادئه المعادية للسوري والإيراني موقعا” مع حزبللا عدوه بالامس وثيقة تحالف وتكامل استراتيجي، في سابقة مشينة وخطوة معيبة بينت وصولية وانتهازية وشوفينية وارتزاق هذه الشخصية التي انعدمت فيها كل مباديء الوطنية وجسدت أطماعا” فاشية مدمرة.
بذلك، تهيأت الأمور لهذا المحتل الجديد للسيطرة على القرار السياسي بالكامل، وبقيت عقبة بيروت العاصمة العصية الوحيدة وامتداداتها لبيروت الكبرى ووشائج اتصالها المركزي بكل لبنان. هنا بدأ تحضير الحجة وتجييش الحلفاء والدمى والمستزلمين والإعلام لحرف وخداع مشاعر جمهور “المقاومين” ومن لف لفهم. فكانت حجة “الدفاع عن السلاح بالسلاح” بعد قرار حكومة السنيورة والدفع الجنبلاطي نحو قطع وسائط الإتصال والإشارة الخاصة بهذه الميليشيا في بيروت والجبل وحرم المطار….فكانت ٧ أيار ٢٠٠٨ المشؤومة، التي كشفت وجه هذه الميليشيا التخريبي والمدمر التي ستأخذ لبنان مع حليفها العوني إلى الدمار والاندثار، ما لم نتدارك الوضع قبل جنوحه نحو المهلكة.
وهنا ايضا”، نشهد للتاريخ صلابة ونوعية رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي كان واعيا” لهذه الهجمة ولخطورة ما يحاك للبنان، لكنه ترك وحيدا” واستمر رغم حصار السرايا حتى آخر لحظة مفوتا” عليهم الإمساك الكلي بالقرار الوطني، مرغما” إياهم على شخصية رئاسية وسط /ميشال سليمان خلفت لحود الصورة التي سيحل محلها لاحقا” عون بنفس النهج الصوري والأسلوب التبعي المبايع لميليشيا الدويلة على ظهر الدولة.
٧ أيار ما هو إلا يوم عار كشف فيه الوجه القبيح، وبين للبنانيين دليلا” وخلق عندهم وعيا” أن ما تم تضليله به أنه مقاومة ما هو إلا إرهاب صريح، استغل الظروف ليسود بإسم المقاومة، وتمسكن ليتمكن، انتحل إسم الله وسلك مسلك الشر. تقوده أيديولوجيا لا تشبهنا ولا نشبهها في شيء، ثقافته غريبة ومدمرة، نبضه سلاح وحروب، نسيجه فكر مغلق ونهجه شمولي إلغائي لا يعترف إلا بنفسه.
كل ما يقوم به هذا الحزب هو تحت أنظار إسرائيل الفرحة المهللة لما يقوم به بجر لبنان المنافس الوحيد لها في هذا الشرق نحو طمس تاريخه وتشويه صورته وسمعته. اعلموا جيدا” أن بقاء لبنان بهذا الشكل هو مكسب لإسرائيل بأن يتحول من نظام ليبرالي ديموقراطي حر مصانة فيه حرية المعتقد والرأي، إلى نظام راديكالي شمولي مغلق لا تسود فيه إلا ثقافة السلاح والنزاع، لتبقى إسرائيل تحظى بالعطف الدولي والرأي العام العالمي معها ضدنا، لأننا ننضم إلى نادي الدول المارقة ومحور الشر….أليس في ذلك تحقيق لأمن إسرائيل!!! واعلموا ايضا” أن ٢٠٠٦ هي آخر الحروب المصطنعة، فمنها وصاعدا” أصبح المقاوم حرسا” لحدود مع من ادعى مرة” أنه عدوها، وأضحى خصما” للشعب اللبناني الذي يدعي في كل مرة أنه لعزه ونصره…..هزلت وساءت الوجوه وانقشع النور فكفاكم تغطية الشمس بالإصبع.
ومن الآن وصاعدا”: انعدمت البدائل وانتهت الحلول الوسط… كل من مارس الشأن العام فشل وانخذل وساهم بخوفه وتخليه بضياع السيادة فسادت الدويلة. وجلهم انغمس بالفساد حتى اذنيه وحما فساده تغطيته للسلاح اللاشرعي.
لم يبق إلا هؤلاء الثوار أشرف الناس من صنعوا ثورة ١٧ ت١ وهذا هو اليوم المجيد !!! فإلى الأمام: لا منقذ لنا إلا هذه الثورة ولا خلاص من أيام العار إلا بيوم قريب يسود فيه الأخيار والأحرار.