رسالة من المخرج والكاتب يوسف ي. الخوري إلى الأب البروفسور يوسف مونّس: يا ابونا مونس انا لا اعرفك
أب مونّس؛ انا لا أعرِفُك… الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/16 شباط/2023
استفقت من نومي يوم الأحد الماضي، ووجدت على هاتفي رسالة الكترونية من صديق مفادها أنّ مقالتي “حجمكم شخطة قلم رصاص بيد بطريرك ماروني” يتمّ التداول بها على بعض الغروبات، وهذه المقالة هي نفسها التي تعرّضت عام 2020 للتوقيف بسببها من قبل النيابة العامة التمييزيّة.
أرفق صديقي رسالته بـ screen shot للمقالة من أحد غروبات الواتساب، وقد لفتني أن إعادة التداول بها يجري بنسخة غير مأخوذة من صفحتي، بل بواحدة يُشار فيها إلى أنّها من كتابتي، لكنّها منقولة عن صفحة الأب البروفسور يوسف مونّس، وهو الأمر الذي أوضحت أكثر من مرّة علنًا، لاسيّما أمام المحقّقين في المباحث الجنائيّة، أنّه غير صحيح، وأنّ الأب المذكور لا يملك صفحة فايسبوك لتُنقل المقالة عنه.
في بادئ الأمر لم أعر أهميّة للموضوع، خصوصًا أنّها ليست المرة الأولى التي يُستعاد فيها التداول بهذه المقالة، غير أنّي جلست في فراشي أُعيد قراءتها كما وصلتني ولا أعرف لماذا. انزعجت كثيرًا ممّا أنا كاتِبه، وقلت بيني وبين نفسي إنّه بإمكاني اليوم أن أُعيد كتابتها بمضمون أقوى وأقسى من ذي قبل، لكن ما كُتب قد كُتب ولا داعي للعودة إلى الوراء.
ما هي إلّا ساعات قليلة حتّى بدأت المقالة تصلني من مختلف بلدان الأمريكيتين وأوروبا وأستراليا، وعاد التداول بها في لبنان أكثر من ذي قبل. حذّرني بعض الأصدقاء من أن تكون هناك نوايا مخبّأة خلف هذه الحركة، فقلت لأحّدهم “المهم هلّأ ما يتّصل فيّي الأب مونّس ويصير يضغط عليي تَ وضّح على صفحتي إنّو هوّي ما خصُّه بهاي المقالِه”. كان الأب مونّس ينزعج في كلّ مرّة تعود فيها مقالتي “حجمكم شخطة قلم…” إلى الواجهة، وكان يضغط عليّ لغسل يديه من مضمونها، وكنت استجيب لطلبه من باب الاحترام والمودّة وعشرة العمر التي قضيناها سويّةً.
أمس صباحًا، وكما توقّعت، اتّصل بي الأب مونّس، وقبل الـ “هالو” بادرته بالقول: “إذا كانت لديك مشكلة مع مقالتي لأنّ أحدهم زجّ اسمك عليها، فهذه مشكلتك أنت، أمّا أنا فمتصالح مع نفسي وأؤكّد على كلّ كلمة فيها، وقَوْل الحقّ لا يُخيفني ولا يُخجلني، وهذا ما أنت علّمتني إيّاه”. أجابني متذمّرًا: “يجب أن ننتهي من هذه المقالة، وعليك أن تبرّءني منها”. قلت: “ليس لك عندي بعد كلّ هذه الأيّام والسنين إلّا الطلاق بيننا، ونهائيًّا هذه المرّة”. وأقفلت الخط.
هو ليس الأب مونّس صاحب “الزنانير الجلديّة”. هو ليس نفسه الذي علّمني يومًا أن آخذ وقتي قبل الإقدام، ومتى أقدمت ألّا أتراجع حتّى لو كنت على خطأ. هو ليس نفسه الذي واجه أيّام الحرب زعيمًا ميليشياويًّا مدافعًا عنّي مهدّدًا؛ “إذا شعرة بتنزل من راسُه ما بتعرف شو بيصير فيك”. هو ليس نفسه الذي ظهر خمس دقائق فقط على شاشة التلفزيون الفرنسي، وكانت كافية ليقلب الرأي العام الفرنسي لصالح المقاومة اللبنانيّة. وهو ليس نفسه الذي كنّا نسمّيه “البونا العظيم” ووقف يوم عرسي واعظَا في الكنيسة قائلًا: “كان في عظيم واحد؛ البونا، صرنا اليوم تنين، يوسف ويوسف، مونّس والخوري.
الأب مونّس الذي اعرفه لا يُنكرني بعد أقلّ من ثلاث ساعات على انتشار مقالتي “حجمكم شخطة قلم رصاص بيد بطريرك ماروني”، لمجرّد أنّ الشيعة امتعضوا منها، والصحافة اتّصلت به للاستفسار.
أب مونّس؛ ما أنا كتبته هو كلمة حقّ، وتنصُّلُك منها هو إدانة لي واسترضاءٌ لحسن نصرالله الذي سيبني جمهوريته الاسلاميّة على أكوام زنانير الرهبان الجلديّة الممزّقة، وهو أيضًا تضامُنٌ مع أحمد قبلان الذي يرى بلبنان وديعة فرنسيّة للموارنة، وتضامُن مع حملات الممانعين الشيعة الذين يتّهمون بطريرك الموارنة بالعميل والصهيوني، ويغتصبون أوقاف الكنيسة في لاسا والضاحية، ويعتدون على أراضي المسيحيين في رميش.
أنا مقالتي موجّهة ضدَ حزب الله وسلاحه الخردة، وضدّ الشيعة الذين كانوا يهاجمون الثوّار وهم يجعّرون “تيعة تيعة”، وأنت، أب مونّس، بتنكّرك لي، وبالضغط عليّ لسحب مقالتي من التداول، تارة لأنّهم اتصلوا بك من مكتب نبيه برّي، وتورًا لأنّ مدّعي عام التمييز حقّق معك بشأنها، ومرّة لأنّ الشيعة لا تُرضيهم الحقائق التي في متنها…الخ… بتنكّرك لي تكون قد اخترت أعداء لبنان الخونة والمحتّلين للقرار اللبناني ووقفت في صفّهم.
أب مونّس، أنا لا أعرفك، وزنانير الرهبان الجلديّة إلى التراب. انتهى.